العدد 4930 - الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ

استنهاض الطاقات

محمد عباس علي comments [at] alwasatnews.com

عضو سابق في مجلس بلدي المحرق

من المُسلَّم به أن العقل البشري هو من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى علينا، فبه مُيز وكُرم بني آدم على بقية المخلوقات المختلفة، فهو نعمة عظيمة وجب شكره سبحانه عليها، ليس بالقول فقط، لكن الأهم بالأفعال، وذلك من خلال توظيف هذه النعمة للقيام بكل ما يرضيه سبحانه من أعمال تهدف إلى عبادته الخالصة وعمارة الأرض، وذلك من خلال استنهاض هذه الطاقات وتوجيهها لنفع البشرية، لنسعد في الدارين.

كما ان الكسل والتسويف والتقاعس والاتكالية والركون إلى الواقع المجحف الذي تفرضه أحيانًا بعض الظروف غير المواتية والاستسلام لها، هي بالتأكيد من الأمراض القاتلة للطاقات الكبيرة التي أودعها الله سبحانه وتعالى فينا كبشر. وعليه وجب استنهاض هذه الطاقات الكامنة من خلال تشجيع أفراد المجتمع، وخاصة الناشئة منهم ومنذ نعومة أظفارهم على ان لديهم طاقات كبيرة وعظيمة، سواءً عقلية أو جسمية أونفسية... الى آخره من قدرات وطاقات، والتي قد لا يتخيلون مداها، ليس فقط من خلال الأقوال، بل من الأهمية أن تكون للأقوال مصاديق عملية يمكن ملاحظتها وقياسها والبناء عليها، وذلك بوضعهم في مواقف مختلفة موجهة يعتمدون فيها على أنفسهم، ويستخدمون فيها مهارات التفكير المختلفة بجميع مستوياتها. والحديث هنا يشمل المنزل والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني التي يجب أن تسهم وبشكل مدروس وواع في إتاحة هكذا فرص حتى يسهموا في خلق أجيال قادرة على استغلال بعض طاقاتها الكامنة.

وإنه بالنظرة السريعة إلى تاريخ البشرية سواءً كقصص نجاح على مستوى الأفراد أو الشعوب، سنجد أن هناك عوامل مشتركة ساهمت بشكل أساسي في تقدمها بمختلف المجالات، والتي عمادها الفرد الواعي والحاصل على أرقى درجات العلم والمعرفة، والمؤمن بدوره الكبير، كلبنة في بنيان ورقي مجتمعه، من خلال العمل على تحقيق أهدافه التي وضعها، نصب عينيه، والتي يجب أن تشمل فيما تشمل تحسين الواقع في جميع مناحيه (الاقتصادية، والاجتماعية والعلمية،... الخ) وعلى جميع المستويات، بدءا من المستوى الفردي، والأسري والمجتمع الصغير كالقرية والمدينة وكله يصب بلاشك في علو ورفعة الوطن، وصولاً إلى الإسهام ما أمكن في رقي الإنسانية وتقدمها.

كذلك من الأهمية بمكان ملاحظة أن المتفوق الحقيقي (من ذكر أو أنثى) ليس فقط من يواصل تفوقه إذا كان في مقاعد الدراسة في كل عام دراسي وبمختلف المراحل الدراسية؛ بل أن يكون التفوق والنجاح في مختلف أوجه الحياة، ولو بدرجات متفاوتة. وأن تكون له بصماته ويسهم بشكل مباشر وغير مباشر في الأخذ بيد أقرانه وأفراد عائلته ومجتمعه إلى التفوق والتميز، وبذلك قد رسم مستقبله، كما أسهم بشكل كبير في رسم مستقبل أحبته وأقرانه ورفعة مجتمعه.

فالمتفوق الحقيقي هو من يستطيع أن ينشر هذه القيمة ويغرسها في نفسه وفي من هم حوله. وبذلك فهو يرسم البسمة على محيا أهله وأحبته، كما أنه بلاشك يكون أحد مشاعل الخير التي تضيء الطريق لمجتمعه ووطنه ليواصل مسيرة التقدم نحو غد (بإذن الله تعالى) أكثر إشراقاً وتقدماً.

كما أن من المهم التخطيط لرسم مستقبلهم الزاهر إن شاء الله تعالى. والذي يتطلب تحديد الأهداف الشخصية، والتوجهات المستقبلية. وكما يقول المثل الإنجليزي:

«If you don›t know the harbor you›re heading for, no wind is the right wind «. والذي ترجمته تعني «إذا لم تعرف الوجهة التي تقصدها، فليس هناك من رياح مواتية تساعدك في الوصول إلى وجهتك المنشودة».

فالتخطيط ووضع الأهداف يعد من الخطوات الأولى للصعود إلى سلم النجاح والتفوق، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك مجالات كثيرة ورحبة من التخصصات المختلفة الجديدة والتي قد تلبي الطموحات الشخصية، حيث يجد الفرد أنها تناسب قدراتهم وميولهم وتؤمن لهم حياة كريمة. فهي بالتأكيد لا تقتصر على تخصصات معينة كالطب والهندسة؛ بل في حال التفوق، تفتح الكثير من الأبواب، حيث هناك العديد من التخصصات المهمة، وذلك بحسب الميول والقدرات وما تتطلبه سوق العمل، الذي يتصف بالدييناميكية العالية والمرونة الكبيرة، والظروف المتغيرة، حيث كل ذلك يجب أن يؤخذ في الحسبان، حتى يتمكن الفرد من الوصول إلى المستويات العلمية والعملية الكبرى، من خلال استنهاض بعض من طاقاتهم الكامنة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"

العدد 4930 - الأحد 06 مارس 2016م الموافق 27 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:59 ص

      في البحرين تغييب ونفي للطاقات و المواهب

    • زائر 4 زائر 3 | 3:37 م

      إبراز الطاقات لنفسها

      لا شك أن الطاقات التي لا تجعل التحديات والمعوقات تشل من حركتها نحو الإمام ستثبت وجودها عاجلا أم آجلا ،من المهم جدا أن تكون للطاقات إرادة فولاذية في مواصلة الدرب ،وأن لا تسمح لليأس أن يثنيها عن تحقيق طموحها -شكرا لك دكتور على هذه الأفكار المفيدة جدا

    • زائر 2 | 1:01 ص

      شكرًا لك دكتور

      مقال جميل

    • زائر 1 | 12:21 ص

      شكرا لكم على طرح هكذا مواضيع. اتفق معك تماما بأن هناك طاقات كبيرة وقدرات عند الجيل الناشئ، ولكن يحتاج إلى رعاية واحتضان. وهناك تقصير واضح من الاطراف المختلفة.
      كما هناك من يحاول ان يضرب هذه الطاقات. وهذا عمل غير اخلاقي ولا وطني. فالجميع عليه احتضان هذه الطاقات.

اقرأ ايضاً