العدد 4928 - الجمعة 04 مارس 2016م الموافق 25 جمادى الأولى 1437هـ

«الحرية في ساحة الكونغو»... «اثنان من الأصدقاء» و«الخطوة الأولى»

في انتصار الإرادة على التمييز والعنصرية والرِّق...

«الخطوة الأولى»
«الخطوة الأولى»

4 كتب استعرضتها ماريا روسو في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الثلثاء (10 فبراير/ شباط 2016)، الأول هو «الحرية في ساحة الكونغو»، للكاتبة والشاعرة والناقدة الأميركية من أصل إفريقي كارول بوسطن، و «اثنان من الأصدقاء» لدين روبنز، و«الخطوة الأولى» لسوزان غودمان، والرابع «أسرع طفلة في كلاركسفيل» لبات زيتلو ميلر، اخترنا تقديم الكتب الثلاثة الأولى. الكتب جميعها مُوجَّهة إلى الأطفال، وتتحدَّث عن قصص وشخصيات أحدثت تغييراً كبيراً في مجتمعاتها الأميركية، نضالاً وكفاحاً من أجل وضع حدٍّ لممارسات التمييز والعنصرية والعبودية. نقدِّم أهم ما ورد في المراجعة، مع هوامش ارتأى محرر «فضاءات» أهميتها.

وسط مناقشات ساخنة جرتْ مؤخراً بشأن الطريقة المُناسبة لعرض الواقع التاريخي الكامل لعبودية الصغار من الأطفال، صدر كتاب في الوقت المناسب متزامناً مع «شهر التاريخ الأسود»، هو بمثابة هدية رائعة، وتحمل الكثير من الدلالات والبلاغة. (شهر التاريخ الأسود هو ذكرى الناس والأحداث المهمةِ في تأريخ الشتات الإفريقي. يُحتفل به سنوياً في الولايات المتّحدة وكندا في شهر فبراير/ شباط.

الذكرى بُدِأت في العام 1926 مِن قبل المؤرخ كارتر ج. وودسون وسماها «أسبوع تاريخ زنجيِ». اختار وودسون الأسبوع الثاني من شهر فبراير لأنه يتضمن أعياد ميلاد أميركيين هما أكثر من أثر على الحياة والوضع الاجتماعي للأميركيين من أصل إفريقي وهما الرئيس الأميركي السابق إبراهام لينكولن وفريدريك دوغلاس المؤيّد لفكرة إلغاء الاستعباد أو الاسترقاق.

أَسّس وودسون أيضاً جمعية لدراسة الحياة والتأريخ الزنجيِين المسماة الآن جمعية دراسة الحياة والتأريخ الأميركي الإفريقي)، الكتاب على اتصال والتحام دائم بكل المعاناة الإنسانية، من الظلم الناتج عن العبودية، والقوَّة إلى إنجازات البشر الذين تمَّ استرقاقهم.

في الكتاب تسجيلٌ ليوميات صِيغت بأسلوب شعري. بقوافٍ - كي نكون أكثر تحديداً - وبشكل يذهب في اتجاه تنازلي/ عكسي في تسجيل تلك اليوميات والأحداث التي تبدأ من يوم الاثنين وتنتهي عند يوم الأحد، وتروي أول الأمر السماح لعبيد نيو أورليانز بالانضمام إلى السُّود الذين تم تحريرهم، في ساحة الكونغو؛ حيث تنظمُّ جلسة مليئة بالبهجة تتخلَّلها الموسيقى والرقص والعلاقات الاجتماعية وكذلك التجارة، حُدِّد لها بعد الظهر توقيتاً. «في أيام الاثنين، هنالك خنازير في طريقها إلى الاندلاق في الوحْل/ فيما البغال للترويض، وتقطيع الجذوع/ لم تكُ هناك أوْجه عادلة في الرِّق/ ستة أيام أخرى إلى ميدان الكونغو «كدْح الرجال والنساء له القدْر نفسه من الاهتمام: «يوم الأربعاء، هنالك أسرَّة في انتظار أن تُصنع/ وفضَّة كي تتألَّق، وعجين كي يُخبز/ والسوْط اللعين، أكثر مما يمكن تحمُّله/ أربعة أيام أخرى إلى ميدان الكونغو. يساعد فن أ. آر. كريستي بالرسوم التوضيحية للكتاب، على التقاط الأنفاس، كما هو الحال دائماً، في رؤية وتوجُّه لربط ودمج الفن الشعبيِّ بالإيماءات الحديثة والأنيقة مع ديناميةٍ رشيقة تستدعي إلى الأذهان الفنانيْن يعقوب لورانس وبيني أندروز.

«اثنان من الأصدقاء»

كاتب الأطفال الأميركي دين روبنز، يذهب إلى التاريخ في استلهام قصة الناشطينْ في مجال الحقوق المدنية سوزان بي أنتوني وفريدريك دوغلاس اللذين كافحا من أجل وضع حدٍّ للتمييز العنصري والعبودية، حيث قام فريديريك بزيارة إلى منزل سوزان بي أنتوني. تلك الزيارة هي محور هذا الكتاب الساحر حول تقاطعات حقوق المرأة من جهة، وحقوق الأميركيين الأفارقة من جهة أخرى. يقدِّم روبنز في كتابه هنا نضال كل من فريدريك وسوزان، وكأنهما مختلفان، ولكنهما متوازيان - كل شخصية تاريخية تتساءل لماذا لا يحظى بنو جنسه بـ «الحق في العيش بحرية. الحق في التصويت».

بعد ظهر يوم مكسوٍّ بالثلج، يجلسان لاحتساء الشاي وتناول قطعة من الكعك أمام المدفأة، ويعِدان بمساعدة بعضهما بعضاً، كفاحاً من أجل العدالة. فريق الرسوم التوضيحية، الزوجان كوالس وألكو أضفيا مزيجاً جميلاً على العمل، اللوحة الخضراء كانت بمثابة طبقة أنيقة على توازٍ مع فنيّة النص، مع انهمار فاخر للمفردات والقصاصات المكتوبة بخط اليد، أحيطت بطباعة مشوَّشة.

يُشار هنا إلى أن شخصية الكتاب الأولى فريدريك دوغلاس، ولد في 14 فبراير/ شباط 1818 في ماريلاند، وتوفي في 20 فبراير 1895 في العاصمة (واشنطن)، كان رقيقاً سابقاً، ثم أصبح فيما بعد كاتباً وأحد دعاة التحرير من العبودية والدفاع عن حقوق السود.

في العام 1845 نشر دوغلاس كتاباً بعنوان «قصة حياة فريدريك دوغلاس». وفي العام نفسه سافر إلى إنجلترا، لكنه عاد مرة أخرى إلى الولايات المتحدة في العام 1847 وأسَّس صحيفة أسبوعية سمَّاها «نجمة الشمال» والتي تم تغيير اسمها فيما بعد إلى «ورقة فريدريك دوغلاس».

في العام 1881 عيَّنه الرئيس الأميركي جيمس غارفيلد مارشالاً ومسجلاً عقارياً لمقاطعة كولومبيا، ثم أصبح بعدها وزيراً مفوضا في هايتي.

وبالنسبة إلى سوزان أنتوني، فقد ولدت في آدامس، بولاية مساتشوستس، وترعرعت في منزل صاحب أعمال ناجح من طائفة الكويكرز المسيحية ومن المنادين بإلغاء الرقّ. كانت طفلة موهوبة بحيث أنها كانت تستطيع القراءة والكتابة في سن الثالثة.

عملت بكفاح في سبيل تأمين حقوق النساء في الاقتراع، وذلك من خلال منظمات قومية وجولات ومحاضرات في ولايات شرقية وأقاليم في الغرب الأميركي.

في العام 1888 أنشأت المجلس النسائي الدولي، وفي العام 1904 شكَّلت التحالف الدولي لحقوق النساء في الانتخاب، فارتقت بنضالها إلى الصعيد الدولي وعقدت لقاءات في لندن وبرلين. توفيت في العام 1906.

«الخطوة الأولى»... محاكمة العَزْل

في العام 1847، ثمة فتاة أميركية من أصول إفريقية تدعى سارة روبرتس، ترتاد مدرسة في بوسطن. ذات يوم طُلب منها التوقف عن ارتياد المدرسة، لتعذُّر دراستها في المكان نفسه. كانت لا تنتمي في صورة فاقعة إلى المكان كون مدرسة أوتيس، مخصَّصة للأطفال البِيض.

في هذا الكتاب فصل معروف في التاريخ الأميركي، من خلال سرْد واحدة من القصص التي تحدث لطفلة في وسط مبْتلى بالتمييز والعنصرية. القصة تقدم جانباً من نضال وكفاح أطفال من أجل حقهم في التعليم، وعلى قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال الذين يختلفون عنهم في لون البَشَرَة، هي قصة يتم إحياؤها في هذا الكتاب، الذي يبيِّن جوانب من عملية التغيير التي تسير ببطء فادح.

يتم إرسال سارة إلى مدرسة تنتمي إليها بحسب تصنيف ذلك الوقت. مدرسة للسود، معية كتاب واحد، ومن دون ساحة للعب في المدرسة المذكورة.

تقدَّم والداها بشكوى، رفعا على إثرها دعوى قضائية أحيلت إلى المحكمة العليا في ولاية ماساشوستس. خسر الوالدان القضية، ولكن وبحسب صياغة غودمان «كل تغيير كبير لابد أن يبدأ في مكان ما». بعد خمس سنوات، تم دمج المدارس في بوسطن، وعلى مقربة من قرن بعد ذلك، سيتعلم القرَّاء الصغار، بمجيء ليندا براون البالغة من العمر 8 سنوات، والتي أسهمت قضيتها في المحكمة في دمج جميع المدارس في البلاد. عمل إي. بي. لويس بالألوان المائية على التقاط العاطفة من التاريخ بذكاء واضح، ويمثل هذا الكتاب تذكيراً وإلهاماً فيه الكثير من البلاغة مفاده أن «المسيرة نحو العدالة طويلة، ورحلة فيها الكثير من المنعرجات».

«الحرية في ساحة الكونغو»
«الحرية في ساحة الكونغو»




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً