العدد 4963 - الجمعة 08 أبريل 2016م الموافق 30 جمادى الآخرة 1437هـ

صنقور: الشعوب العربية تملك من الأهلية ما يمكّنها من رعاية حقوقها بنفسها

الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد صنقور

أكد الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (8 أبريل/ نيسان 2016)، على أن «الشعوبَ العربيَّةَ تملكُ من الأهليَّةِ ما يُمكِّنُها بكلِّ اقتدارٍ من رعايةِ حقوقِها بنفسِها ولو تعثَّرت في شأنٍ من شئونِها فذلك هو طبعُ الإنسانِ يخطو ويكبو، وكبوتُه هي سرُّ اشتدادِ أمرِه وكمالِ تجربتِه وقدرتِه بعدها على التخطِّي للعقباتِ بخطىً واثقةٍ».

وفي خطبته، قال صنقور: «إنَّ ثمةَ سؤالاً يُلحُّ على النفسِ والذهنِ هو أنَّه ما الذي ينقصُ الشعوب العربيَّة فيبرِّرُ حرمانَها من حقوقِها أو من أكثرِ حقوقِها السياسيَّةِ والإنسانيَّةِ؟، لماذا لا يتمُّ تمكينُها من حقوقِها؟، وما الذي يمنعُ مِن ذلك؟، هل هو الإنكارُ لكونِها حقوقاً مشروعةً لهم؟، أو أنَّ الشعوبَ العربيَّةَ مازالت قاصرةً، فهي مفتقرةٌ إلى وصايةٍ ومحتاجةٌ إلى أن تُدارَ شئونُها بإرادةِ غيرِها؟».

وذكر صنقور «لا يَظهرُ أنَّ الاحتمالَ الأوَّلَ هو السببُ في حِرمانِ الشعوبِ العربيَّةِ مِن حقوقِها، فوسائلُ إعلامِ الدولِ الراعيةِ لهذه الشعوبِ هي من أكثرِ وسائلِ الإعلامِ إشادةً بحقوقِ الإنسانِ، وهي من أكثرِ الدولِ رعايةً للمؤتمراتِ والندواتِ التي تنظِّرُ لحقوقِ الإنسانِ، وهي مِن أكثرِ الدولِ تمويلاً وتشجيعاً للشعوبِ الأخرى على اعتمادِ حقوقِ الإنسانِ قاعدةً للحكمِ في بلدانِهم، وهي مِن أكثرِ الدولِ استنكاراً على الدولِ الاستبداديَّة، وكلُّ ذلك يكشفُ عن أنَّ حرمانَ الشعوبِ العربيَّةِ من الحقوقِ ليس منشأُه الإنكارَ لكونِها حقوقاً مشروعةً لهم».

وتساءل «هل منشأُهُ دعوى الخصوصيَّةِ الثقافيَّةِ لهذه الشعوبِ أو أنَّ منشأَ حرمانِهم من حقوقِهم هو قصورُهم وعدمُ أهليتِهم للإمساكِ بزمامِ هذه الحقوقِ، فهم بحاجةٍ إلى عقودٍ طويلةٍ من الزمن وربَّما لقرونٍ لكي يكونوا في موقعِ الأهليَّةِ المصحِّحةِ لتمكينِهم من حقوقِهم. يظهرُ من أدبيَّاتِ العديدِ من المنظِّرينَ للحالةِ العربيَّةِ أنَّ الخصوصيَّةَ الثقافيَّةَ هي السببُ الذي يدفعُ بالمعنيِّينَ إلى الحيلولةِ دونَ اعتمادِ حقوقِ الإنسانِ قاعدةً للحكمِ، فالخصوصيَّةُ الثقافيَّةُ قاضيةٌ بأنْ تُدارَ شئونُ الحياةِ على ما كان عليه العربُ في عهودِهم الأولى، فذلك هو مقتضى الأصالةِ، إلا أنَّ ذلك لا يصحُّ فالأصولُ العربيَّةُ لا تقتضي حرمانَ الإنسانِ من حقِّهِ في العيشِ الكريمِ، ولا تقتضي امتهانَ الإنسانِ واستضعافَه أو التمييزَ بين أفرادِه وفئاتِه، ولا تقتضي الحجرَ على رأيِه والحيلولةَ دونَ تطلعاتِه، ولا تقتضي المصادرةَ لإرادتِه في إدارةِ شئونِه الخاصَّةِ والعامَّةِ، وإذا كانت الأصولُ العربيَّةُ تقتضي شيئاً من ذلك ممَّا هو منافٍ لمقتضياتِ الفطرةِ الإنسانيَّةِ فإنَّ الإسلامَ قد جاءَ ونسفَ كلَّ ثقافةٍ منافيةٍ لمقتضياتِ الفطرةِ، وفرضَ على الناسِ أصولاً هي من وحي الفطرةِ التي فطرَ اللهُ تعالى الناسَ عليها، فكان فيما فرضَه على الناسِ هو التعاطي في مطلقِ الشئونِ على قاعدةِ العدلِ والإنصافِ، لا يصحُّ أن يشذَّ عن هذه القاعدةِ من أحدٍ تحتَ أيِّ ذريعةٍ، وهذه القاعدةُ تختزلُ كلَّ الحقوقِ المُدرَكةِ للإنسانِ بمقتضى فطرتِه المجرَّدةِ من كلِّ الرواسبِ الثقافيَّةِ والتربويَّة».

وأضاف صنقور «إذا كان العدلُ والإنصافُ مُصحِّحاً لأحدٍ بأنْ يُعطيَ رأياً في شأنٍ من الشئونِ فلغيرِه ذاتُ الحقِّ غيرُ منقوصٍ، وإذا كانَ لأحدٍ الحقُّ بأنْ ينعمَ بمواردِ الأرضِ وخيراتِها فلغيرِه ذاتُ الحقِّ، وإذا كان العدلُ والإنصافُ مقتضياً لحرمةِ التعدِّي على خصوصيَّاتِ أحدٍ والتعدِّي على عِرضِه ودمِه ومالِه ومقدَّساتِه فلغيرِه ذاتُ الحقِّ على قدمِ المساواة، وإذا كانت المُساءلةُ والإدانةُ والرَّقابةُ من مقتضياتِ الحمايةِ لحقوقِ الناسِ فهي إنَّما تحمي حقوقَهم حينَ تكونُ ملزِمةً للجميعِ ويخضعُ لضوابطِها كلُّ الناسِ على اختلاف أقدارِهم ومواقعِهم الاعتباريَّة، وحين لا يُساءُ توظيفُها، فلا يُدانُ غيرُ المدانِ أو يُنكَّلُ بالمُدانِ بما يفوقُ إدانتَه أو يتمكنُ المُشتَبهُ في إدانتِه من الإفلاتِ من المساءلةِ الصادقةِ والإدانةِ لو ثبتَ بعد التحرِّي تورطُه».

ورأى أن «ذلك هو ما يقتضيه العدلُ والإنصافُ، وهو غيرُ منافٍ للأعرافِ والأصولِ العربيَّةِ، ولو كان شيئاً منه منافياً للأصولِ والأعرافِ العربيَّةِ فإنَّ الشعوبَ العربيَّةَ لا ترعى له أهميَّةً بعد منافاتِه لقيمِ الدينِ الذي فرضَ على مَن يدينُ به الإذعانَ لمقتضياتِ العدلِ والإنصافِ في مختلفِ شئونِ الحياةِ».

وقال صنقور: «إن دعوى قصورِ الشعوبِ العربيَّةِ وافتقارِها للأهليَّةِ المصحِّحةِ لتمكينِها من حقوقِها فهي دعوى كان قد روَّج لها الاستعمارُ حينَ كان يبتغي التمريرَ لمشاريعِه التوسعيَّةِ فتلقَّفها المُنتفِعونَ وعملوا على إعادةِ الصياغةِ لها بما يضمنُ لهم التحفظَ على امتيازاتِهم المباينةِ بطبعِها لمقتضياتِ الرعايةِ لحقوقِ الإنسانِ».

وأكد على أن «الشعوبَ العربيَّةَ تملكُ من الأهليَّةِ ما يُمكِّنُها بكلِّ اقتدارٍ من رعايةِ حقوقِها بنفسِها ولو تعثَّرت في شأنٍ من شئونِها فذلك هو طبعُ الإنسانِ يخطو ويكبو، وكبوتُه هي سرُّ اشتدادِ أمرِه وكمالِ تجربتِه وقدرتِه بعدها على التخطِّي للعقباتِ بخطىً واثقةٍ. وإذا كان البناءُ القبولَ بدعوى القصورِ والتذرُّعَ بها للإبقاءِ على فرضِ الوصايةِ فإنَّ هذه الذريعةَ لن يُكتبَ للشعوبِ العربيَّةِ الخلاصُ منها وللأبد، وسيجدُ أنصارُها ما يعزِّزوَن به صوابيَّةَ دعواهم لأنَّهم يتَّخذونَ من فشلِ بعضِ التجاربِ متنفَّساً ووسيلةً للإيحاءِ بأنَّ مصيرَ كلِّ أمةٍ فكَّرت في الخروجِ عن طوقِ الوصايةِ هو الفشلُ. وكأنَّ الفشلَ يُبرِّرُ الوصايةَ! أو كأنَّه نشأَ حصريّاً عن القصور! ولم ينشأ عن عواملَ مفتعلةٍ أسهمتْ في فشلِ تلك التجارب».

وفي موضوع آخر، قال صنقور: «يجدرُ بنا الوقوفُ عنده فهو قضية الشابِّ علي عبدالغني رحمَه اللهُ تعالى، وقد عزَّ علينا أنْ يلقى هذا الفتى والذي لم يتجاوزْ عمرَ الصبا هذا المصيرَ المفجِعَ، وكانَ المنتَظَرُ من المعنيّينَ التعبيرَ عن شديدِ أسفِهم ومواساتِهم لذوي الشهيدِ والمبادرةَ إلى تشكيلِ لجنةٍ ذاتِ مصداقيَّةٍ تُحقِّقُ في ملابساتِ هذا الحادثِ بما يضمنُ الحيلولةَ دونَ تكرُّرِه».

العدد 4963 - الجمعة 08 أبريل 2016م الموافق 30 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:42 ص

      الصورة قاتمة ، هذه الشعوب مخدرة منذ امد ، حب الدنيا طغى عليها ، قال الامام علي ( ع ) حيث ما تكونوا يُوَلّ عليكم ،، هذه الشعوب من المغرب العربي الى الخليج لم تقم بثورة حقيقية منذ سنين طويلة ، اما الربيع العربي فهو مشبوة ، فقد عمل الاعلام والقوى المهيمنة على تأجيج العواطف واستدراج الناس للشوارع لغاية في نفس الدول الاستعمارية بهدف تقسيم وتفتيت الوطن العربي ونهب ثرواته وقد نجح وعادت هذه الشعوب لقتال بعضها البعض وظهرت فيها جماعات الشذوذ الديني والاخلاقي والفساد الاجتماعي والسياسي

    • زائر 1 | 9:43 م

      لا اعتقد ذلك كل التجارب أدت لحروب اهليه و صراعات طائفية و فئوية و عنصرية اعتقد بعد ٢٠٠ سنه من الان ستصبح الشعوب العربية تأمن بالدمقراطية و الحرية و حرية الاعتقاد و مساوات الرجل و المرأة .

    • زائر 3 زائر 1 | 6:14 ص

      سطحية التفكير هي التي تجعل كهذا اعتقاد

      لماذا لا نزال نرى الظواهر و نغفل عن الحقائق و البواطن ؟؟؟ لم كل هذه السطحية في تصنيف الحروب التي لدينا و اسقاطاتها ؟؟

اقرأ ايضاً