العدد 4940 - الأربعاء 16 مارس 2016م الموافق 07 جمادى الآخرة 1437هـ

المخاوف الأمنية تقض المضاجع بالمدن الكبرى في تركيا بعد تفجير أنقرة

رئيس الوزراء التركي يضع علم لبلاده في موقع تفجير الأحد (رويترز)
رئيس الوزراء التركي يضع علم لبلاده في موقع تفجير الأحد (رويترز)

يعمل ابراهيم أوزجان منذ أكثر من 30 عاما في سوق السمك بشارع سكاريا الذي لا تهدأ فيه الحركة عادة في أنقرة ومع ذلك فهو لا يكاد يتذكر أن وقتا مر عليه كان فيه قلب العاصمة التركية بهذا الهدوء.

ويوم الأحد الماضي هز تفجير انتحاري مركزا لوسائل المواصلات على مسافة بضع مئات من الأمتار من الشارع وأسفر عن مقتل 37 شخصا وإصابة العشرات، وكان ذلك هو ثالث هجوم من نوعه في غضون خمسة أشهر في المدينة الأمر الذي دفع كثيرين من سكانها للبقاء في بيوتهم والامتناع عن المجازفة بالخروج.

وقال أوزجان (57 عاما) والسمك لايزال يملأ الكشك الذي يبيع فيه بضاعته في نهاية يوم كان من المفترض أن تكون فيه مبيعاته وفيرة "لم يأت أحد في الأيام القليلة الماضية. مبيعاتنا انخفضت بنسبة 60 في المئة... وبصفة خاصة لم يعد الشبان يأتون إلى سكاريا."
وفي العادة تنتشر الموائد على الأرصفة في شارع سكاريا وتكتظ بالطلبة والموظفين وقت الغداء وفي الأمسيات. لكن بعد يومين من التفجير الانتحاري لم يقدم الطعام لزبون تقريبا في المقاهي والحانات.
وقال مندريس كوركماز (42 عاما) الذي يملك مطعم كباب في الشارع في بداية فترة المساء "أنا هنا منذ عشرة أعوام. لم أشهد قط أياما بهذا الهدوء. في العادة لا ترى مائدة خالية في مثل هذا الوقت من اليوم."
وأعلنت الحكومة أن اثنين من أعضاء حزب العمال الكردستاني - الذي يشن حملة تمرد منذ أكثر من 30 عاما من أجل قدر أكبر من الحكم الذاتي للأكراد في جنوب شرق البلاد - هما المسؤولان عن تنفيذ التفجير الانتحاري الذي وقع يوم الأحد.
لكن جماعة (صقور حرية كردستان) التي تنشط في تركيا أعلنت اليوم الخميس (17 مارس/ آذار 2016) مسؤوليتها عن الهجوم وتعهدت بمواصلة ضرباتها ضد قوات الأمن.
وقال الرئيس رجب طيب إردوغان إن الهجوم لن يضعف عزم تركيا في محاربتها للارهاب. ووجهت الطائرات الحربية التركية ضربات لمعسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق بعد ساعات فحسب من وقوع التفجير وانتشرت الاشتباكات بين المسلحين وقوات الأمن في منطقة جنوب شرق البلاد.
وشهدت أنقرة واسطنبول عدة بلاغات كاذبة نتيجة للفزع الأمني وسط مخاوف من تكرار التفجيرات.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إنه تقرر إغلاق سفارة برلين في العاصمة التركية أنقرة وقنصليتها العامة في مدينة اسطنبول اليوم الخميس بسبب مؤشرات على هجوم وشيك محتمل.
وقالت الوزارة إنه جرى أيضا إغلاق مدرسة ألمانية في اسطنبول بسبب "تحذير غير مؤكد"، وأصدرت ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي تحذيرا لمواطنيها في أنقرة من "هجوم وشيك".
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن فاسيب شاهين حاكم اسطنبول قوله يوم الاربعاء "طلبي الأساسي من مواطنينا هو أن نتوخى الحرص والحذر واليقظة لكن ألا نسمح لأنفسنا بأن نصاب بالذعر."، وأضاف أن كل التدابير الممكنة تتخذ "على أعلى مستوى" لضمان الأمن.
حظرت السلطات في مدن من بينها اسطنبول وديار بكر أكبر مدن الجنوب الشرقي الذي يغلب عليه الأكراد الاحتفالات بعيد النوروز أي السنة الكردية الجديدة في 21 مارس/آذار.
وفي ذروة حركة التمرد الكردي في التسعينات كان هذا اليوم يشهد في كثير من الأحيان احتجاجات عنيفة من جانب الأكراد ويخشى كثيرون أن يتكرر ذلك الأسبوع المقبل بسبب تصاعد الاشتباكات في الجنوب الشرقي.
وقال حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في بيان صدر أمس الأربعاء (16 مارس/ آذار 2016)  إن "الجهود التي تبذلها الحكومة لمنع احتفالات النوروز ليست قانونية أو مشروعة، فالمشروع والصحيح هو الاحتفال بالنوروز مثلما كان الحال على مر آلاف السنين."
وأضاف البيان "سننفذ احتفالاتنا بالنوروز كما خططنا وأعلنا. وسيخرج شعبنا إلى الشوارع والساحات."
ويتزامن عيد النوروز مع بداية فصل الربيع وهي فترة كان مقاتلو حزب العمال الكردستاني يعودون فيها إلى تركيا من مخابئهم في الجبال بشمال العراق ويتصاعد فيها العنف.
وحذر الزعيم المشارك للحزب صلاح الدين دمرداش في وقت سابق من هذا الشهر من أن الاشتباكات قد تتصاعد في الربيع وتنتشر إلى مراكز عمرانية جديدة مشيرا إلى إعلان حزب العمال الكردستاني والحكومة عزمهما على تصعيد حملاتهما.
وبدأ هذا الخوف ينتشر خارج حدود المنطقة الجنوبية الشرقية.
وقالت موظفة متقاعدة بأحد البنوك في وسط أنقرة رفضت نشر اسمها لحساسية الحديث فيما يخص الصراع الكردي "القضية الكردية قائمة منذ مدة طويلة. وحزب العمال الكردي كان مصدر خطر دائما. لكن هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها هجمات من هذا النوع."
وأضافت "عشت في هذه المدينة 30 عاما ولم أشهد قط خمسة أشهر أصعب من ذلك... فأنا أنظر لكل سيارة مارة وأتساءل ما إذا كانت محملة بالقنابل. وطلبت من أولادي البقاء في البيت."





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً