العدد 4965 - الأحد 10 أبريل 2016م الموافق 03 رجب 1437هـ

نظام التراخيص الجديد... سرعة «الفيراري» وأزقة المنامة!

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

بدأت البحرين تطبيق نظام جديد ومتميز للغاية بخصوص تطوير نظام إصدار التراخيص التجارية (BLIS) الذي يأتي ضمن خطة طموحة يتبناها وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد الزياني للارتقاء بمستوى الخدمات في البحرين، وتعزيز المناخ الاستثماري لمملكة البحرين، والحفاظ على سمعتها الطيبة في مجال استقطاب الاستثمارات والمشاريع الإقليمية والعالمية المختلفة في ظل البيئة الاستثمارية الملائمة التي تتميز بها، والمظلة التشريعية القوية التي تعتمدها مملكة البحرين.

النظام بالفعل يوفر الوقت والجهد على المستفيدين؛ كونه يختصر عدد مرات تقديم الطلب لمرة واحدة فقط، وكذلك عملية دفع الرسوم التي يمكن إنجازها في خطوة واحدة لجميع التراخيص للجهات ذات العلاقة، بالإضافة إلى التنقل التلقائي للطلب من جهة إلى أخرى مع تحديد مدة زمنية للجهات تلتزم بها للرد على الطلبات.

لكن في الحقيقة، فإن الأمر يستدعي شيئاً من التريث والتوازن بين طموحات الوزير وما يجري على أرض الواقع، نظام التراخيص الجديد أشبه بالسيارة الفيراري أو اللامبورجيني التي تضعها في أزقة ودواعيس المنامة وتقول لها «انطلقي»، بالطبع لن تنطلق وربما ستعطل عشرات من السيارات خلفها.

النظام المميز الذي وضعه الوزير والذي أتوقع أن يحقق نقلة نوعية كبيرة على صعيد المعاملات التجارية واستخراج السجلات، لا يتماشى مع إمكانات الوزارات الأخرى وقدراتها وخاصة بعض الجهات التي لاتزال تسير على النظام القديم!

ولك أن تتخيل مدى تعقد وحجم شبكة المتعاملين والمتداخلين مع هذا النظام، عندما تعرف أنه عقد الوزير اجتماعاً تنسيقيًّا لمناقشة وتعريف مشروع تطوير نظام إصدار التراخيص التجارية»BLIS»، دعا إليه ممثلون عن كل من وزارة الداخلية، وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني، وزارة الصحة، وزارة التربية والتعليم، وزارة المواصلات، وزارة العدل والشئون الإسلامية، المجلس الأعلى للبيئة، وزارة العمل، وزارة الثقافة، المؤسسة العامة للشباب والرياضة، الهيئة الوطنية للنفط والغاز، مصرف البحرين المركزي، هيئة تنظيم الاتصالات، هيئة الكهرباء والماء، هيئة شئون الإعلام، وزارة الأشغال، وزارة التنمية الاجتماعية، الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، ولجنة المهن الهندسية.

وسنتحدث باختصار عن بعض المشكلات التي تواجه التطبيق، لعل الوزارة تسرع في إيجاد حلول لها قبل أن تتفاقم الأمور، على سبيل المثال توحيد الأنشطة ودمجها وهذا مجهود كبير يستحق الشكر، لكن ترتب عليه مثلا أن ترخيص الاستيراد والتصدير أصبح تحت عنوان «سجل بيع وتقديم الأغذية» وبناء عليه ستعترض البلديات مثلا على وجود مقرات شركات الاستيراد والتصدير القديمة في المباني المكتبية والإدارية، وستطلب منه أن يفتح محلا، وهو ليس لديه نشاط في هذا الشأن ولا يستدعيه، إلغاء كلمة (الاستيراد والتصدير) ستضعك في مشكلة أخرى مع مسئولي الجمارك الذين بالفعل بدأوا يطلبون من البعض تعديل أمور عديدة بناء على الوضع الجديد.

مشكلة أخرى متعلقة بالذين قدموا على سجلات في الفترة الأخيرة، وقبل صدور النظام وتفعيله، أغلب هؤلاء ألغيت طلباتهم داخل النظام بسبب «تغيير اسم النشاط» وأحيانا دمجه في أنشطة أخرى، بمعنى أن لديك نشاطا مثلا خاصّاً بتجهيز وجبات ساخنة تحصل على تأشيرة أو اثنتين له، فاندمج مع أنشطة أخرى في النظام الجديد وباتت جميعا نشاطاً، فتم إلغاء تأشيرات هذا النشاط، وبعض التجار بالفعل يجري عملية إحلال وتبديل في عمالته، فخسر تأشيرة العامل الذي سفره في حين أن العامل الوافد لم يصل بعد، وتأشيرته ألغيت في النظام!

هذا يجرنا إلى المشكلة الأكبر والأكثر أهمية وهو ما فعلته هيئة تنظيم سوق العمل، وأعتقد أن صراخ جميع تجار البحرين سيتعالى في الأيام المقبلة بعد أن يكتشفوا الإجراءات الجديدة بناء على هذا النظام الجديد الذي أعتبره مميزاً من ناحية الإجراءات والتنظيم، لكن ماذا فعلت الهيئة؟

في الواقع خفضت الهيئة من تلقاء نفسها عدداً ليس قليلاً بالمرة من التأشيرات بسبب الدمج الذي حصل في الأنشطة، وبدلا من أن تحتفظ بإجمالي العدد، تم تخفيض العدد النهائي للتأشيرات تحت اسم السجل، هذه مشكلة ستنتج عنها خلافات بالجملة في الفترة المقبلة في ظل المشكلات القائمة من الأصل مع العديد من الجهات الحكومية في جهة، والتجار في جهة أخرى.

الحل... سرعة التدخل من قبل الوزارة لتهيئة طرق المنامة أمام الفيراري المنطلق، من خلال ندوات تعريفية سريعة أو اتصالات مباشرة مع المسئولين لتعريفهم بهذه الأمور وحثهم على حلها بشكل سريع؛ لأن أبسط كلمة لدى موظف الحكومة «اعملها من جديد» وهذا ليس مقبولا ومضيعاً للوقت والجهد في وقت لا أحد يتحمل فيه حاليا أي خسائر إضافية.

المحصلة... ليس من المنطقي أبدا أن تنطلق سيارات الفورمولا في شوارع لا تزال تحتاج إلى إصلاحات كبيرة!

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 4965 - الأحد 10 أبريل 2016م الموافق 03 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:27 ص

      لازال التنسيق بين الجهات المعنية مفقود لذا يلزمك تقديم الطلب وانتظار موظف الجهة المعنية حتى يرد يوم او يومين ومن ثم الانتقال الى اللي بعده وان كان الرد سلبيا يلزمك الذهاب للاستفسار والعودة مره اخرى
      بإختصار نحتاج الى خط ساخن ولكن مفعل وتسهيل الاجراءات وتنسيق بين الوزارات

    • زائر 4 | 8:53 ص

      أي نظام في العالم لا يمكن أن يكون بلا وظيفة وبلا عناصر رئيسية وثانويه واخرى إحتياطيه! فالمسئول مسائل عن أخطاء ولكن المشكلة لا يسائل المسئول عن مسؤوليته كما لا يسائل المرخصون أي مجلسا الشورى والنواب عن عدم شروعهم في الواجباتن الرئيسية لهم وهي المراقبه والترخيص لأي جهه كانت! فهذان المجلسان معنيان بالترخيص وعدم الترخيص

    • زائر 3 | 2:17 ص

      أعتقد بأن النظام نظام طموح جداً، وبكل صراحة قمت بتجربته وكان فعالاً بشكل كبير. اختصر معاملتي التي كنت أقوم بها سابقاً في شهر إلى أقل من أسبوع دون أن أغادر مكتبي!
      حالياً موضوع دمج النشاطات كما يبدو هو تهيئة لفرض رسوم على النشاطات بالإضافة إلى السجل وكأن كل نشاط سجل منفصل. هذا أيضاً سيستدعي زيادة التكاليف على الشركات مما سيؤثر بلا شك في سعر المنتج النهائي.

    • زائر 2 | 2:05 ص

      أحسنت

      سلمت أناملك يا أستاذ أحمد، فقد أوصلت الرسالة واضحة ومفيدة ، بانتظار إجراءات سعادة الوزير.

    • زائر 1 | 1:10 ص

      دائما يعلنون عن خطة او مشروع دون دراسة كيفية تسيير هذا المشروع ولا توجد هناك نظرة مستقبلية لنتائج المشروع فيفشل كل شيء.

اقرأ ايضاً