العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ

لم أتوقع كل هذه الردود الإيجابية

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

لم يزايد من قال إن الأفكار الإيجابية كالشجرة الطيبة المثمرة لا تكف عن ضخ الخير والعطايا والثمار في المجتمع، وان آثار هذه الأفكار لا يقف عند ثمارها وظلالها فقط، بل يمتد ليشمل تشجيع الآخرين على الغرس والبذر والعطاء، أقول هذا الحديث بمناسبة ردود الفعل القوية التي تلقيتها، منذ أن أعلن مركز فاروق المؤيد لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن انطلاق المرحلة الثانية من المشروع، التي تشمل إقامة مركز صحي يشتمل على مجموعة من العيادات الطبية المتخصصة المجهزة. حقيقة لم أكن أتوقع حجم التفاعل الإيجابي مع الخبر الذي نشر في أغلب الصحف المحلية تقريبا، رغم أن المشروع لم ير النور بعد، ومن المقرر افتتاحه خلال أبريل/ نيسان المقبل، الاتصالات لم تنقطع بي ولا بمقر مركز فاروق المؤيد لتنمية المؤسسات الصغيرة، ولا حتى بالسيد فاروق المؤيد راعي هذه الفكرة الطيبة ومتبنيها... عدد كبير من رجالات ونساء البحرين يطلبون المشاركة أو التبرع بالجهد أو بالمال أو بالوقت.

المركز باختصار شديد فكرة رائدة ستوفر العيادات لعدد كبير من الأطباء والاستشاريين الذين يقضون فترة للعمل داخل المستشفيات الحكومية ثم ينطلقون إلى أعمالهم الخاصة، وسيكون هذا المركز بمثابة «حاضنة» لأعمالهم لمدة عام أو اثنين على الأكثر من خلال عيادات خاصة مجهزة تتوافق مع اشتراطات وزارات الصحة والبلديات والبيئة وغيرها، هدفها أن توفر عليهم بعض التكاليف، ومن ثم ينطلقون منها لتأسيس عياداتهم أو مستشفياتهم الخاصة.

هذا المشروع المتميز ليس الغرض منه مساعدة الأطباء الشباب فقط، ولكن سيكون له عوائد مباشرة على المواطن البحريني والمقيم أيضا، لأنه سيتم التنسيق مع الأطباء العاملين بالمركز لتقديم الخدمات الصحية لرواده بأسعار مناسبة تتلاءم مع القيمة «الرمزية» للإيجارات التي يدفعونها، والتي في الغالب ستكون بمثابة رسوم صيانة ونظافة ليس أكثر.

وبالتالي فإن المركز الذي يقدم مساعدة حقيقية لقطاع اقتصادي مهم وهو القطاع الصحي، ضرب عصفورين بحجر واحد؛ فلم يستثن المواطن البحريني والمقيم من المعادلة، وعمل على أن يستفيد كلاهما من الأسعار الرمزية التي ستقدم بها الخدمات، وبالتالي تتحقق فائدة شاملة لجميع عناصر الدولة.

والواقع أنهما ليسا عصفورين، بل العديد من العصافير، لعل أبرزها هذه الروح البحرينية الجميلة التي طغت بكل قوة على الساحة، ثم توالت الاتصالات من كرام العائلات البحرينية الذين لهم باع طويل في أعمال الخير، يعرضون المشاركة أو التوسيع أو التطوير، أو ما تشاء إدارة المشروع من دعم ومساندة.

بل وصل الأمر أن اتصلت من خارج البحرين بإدارة المركز مجموعة من المؤسسات الخيرية العالمية التي تود دعم المشروع بالأجهزة والمعدات الطبية اللازمة وعلى أحدث مستويات، وبما تفوق كلفته مئات الآلاف من الدولارات.

وفي الحقيقة كانت التفاعلات أكبر من المتوقع بكثير، وبقي في ذهني سؤال مستمر... لماذا؟ وبطبيعة النفس البشرية التواقة للمعرفة، كنت أتوجه بالسؤال ضمنيا أو صراحة لكل متصل... ماذا أعجبك في المشروع ودفعك للحديث والتبرع وتقديم يد المعونة؟

ورأيت أن أغلب الإجابات تمحورت حول «نوعية الفكرة» وحداثتها وجديتها، الفكرة التي جعلت من أموال الخير مركزا لخدمة الاقتصاد والمجتمع في نفس الوقت بتشغيل الأطباء ومنحهم فرصة للاستقلال عن القطاع الحكومي، وفي نفس الوقت تقديم الخدمات الطبية للمواطنين والمقيمين (دون تفرقة أو تمييز) بأسعار معقولة ومناسبة جدا ولن نقول مجانية أو رمزية. ثانيا لأن الفكرة حديثة، فقليل من المشروعات تتوجه لدعم الأطباء ومساعدتهم، وهو ما دفع عددا كبيرا من الأطباء للاتصال دعما لزملاء المهنة من الصغار الذين لايزالون يتحسسون الدرب الطويل الشاق، وفي الواقع ان هذه المهنة السامية تحتاج دائما للدعم، وأن يكون الطبيب متفرغا لعمله وعطائه الإنساني، بعيدا عن آليات الإدارة وتعقيدات المعاملات الإدارية، وهذا ما تقوم عليه الفكرة من حيث وجود إدارة متفرغة للتجهيز والإعداد، وبحيث يقتصر دور الطبيب على العلاج والتركيز في مهمته مع المرضى. ثالثا لأن المركز سبق له أن قدم مشروعا ناجحا لبعض صغار الشركات، واستطاع أن ينهض بالعديد منها ويوفر لها حلولا فعالة لمشاكلها، وهو ما أعطى مصداقية لعمله وقدرته على الإنجاز. رابعا وأخيرا -وأنا ما وددت أن أذكره في بداية الأسباب عمدا؛ حتى لا أتهم بالمجاملة أو المحاباة- فلأن وجود اسم رجل أعمال ناجح وكبير مثل السيد فاروق المؤيد وتبنيه هذا العمل لا شك في أن له تأثيرا كبيرا على نجاح المشروع؛ لأن رجلا بهذه المكانة والخبرة لن يقبل أن يرتبط اسمه بمشروع فاشل أو على غير المستوى المطلوب.

في النهاية... أؤكد سعادتي بروح البحرينيين الأصيلة التي ظهرت جلية في دعم كل ما يتوقعون منه الجدية والفعالية والإيجابية في خدمة بلدهم وشعبهم، واعتقد أن إدارة المركز قادرة على تطويع جميع هذه المبادرات في خدمة الوطن وأبناء البحرين.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 4923 - الأحد 28 فبراير 2016م الموافق 20 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:03 ص

      مشروع أكثر من رائع

      لماذا ﻻ يتم تنفيذ نفس الفكره في مجال آخر مثل الزراعة أو فتح مشاريع حرفيه او تشجيع الشباب في فتح مشاريع صغيرة. و أخيرا شكراً للوجيه فاروق المؤيد

    • زائر 1 | 4:40 ص

      مشكور ياأحمد بن سلوم والشكر موصول لهذه العائلة الكريمة على نما تقدمه لأبناء البحرين الكرام من دعم ومساعدة في جميع المجالات

اقرأ ايضاً