العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ

صنقور: الحرص على الوحدة الوطنية ضرورة... ويجب إبعادها عن المناكفات السياسية

الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد صنقور

شدد الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس (الجمعة)، على ضرورة الحرص الشديد على حماية الوحدة الوطنية، منبهاً إلى ضرورة العمل على توثيقها واعتبار ذلك من الغايات الوطنية السامية التي لا ينبغي أن تنال منها المناكفات السياسية.

وفي خطبته، قال صنقور: «فإنه ليس وراء مطالب الناس بمختلف شرائحهم ومواقعهم مطالب غير معلنةٍ، فكل ما يطالبون به قد جأروا به وأعلنوا عنه بمختلف الوسائل السلمية المتاحة، فمطالبهم تتمحض في إرساء العدالة الاجتماعية بما يضمن المواطنة المتساوية في مختلف شئون الحياة، السياسي منها والحقوقي والاقتصادي، فالدولة المذهبية بمختلف أشكالها لم تكنْ يوماً ما مطلباً من مطالب الناس، وليس عسيراً على أحدٍ التثبت والاستيثاق من صدقية هذا النفي وخلو الواقع بكل تفاصيله مما يقتضي خلاف هذا النفي، فالخطابات الشفاهية والمقالات واللقاءات وغيرها من وسائل التعبير موثقةٌ ومرصودةٌ.

فمن الميسور الوقوف وتحصيل اليقين بأن أحداً في ماضي الزمان وحاضره لم يطالبْ بدولةٍ مذهبيةٍ بل لن يجد من أحدٍ في أدبيات المعارضة على تنوعها والعلماء وعموم الناس ما يشير أو يشعر بذلك فضلاً عن عثوره على تصريحٍ يستمسك به لتبرير هذا الهاجس. فالاتهام بأن ثمة غايةً تكمن وراء ما يطالب به الناس من حقوقٍ لا يعدو المحاكمة للنوايا والابتزاز والذي لا يثمر إلا المزيد من الاصطفاف والشحن الطائفي، وهو ما يحرص الجميع على تجنبه والنأي بالنفس عنه».

وأضاف «فالذي ينبغي أنْ نكون عليه جميعاً هو الحرص الشديد على حماية الوحدة الوطنية والعمل على توثيقها واعتبار ذلك من الغايات الوطنية السامية التي لا ينبغي أن تنال منها المناكفات السياسية».

وواصل صنقور «من هذا المنطلق يحسن بنا التأكيد على أمورٍ طالما تم التأكيد عليها: الأمر الأول: إن المطالب الشعبية وطنية يعم نفعها - لو تم إنجازها -عموم أبناء الوطن من دون استثناءٍ، كما أن إنجازها يسهم في الإعلاء من مكانة الوطن في الأوساط الدولية. الأمر الثاني: إن الدعوة إلى احترام وحماية الشعائر الدينية لا تدخل ضمن المطالب المرفوعة، فهو أمرٌ قد أقره الدستور وفرض على الجميع العمل بمقتضاه، وقد تم تفعيله بحمد الله تعالى منذ عقودٍ طويلةٍ، فلا يسع من أحدٍ إلا احترام الشعائر الدينية لمختلف المذاهب التي يحتضنها الوطن والتي أقر الدستور باعتبارها مكوناً من مكونات هذا الوطن، فالدعوة إلى احترام الشعائر الدينية وحمايتها ليستْ إلا تذكيراً بما تم اعتماده وإقراره من قبل دستور البلاد، فلا ينبغي أنْ تستفز مثل هذه الدعوات أحداً من الناس أو من الدوائر الرسمية، كما أنه لا يصح تصنيف الدعوة إلى احترام الشعائر الدينية ضمن الخطاب الطائفي، فالخطاب الطائفي هو الخطاب المحرض على طائفةٍ أخرى، والخطاب الطائفي هو الخطاب الذي يزدري ويمتهن طائفةً أخرى، والخطاب الطائفي هو الذي يكيل التهم ويصنف الطوائف الأخرى ضمن دوائر هي بريئة منها، والخطاب الطائفي هو الذي يلقي بتبعات ما يقع خارج حدود الوطن على شركائه في الوطن لمجرد انتمائهم للمذهب ذاته الذي ينتمي إليه خصومهم السياسيون. ذلك هو الخطاب الطائفي، وأما الخطاب الذي يدعو إلى احترام الخصوصيات المذهبية وعدم التضييق عليها فهو ليس خطاباً طائفياً، ذلك لأنه حق يقر به الجميع، ويستند إلى المرجعية ذاتها التي تستند إليها الدولة بمختلف مؤسساتها وأجهزتها أعني دستور البلاد، على أن الدعوة لاحترام الخصوصيات المذهبية دعوةٌ لاحترام وتقدير كل المكونات المذهبية والدينية، فهي ليست دعوةً لاحترام خصوصيات مذهبٍ دون سائر المذاهب بل هي دعوةٌ لاحترام خصوصيات مختلف المكونات المذهبية في البلاد. فأين هي الطائفية في مثل هذه الدعوات».

وأشار صنقور إلى أن «المجتمع البحريني يتميز بالتنوع المذهبي، وذلك يقتضي بحسب الأعراف العقلائية والدولية استحقاق أتباع كل مذهبٍ الاحتفاظ بخصوصياتهم المذهبية والممارسة لشعائرهم الخاصة بمنتهى الحرية، وتبقى المشتركات الكثيرة والكبيرة كالأخوة الإسلامية هي الجامع الوطني بين مكونات المجتمع، على أن الممارسة للشعائر الدينية لكل مذهبٍ بحريةٍ تامة يعزز من روح التسامح والتفهم للتنوع والتعددية المذهبية، ويسهم في توثيق الأواصر وتأصيل ثقافة التعايش القائم على الاحترام المتبادل وذلك ما يرسم صورةً مشرقةً للوطن الذي يحتضن كل هذا الطيف المتنوع».

وأفاد صنقور بأن «الأمر الثالث الذي يحسن إيضاحه هو أنه ليس في الإسلام رجال دينٍ بالنحو الذي يشبه رجال الكنيسة، فهذا المصطلح وانعكاساته قد تسرب إلينا من الثقافات الأخرى وهو منافٍ في مضمونه وانعكاساته لما عليه الثقافة الإسلامية، فأبناء الإسلام رغم تفاوتهم في الوعي والعلم بتعاليم الدين ومستوى الالتزام بأحكامه إلا أنهم جميعاً مخاطبون بتكاليف مشتركةٍ ويحظون بحقوقٍ متساويةٍ لا يتميز فيها أحدٌ على أحدٍ ولا فئة على أخرى، نعم ثمة رجالٌ من المسلمين اختاروا لأنفسهم العكوف على دراسة وتحصيل العلوم الدينية كما اختار آخرون العكوف على دراسة علومٍ أخرى، فصار هؤلاء علماء فيما اختاروه من تخصصٍ، وصار العاكفون على تحصيل العلوم الدينية علماء في الدين لكن ذلك لا يميزهم عن سائر المسلمين فيما يلزمهم من فرائض وفيما لهم من حقوقٍ، نعم تمحض هؤلاء في دراسة العلوم الدينية فرض عليهم من قبل الشرع الحنيف مسئولية التعليم والإرشاد، وحيث إن تعاليم الإسلام وأحكامه تستوعب كل شئون الحياة لذلك تعين على علماء الدين التصدي لإرشاد الناس في مختلف شئونهم الحياتية المتصل منها بالشأن الخاص والمتصل منها بالشأن العام، فدور علماء الدين يتمحض في الإرشاد والتوجيه والنصيحة والدفاع عن حقوق الناس بالتي هي أحسن. وأما فيما عدا ذلك فشأنهم شأن سائر الناس فيما يلزمهم من فرائض ولهم ما لسائر الناس من حقوقٍ كحق التكسب وحق التعبير عن الرأي والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية وما أشبه ذلك، وأما تقدير الناس لهم فمنشأه تقديرهم لدينهم الذي يحمل هؤلاء شيئاً من علومه في أدمغتهم والإخلاص له في أفئدتهم والالتزام بأحكامه في سلوكهم».

العدد 4935 - الجمعة 11 مارس 2016م الموافق 02 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:57 م

      حفظكم الله ياعلماؤنا

      وجزاكم الله عنا خير الجزاء فرج اللهم عن جميع اﻷسرى ووفقنااا واياهم لمافيه الخير والصلاح

    • زائر 1 | 10:05 م

      شكرا

      نعم شيخنا.
      الكل يعلم أن أصحاب الحراك في بلدنا يطالبون بدولة مساواة في الحقوق والواجبات ولم يطالبوا يوماً بدولة طائفية ولا دولة ولاية فقيه.
      والذي يقول هذا الأمر يدعيه فقط للهروب من تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين وتبرير التمييز الطائفي والعنصري الموجود.

اقرأ ايضاً