العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ

فنون المحرق ونسيج بني جمرة تحت سقف واحد... ودعوات لإنقاذ ماضي الأجداد

في افتتاح مهرجان التراث السنوي 24 أمس

في مهرجان التراث السنوي في نسخته الرابعة والعشرين والذي اُفتتح أمس (14 أبريل/ نيسان 2016)، برعاية كريمة من الممثل الشخصي لجلالة الملك سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، تم عرض فنون المحرق ونسيج بني جمرة تحت سقف واحد وذلك مُجسداً في صناعة السلال و النسيج، جنباً إلى جنب الفنون البحرية المقدمة من قبل الفرق الشعبية،في الفعالية التي تقيمها هيئة البحرين للثقافة والآثار حتى (21 أبريل الجاري).

من جانبهم، طالب عدد من الباحثين والمختصين، في حديث مع «الوسط» خلال افتتاح المهرجان، بإطلاق حملة قومية تنقذ بها مملكة البحرين ماضي أجدادها التليد، وذلك عبر توثيقه وحفظه من الإندثار، والعمل على إيصاله للشباب وترغيبهم إليه.

إدارة المهرجان لـ «الوسط»: برامج تراثية للأطفال

وفي حديثها مع «الوسط»، تطرقت إدارة مهرجان التراث عن أجنحة المهرجان، فقالت «لدينا 31 مشارك رئيسي، تشتمل على الحرف المتنوعة، كالصناديق المبيتة والسلال والنسيج وورق النخيل والخطاط، إلى جانب 9 محلات صغيرة تشتمل على أنواع من الطبخات الشعبية، كالهريس والمضروبة. كذلك فقد ركزنا هذا العام على الشباب ممن يقدمون التراث البحريني لكن بطريقة حديثة».

وأضافت «لدينا كذلك فرقة شعبية بشكل يومي، بجدول يتنوع ما بين الفجري والفنون الشعبية كالليوة»، وتابعت «لدينا أيضاً ركن خاص للأطفال، ويقدم برنامج مكثف من عمر سنتين فما فوق، إلى جانب ورش العمل التي تقدم للطفل معلومات عن التراث البحريني كصناعة السفن، ونتوسع لتقديم قصص شعبية عبر مسرح العرائس».

واستدركت «برنامج منوع، لكننا نركز هذا العام في المهرجان على الأغاني البحرية التي تقدم مع أعمال تركيبية، وعدم الاكتفاء بالعروض الجامدة، حيث اعتمدنا لحظة دخول الزائر للمهرجان على الصوت الذي يروي الحكاية، مروراً بـ4 مراحل، تبدأ بتدشين السفينة، للفنون التي يقدمها البحارة، ثم ما يقدمه النساء لحظة غياب أزواجهن في الشهور الأربعة، وانتهاءً بالأغنية الشهيرة (توب توب يا بحر)»، وعقبت «نهدف من وراء ذلك، تعريف الشباب بهذه الفنون المتنوعة».

محافظ المحرق مخاطباً أهل القرى: وثقوا مساجدكم ومآتمكم

وعند محافظ المحرق سلمان بن هندي، كانت الوقفة لاستعراض ما تختزنه المحرق، «عاصمة الفن والثقافة والتعليم»، على حد توصيف بن هندي.

وفي ذلك، يقول «أمنيتي لهذه المهرجانات التي تحمل تراثنا العظيم، أن يكون للمحرق نصيب منها، فنحن نملك الكثير الكثير في بيوت المحرق والتي يمكن توفيرها في يوم من الأيام، لتحكي تاريخ عظيم، تاريخ الآباء والأجداد، وخاصة ما يتعلق بأمور الغوص وكل ما يرتبط بالفن»، مضيفاً «نأمل أن نقيم في الفترة المقبلة سوقاً أو معرضاً، دائماً أو سنوياً، نعرض فيه تراث أجدادنا والذي نعترف إزاءه بالتقصير، تحديداً فيما يتعلق بإبرازه للآخرين».

وتابع «المسألة بحاجة للتنظيم فقط، فالمواد متوفرة لدينا في كل بيت في المحرق من أدوات تتعلق بشئون الغوص وشئون البحرين».

وكشف عن نيته في المحافظة على إخراج فكرة المعرض أو السوق التراثي للنور، فالتخطيط لها مستمر في الوقت الحالي، وقال «نعمل على ذلك بالتعاون مع الجهات الأهلية التي بادرت بذلك».

وأثنى بن هندي على جهود رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، في حفظ التراث البحريني، بما في ذلك الفرق الشعبية القائمة اليوم على عناصرها الشابة التي تعلمت مهنتها من أبائها وأجدادها.

وأضاف «الخيمة هي عبارة عن بيت ضم مختلف أنواع التراث البحريني، بما يسهم في تعريف الأجيال الشابة»، مشدداً في هذا الصدد على أهمية التوثيق، وقال «للجهات المختصة وللبحرينيين كافة، انبه لضرورة الحفظ والتوثيق لتراثنا الذي نفقد منه كل يوم ما هو عزيز علينا، وخاصة في القرى، هناك حيث مساجدكم ومآتمكم وملابسكم وشخصياتكم، وعوائلكم، ومحاملكم، وثقوها قبل فوات الأوان».

الشيخ هشام بن عبدالعزيز: تفرحني الصناعات القديمة

من جانبه، نوه وكيل وزارة التربية والتعليم سابقاً، الشيخ هشام بن عبدالعزيز آل خليفة، إلى أهمية كل ما يتعلق بالتراث، وقال «نحن نعيش في عصر متسارع باكتشافاته التكنلوجية، وإذا لم يحافظ المرء على تراثه ولا يلقن أبناءه ذلك، فإن ذلك سينتهي بفقدان التراث لقيمته لدى الأجيال الشابة»، مضيفاً «لذلك فإن هذه المهرجانات تعبر عن خطوات هامة، وأملنا أن تجتذب إليها الشباب والأطفال، ليتعرفوا على تاريخهم وتراثهم».

وفيما إذا كان حديثه هذا يعني أن للمهرجان أدوار تتجاوز الدور الترفيهي، قال «الحياة في مختلف جوانبها، بما في ذلك الجانب التعليمي، قائمة على عنصري الفائدة والاستمتاع، وإذا أزيل هذا الأخير فلن يتحقق الجذب، وعكس ذلك هو ما نراه هنا في المهرجان».

وعن أكثر ما يلفت انتباهه في تراث البحرين، قال «للبحرين تراث متنوع وغني بفضل تاريخها العريق، وشخصياً تستوقفني وتفرحني الصناعات البحرينية القديمة، من النسيج والسلال، نظراً لارتباط ذلك بالتراث من جانب وبالبيئة من جانب آخر، وهذا الأمر يقلص من الاعتماد على الصناعات التي تخلق إشكالات بيئية».

وفيما يتعلق بالحاجة لإنقاذ هذه المهن التي حافظت على بعضها هيئة البحرين للثقافة والآثار، فيما اندثر بعضها الآخر، قال «التراث يعبر عن مسئولية وطنية مشتركة، وهو في ذلك غير محصور في جهة معينة، فالتراث تراثنا جميعاً أهل البحرين، والمطلوب منا جميعاً أن نتكاتف لحماية هذا التراث، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال».

كمال وجمال: نحتاج لحملة قومية

بدورهما، تحدث الباحثان والمختصان في مجال التراث، حسن كمال ومحمد جمال عن الحاجة لوقفة بحرينية حيال واقع التراث في مملكة البحرين.

بشأن ذلك، يقول جمال، في حديثه عن أهمية الفنون «لوعدنا لمقولة كونفشيوس (الفنون هي عنوان الشعوب، وإذا أردت معرفة شعب فعليك أن تعرف فنونه)، وعليه يمكننا القول إن الشعب بلا فن، هو شعب هجين، ولن نجافي الحقيقة إذا استحضرنا هنا المثال الإسرائيلي، والذي يعبر عن شعب هجين، حين احتل الأرض بالقوة وكون الدولة بل وحتى القوة العسكرية والنووية، التفتوا للثقافة فلم يجدوها، فسطو على الثقافة الفلسطينية، فأخذوا يرقصون (الدبكة)، بل وصل بهم الحال، أن نسبوا لأنفسهم الطعمية والحمص والفول، سعياً منهم للحصول على موقع، ولم يدخروا من أجل ذلك التركيز على التفاصيل الدقيقة والتي يستصغرها البعض، لكنها في بعض الدول تجد الاهتمام الكبير نظراً لربطها الشعب بالأرض».

وفيما يتعلق بالبحرين، قال «حين نتحدث عن ثنائية الشعب والأرض، سنشير إلى أن الاستقرار السكاني الدائم في البحرين عمره لا يقل عن 4 آلاف سنة، وذلك عائد لسببين، وفرة الماء بالدرجة الأولى، ووجود اللؤلؤ، ليشكل هذين العاملين في الفترة الممتدة لـ 4 آلاف سنة، من دلمون حتى اكتشاف النفط، هما العاملين الأساسيين للاستقرار السكاني، ومتى ما استقر السكان، وجدت الثقافة، والفنون جزء من الثقافة».

وأضاف «لو تتبعنا الفنون البحرينية، لوجدنا أن لها صلة مباشرة بالأرض والموقع، ولهذا فإننا نؤكد على أن الدعوة للاهتمام بالتراث لا تنحصر في الاهتمام الوقتي والمحدد في مساحات معينة، كارتداء الأطفال لثياب (الزري) ولينفض السامر بعدها. كلا، المسألة أعمق من ذلك بكثير، فالمطلوب جعل ذلك جزءاً من الثقافة اليومية للمواطن من خلال الإذاعة، والتلفزيون، والدراسة، بحيث ندفع المواطن للافتخار بأن والده كان مزارعاً، وكان بحاراً، وأن لا ينظر بدونية لما نتج عن البيئة الزراعية والبيئة البحرية من فنون وملحقاتها».

وتابع «أكثر من ذلك، نهيئ هذا المواطن لكي لا يصبح عرضة للاستلاب الفكري الذي نعاني منه الآن، حتى بات بمقدور أي شخص يرتقي منبر، إقناع شاب عمره 20 سنة، أن يفجر نفسه».

وأكد جمال أن الأجيال الشابة تعاني من فجوة تفصلها عن تراث البحرين، مشدداً على ضرورة العمل على سدها بأسرع ما يمكن.

كما قال «ما نراه من مشاركة لبعض الفرق في المهرجان، هو نتاج جهد ذاتي تحصل على دعم من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار»، واستدرك «الحاجة أكبر للمزيد من الزخم، فهنالك حاجة لبناء مقرات لهذه الفرق، وابتعاث أعضائها للدراسة، وتشجيعهم عبر التسجيل لهم وإقامة الحفلات بما يعزز من الاعتبار بقيمتهم العالية»، منوهاً في هذا الصدد لأهمية تضافر جميع الجهود المبذولة من قبل الجهات الرسمية والأهلية المعنية.

وتساءل وهو يشير لإحدى الفرق الفنية المشاركة «هناك من لا يفهم معنى الكلمات التي ترددها هذه الفرقة وغيرها، فلماذا لا يتولى أحد الباحثين مهمة عرض الكلمات عبر شاشة الكترونية، وبرفقته باحث موسيقي يتولى شرح الكلمات، بما يقدم لنا في نهاية المطاف عملاً جباراً»، معبراً عن أسفه حيال الاهتمام الغربي بهذه الفنون في الوقت الذي لا تجد مثيلاً لهذا الاهتمام هنا بين أصحاب الأرض.

وأرجع ذلك لعدم إنجاز مهمة إيصال هذه الفنون للأجيال الشابة، وذلك باعتماد أداة التوصيل المناسبة بالمفهوم العلمي.

ورداً على سؤال عن السبيل لأداة التوصيل المناسبة، قال جمال «هنالك مقولة مفادها: إذا وجد المتحدث الجيد، فسنجد الباحث الجيد، والكتاب الجيد، والطالب الذي يستطيع أن يدرس في هذا الكتاب الجيد، وهي في المجمل سلسلة»، وطالب بإطلاق حملة قومية يشترك فيها كثير من الشباب المثقف للخروج بدراسة بشأن كيفية وصول هذا الإرث الثقافي العظيم للشباب، وكيفية ترغيبهم إليه.

وخلص للقول «نحتاج لحملة تلصق المواطن بجذوره، فما نشكو منه حالياً هو ابتعاد المواطن عن ثقافته، نظراً لما تقذفه ثقافة العصر كل يوم من أشياء جديدة، ونحن لا ندعو للوقوف ضد العولمة لكننا نخشى أن يجرفنا تيارها، ولو كان المواطن محصناً فيستطيع أن يأخذ منها ما يشاء، ويترك الباقي».

أما المذيع والمؤلف حسن كمال، فقال «بالتأكيد نحن بحاجة لإطلاق حملة قومية»، مضيفاً «جميل أن يقام هذا المهرجان بشكل سنوي، لكن قد يسلط الضوء على فكرة التراث الشعبي ككل، فيبدأ الطلبة والطالبات في الاهتمام بذلك، ليتعرفوا على أصولهم وبيئتهم».

وأضاف «لذلك، عندما يستذكرون هذا النوع من التراث، سواء في الموسيقى بإيقاعاتها الشعبية، أو الأدوات والصناعات الشعبية التي قد لا تستخدم في الوقت الحالي، لكننا نفخر أننا كنا في يوم من الأيام نصنع هذه الاحتياجات لحياتنا المستمرة، فلذلك نحن نرى أن المهرجان السنوي يعطي فكرة وإضاءة جميلة وتذكار للأجيال الطالعة بموروثاتنا الشعبية، سواء كانت الشفهية، أو الصناعية، أو الموسيقية».

وبشأن الجانب التوثيقي للتراث، قال كمال «هذا الجانب بحاجة لجهد أكبر ولاستمرار، فبعض الأخوة أصدروا مشكورين كتب في التراث الشعبي، وهنالك باحثون كثر يعملون على إثراء المكتبة البحرينية بالمؤلفات في التراث».

باحثون ومختصون طالبوا بحملة قومية لإنقاذ تراث الأجداد التليد من الانقراض والاندثار على هامش مهرجان التراث السنوي يوم أمس - تصوير عبدالله حسن
باحثون ومختصون طالبوا بحملة قومية لإنقاذ تراث الأجداد التليد من الانقراض والاندثار على هامش مهرجان التراث السنوي يوم أمس - تصوير عبدالله حسن

العدد 4969 - الخميس 14 أبريل 2016م الموافق 07 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:25 م

      اين سنبسه و الجباتي

    • زائر 3 | 4:17 ص

      ليس بغريب على الشيخ هشام ال خليفة هذه الالتفاتة الواعية حول مسئوليتها المؤسسية والشخصية تجاه التراث الشعبي البحريني واستحضر هنا موقفه الاصيلزعندما عرضت مشروع وثيقة منهج الثقافة الشعبية على لجنة الوكلاء بوزارة التربية، حين سأل بحنكة المسئول سؤالا واحدا: هل يمثل هذا المنهج ثراء مكونات ثقافتنا الشعبية البحرينية المتنوعة ؟ وعندما أجبته " لهذا السبب تم تضمين مناهجنا الدراسية هذا المنهج ؟ أردف بتلقائية أريحيته" على بركة الله"
      ...

    • زائر 4 زائر 3 | 8:08 ص

      قبل لا أقراء تعليقك كنت اود التعليق بأنه يجب تعليم هذه المهن بالمدرسة خاصة مواد الفن او التصبير او الاختياري وخاصة انها مفيدة ونفس الوقت يتم المحافظة عليها من الاندثار ????????

    • زائر 2 | 4:07 ص

      المهرجان في نفس الخيمة التي اقيم فيها معرض الكتاب الاخير في البهو الخلفي للمتحف الوطني

    • زائر 1 | 3:15 ص

      ما ذكر الخبر وين المهرجان ؟

      في وين المهرجان ؟؟؟

اقرأ ايضاً