العدد 4960 - الثلثاء 05 أبريل 2016م الموافق 27 جمادى الآخرة 1437هـ

بيع الروح!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لماذا يكون بيع الروح من أسهل الأمور التي نسمع عنها هنا وهناك؟ ما هو بيع الروح؟ نحن لا نستطيع تحديد الروح في الجسد، ولا نرى مكان الروح في هذا الجسد، وهناك من لا يؤمن بوجود الروح أصلاً، فما هي هذه الروح التي نتكلّم عنها؟

بيع الروح وجدناه واضحاً عندما يتخضّع البعض الضعيف إلى البعض القوي، وعندما يتنازل هذا البعض الضعيف عن كرامته ويتخلّى عنها، من أجل دنيا فانية مؤقّتة، ولا يدري بأنّه بتنازله عن هذه الكرامة، إنّما يرسم لنفسه ولأهله الذل والهوان.

الطاعة واجبة لمن يستحق هذه الطاعة، ولكنّها محرّمة لمن لا يستحق هذه الطاعة، وهناك من يعتقد بأنّ بيع الروح أمر سهل، وللأسف المجتمع أعطاه هذه السهولة، عندما نشاهد من باع نفسه أصبح في أعلى المراتب والمناصب، وهذا النوع من الأرواح يقتات على أذيّة الآخرين، بل الإيغال في إيلامهم!

تفرح هذه الروح الذليلة عندما يصبح من حولها مثلها، فهي عبدة خادمة ومطيعة، لا تقول (أف) ولا هم يحزنون، على عكس تلك الروح الراقية، التي ترفض الباطل، ولا تقبل الذل، ولا ترضى بغير العزّة، على رغم صعوبتها في هذه الدنيا.

بين بيع الروح وعدم بيعها طرق وعرة كثيرة، يدخلها الفرد لوحده، فهو يخلق مكانته واحترامه بين النّاس، وهو من يفرض الحديث عنه ببشاعة، مثل (البالوعة) أعزّكم الله، رائحة نتنة، وتبلع كل القاذورات.

كلمة حق عند أمثال هؤلاء لا تجدها عندما يتواجدون، ولكن تجد بينهم النفاق وكثرة الثرثرة فيما لا يفيد ولا يسمن من جوع، وأمرهم باطل من البداية حتّى النهاية، فالتحريض دينهم عندما يجدون مخلصاً يحاول النصح، والتخريب ديدنهم عندما يجدون أميناً يريد الاصلاح، ويبعدونه كل البعد فقط لأنّه لا يتجاوب مع نفاقهم وفسادهم.

لماذا هؤلاء يصلون بسرعة؟ ما الفرق بينهم وبين أضدادهم؟ وأين الخلل يا ترى؟ هل الخلل في ضعفهم وبيعهم لأرواحهم؟ أم الخلل في سكوتنا عنهم؟ أم الخلل فيمن يقرّبهم من أجل مآرب أخرى؟

ليعلم البعض بأنّ بيع الروح بهذه الطريقة، ما هي إلاّ عبودية جديدة لم نكن نعرفها في السابق، وحتى في الجاهلية لم تكن هذه الروح موجودة، فالعرب معروفون بالعزّة والكرامة والشهامة، وعدم الخنوع لمن يحاول التقليل من شأنهم.

بيع الروح هو العبودية بذاتها، وهو يدمّر نفسه قبل الآخرين وقبل الأوطان، لأنّ من يبيع روحه يبيع مبادئه، ومن يبيع روحه يبيع وطنه، فالدينار هو المحرّك الرئيسي لبيع الروح، وهو السلطة الحقيقية للأسف الشديد التي تخنع عندها كثير من الأرواح التي تُباع!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4960 - الثلثاء 05 أبريل 2016م الموافق 27 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:38 م

      موجود ومنذ الازل

      ان بيع الروح موجود منذ الأزل ...موجود طالما هناك من هو مستعد لبيع روحه لكل من يدفع الثمن ...ومشتري الروح دائما موجود والاختلاف حسبما أعتقد هو في قيمة البيع فقط. فبعض الناس أرواحهم رخيصة جدا فبمجرد أن يلوح إليه المشتري بورقة البيع حتي يسارع للقبول. ..وبعضهم يفاوض لسعر أعلي لادراكه بعظمة وحجم المهمة التي ستوك إليه في المقابل وفي جميع الأحوال هم جميعا في معرض البيع

    • زائر 5 | 10:06 ص

      مقال وزنه ذهب

      بكل صراحه انا من المتابعين لمقالاتك المربيه واقعا لنا كبشر منشدين للدنيا اختي الغاليه مريم هناك بائع ومشتري للروح الشهداء مثلا يبيعون أرواحهم لله والثمن الجنه وهناك من باع نفسه للشيطان والثمن النار والعياذبالله وما أجمل الذي يبيع روحه لله عزوجل

    • زائر 4 | 7:17 ص

      اذا اردتي انت تعرفي العزة والكرامه
      سالي عن الباكر والشملان والعليوات والجمري والشيخ عيسى قاسم

    • زائر 3 | 7:02 ص

      وحتى في الجاهلية لم تكن هذه الروح موجودة، فالعرب معروفون بالعزّة والكرامة والشهامة
      اوافقك الرأي

اقرأ ايضاً