«مجمع اللؤلؤ» التجاري الواقع بالقرب من سوق المنامة المركزي ومنطقة الأعمال القديمة في المنامة، شاهدٌ جديدٌ على تراجع مناخ الأعمال في البلاد في ظل غياب حلول ناجعة لانتشال التجار المتعثرين من مشكلاتهم المتفاقمة.

ويقول عدد من التجار وأصحاب المحلات في مجمع «اللؤلؤ» التجاري الواقع بالقرب من سوق المنامة المركزي وتقاطع الفاروق إنهم عرضوا محلاتهم للبيع تحت وطأة تفاقم الديون والمطالبات المالية؛ وذلك إثر تراجع حركة البيع بنسبة لا تقل عن 80 في المئة.

وأوضح تجار، خلال لقاءات مع «الوسط»، أنهم لم يعانوا مثل هذه الأوضاع المتردّية منذ أن عملوا في مجمع اللؤلؤ قبل عشرين عاماً حين تم افتتاح مركز التسوُّق في العام 1997 واعتبر علامة تجارية في المنامة.

وعلى رغم أن صندوق العمل (تمكين) قدم مساعدات تقارب 3500 دينار لتجار السوق فإنّ هذه المساعدات ذهبت إلى سداد جزء من المديونيات المتفاقمة للبلديات والكهرباء قبل أن يحصلوا كذلك على قروض من بنك البحرين للتنمية تصل إلى 10 آلاف دينار، لكنها لم تسعف الوضع المتهالك لهؤلاء التجار.

إغلاق «تقاطع الفاروق» أدى إلى كساد حركة التسوق في المجمع

تجار «مجمع اللؤلؤ» يعرضون محلاتهم للبيع تحت وطأة الديون وتراجع المبيعات

المنامة - علي الفردان

«مجمع اللؤلؤ» التجاري الواقع بالقرب من سوق المنامة المركزي ومنطقة الأعمال القديمة في المنامة، شاهد جديد على تراجع مناخ الأعمال في البلاد في ظل غياب حلول ناجعة لانتشال التجار المتعثرين من مشكلاتهم المتفاقمة.

ويقول عدد من التجار وأصحاب المحلات في مجمع «اللؤلؤ» التجاري الواقع بالقرب من سوق المنامة المركزي وتقاطع الفاروق إنهم عرضوا محلاتهم للبيع تحت وطأة تفاقم الديون والمطالبات المالية؛ وذلك إثر تراجع حركة البيع بنسبة لا تقل عن 80 في المئة.

وأوضح تجار، خلال لقاءات مع «الوسط»، أنهم لم يعانوا مثل هذه الأوضاع المتردية منذ أن عملوا في مجمع اللؤلؤ قبل عشرين عاماً حين تم افتتاح مركز التسوق في العام 1997 واعتبر علامة تجارية في المنامة.

وعلى رغم أن صندوق العمل (تمكين) قدم مساعدات تقارب 3500 دينار لتجار السوق فإن هذه المساعدات ذهبت إلى سداد جزء من المديونيات المتفاقمة للبلديات والكهرباء قبل أن يحصلوا كذلك على قروض من بنك البحرين للتنمية تصل إلى 10 آلاف دينار، لكنها لم تسعف الوضع المتهالك لهؤلاء التجار.

ويشرح التجار كيف أن الوضع لم يكن بهذا السوء قبل خمسة أعوام وتحديداً قبل (فبراير/شباط 2011) حين كان دوار مجلس التعاون (تقاطع الفاروق حاليًّا) مفتوحاً لمرور السيارات حيث يسهل الدخول للمجمع من قبل المتسوقين من جميع أنحاء البحرين، إلا أن إغلاقه بعد الأحداث التي مرت بها البحرين شكل ضربة لنشاط السوق حيث كان التقاطع يشكل الطريق الرئيسي المعروف لزبائن المجمع.

وبعد تدهور حركة البيع، بدأت شئون البلديات التي تدير المجمع «تضييق الخناق» على التجار لتسديد مستحقات الإيجارات المتراكمة والتلويح باللجوء إلى القضاء، على رغم علم الوزارة بحال التجار والسوق، ففي السابق كانت الوزارة تمنح مزيدا من الوقت للتجار مما يعطيهم جرعة للتنفس، لكن أصبح الآن السداد وحتى لو كانت هناك هيكلة للديون واجباً وإلا ستواجه إغلاق المحل، كما يقول أصحاب المحلات.

وبعد كل هذه الضغوط من تراجع المبيعات ومطالبات تسديد القروض ومبالغ الإيجارات يجد 40 إلى 50 صاحب محل تجاري بحريني في مجمع اللؤلؤ أمام خيارات صعبة، إما التوجه إلى العمل في مجالات أخرى كما عمل بعضهم في مجالات نقل الركاب أو المقاولات وأن تكون التجارة بمثابة مهنة ثانوية على أمل عودة النشاط، أو الابتعاد عن التجارة ليحل الآسيويون مكان البحرينيين لكن الأسوأ حظّاً ممن يحصل على فرصة ويستنفذ طاقته إلى الرمق الأخير ليقع ضحية المحاكم والإفلاس.

ديون بآلاف الدنانير

ويقدر صاحب محل «لينجو» جعفر علي الذي يعمل في المجمع منذ عشرين سنة، أن عدد التجار البحرينيين في مجمع اللؤلؤ ما بين 40 و50 تاجراً.

وقال علي إن معظم التجار حصلوا على تسهيلات مالية من بنك التنمية لدفع جزء من الالتزامات المالية.

ويشير إلى أن أصحاب المحلات مدينون فقط إلى البلديات بمبالغ قد تصل إلى 3 أو 4 آلاف دينار في المتوسط كمتأخرات إيجارات غير مدفوعة.

وذكر أن في السابق كانت البلدية تتساهل في الدفع، لكن الآمر تغير ويتم تحويل حالات إلى المحاكم « قبل خمس سنوات كان الوضع أسهل، إغلاق الشارع المؤدي للمجمع أدى إلى تراجع المبيعات بنسبة تصل إلى 80 في المئة، في السابق كان الزبائن يأتونون من جميع مناطق البحرين عبر الشارع المغلق الآن وذلك من الرفاع أو البديع، والجميع كان يعرف الشارع المؤدي للمجمع لكن الآن يصعب على الكثيرين معرفة الشارع».

وأشار إلى أن الزبائن الحاليين للمجمع يأتون في المواسم مثل شهر رمضان المبارك وغالبيتهم من الجنسيات الآسيوية أو المناطق القريبة للمجمع.

وعما إذا كان إغلاق شوارع مؤدية إلى مجمع اللؤلؤ هو السبب الرئيسي لتراجع المتسوقين، ذكر «بالتأكيد 100 في المئة هو السبب».

وأشار علي إلى أنه مديون بنحو 20 ألف دينار للبلدية وبنك التنمية «جميع المبالغ أنفقتها على المحل وهناك بضائع فائضة ومبيعات المحل تراجعت 60 إلى 70 في المئة».

ولجأ علي إلى مجالات أخرى لكسب العيش «أعمل في أنشطة أخرى مثل البناء».

وأوضح أن أسعار الإيجارات حاليًّا تتراوح ما بين 200 و400 دينار شهريّاً في حين تصل خسائره الشهرية إلى نحو 700 دينار، مبيناً أنه عرض محله للبيع ولكن لم يحصل على السعر المناسب.

10 محلات معروضة للبيع ولا مشتر

ويشير الشهابي إلى أن نحو 10 محلات على الأقل معروضة للبيع في السوق، لكن لا وجود لمهتم بالشراء مع كساد التجارة «في السابق كان بعض المحلات تصل قيمة دخلها نحو 40 ألف دينار لكن لا أحد يهتم بالحصول على محل في المجمع».

وعن السر الذي يدفع هؤلاء التجار إلى البقاء في خضم هذه الخسائر والديون مما يضع علامة استفهام حول أقوالهم، يقول: «نعم كلامك صحيح، لكننا نبقى نمني النفس بأن الحال سيتغير لنستطيع تسديد الالتزامات لكننا لم نر هذا اليوم إلى الآن».

يستحيل رؤية تاجر غير مديون

ويشرح صاحب محلات الزمردة سعيد التحو كيف كان وضع التجار أيام «العز» حين كانوا يقومون بجلب البضائع من الصين لعدة مرات، لكن الآن فإن حفنة من التجار فقط يذهبون إلى الصين لجلب البضائع لبيعها في السوق.

ويقول التحو إن من المستحيل أن تجد تاجراً في مجمع اللؤلؤ غير مديون وخصوصاً مع الإيجارات المتراكمة عليه إلى البلدية.

وأشار التحو إلى أنه على رغم إعادة جدولة بعض هذه المديونيات ودخول تمكين للمساعدة في دفع بعض الفواتير فإنه لايزال من الصعب دفع هذه الإيجارات في ظل الأوضاع المتردية.

ويمكن أن يلعب تجميد تحصيل الإيجارات وإسقاط المبالغ المتأخرة من قبل «البلديات» قبلة حياة لهذه المحلات، كما يرى التحو «سمعت أن أحد المجمعات في المنامة قام بالخطوة نفسها».

وأشار إلى أنه على رغم ظهور المجمعات الجديدة طوال هذه الفترة مثل السيف وسيتي سنتر والبحرين وغيرها من المجمعات فإن حركة التجارة في المجمع لم تتأثر بمستوى ملموس مقارنة مع الوضع الحالي، وأكد أن سبب ذلك هو إغلاق الطرق المؤيدة إلى المجمع والمعروفة من معظم الناس سابقاً عبر تقاطع الفاروق حاليّاً.

وبقي التجار على أمل، كما يوضح التحو، أن يتغير الوضع منذ خمس سنوات لكن الأمور لم تتحسن.

وأوضح كذلك أن صيانة المجمع لا تتم كما ينبغي مثل ضعف التكييف وعدم إصلاح أحد السلالم الكهربائية.

اعتزال العمل

أما محمد طاهر، أغلق محله لبيع الملابس قبل نحو عام في مجمع اللؤلؤ، فيلخص نظرته «الأسواق لم تعد تسوى، والسوق لم يعد مربحاً، وهذا ما دفعني لإغلاق المحل».

وعلى رغم أن بن طاهر يعمل في الأسواق، فإنه غير مهتم بتسلم محل والده وتوسيع النشاط مع عدم وجود فرص تجارية.

محله للبيع ويعمل في نقل الركاب

أما مالك بوتيك «مونتريال» محمد النجار فبلغ الضيق به إلى حد تطليق التجارة والاتجاه للعمل كسائق حافلة لنقل المتسوقين إلى المملكة العربية السعودية لكسب الرزق.

النجار عرض محله للبيع منذ قرابة 8 أشهر لكن مساعيه لم تنجح للخروج من التجارة بأقل خسائر ممكنة «عليّ ديون متراكمة للإيجارات للبلدية تزيد على ألفي دينار كما أخذت قرضاً من ببنك التنمية بمقدار 10 آلاف».

ويشير النجار إلى أن «التجارة لم تعد تأكلني عيش أنا أكسب رزقي من عملي في السيارة».

ومضى بالقول «المبالغ التي تسلمناها من تمكين كانت عبارة عن شيكات ذهبت لفواتير الكهرباء».

وأشار النجار إلى أنه منذ العام 1996 إلى الآن لم يشهد أعواماً صعبة كالتي مرت على تجار المجمع «يمر أسبوع لا يدخل دينار واحد إلى المحل».

ركود غير مسبوق منذ عشرين عاماً

أما طاهر يوسف، وهو صاحب بوتيك «ماجلان»، فيقارن بين الوضع الحالي وسابقاً «الأرباح كانت موجودة لكن الآن هناك خسائر وإذا لم تكن هناك خسائر ففي أحسن الظروف تستطيع تغطية التكاليف فقط».

وأوضح يوسف أن لديه ديوناً متراكمة عن إيجارات 8 أشهر «المبيعات ضعيفة جدّاً ونزلت بنحو 80 في المئة هناك ركود لم نشهده طوال أكثر من عشرين عاماً عملنا فيها في السوق».

وقد يمضي أسبوع وحتى عشرة أيام دون أن يحصل بيع في المحل «المشكلة ليست بالبضائع وتوافرها وليس في الأسعار إذ نبيع بأسعار أقل من التكلفة لكن المشكلة لا يوجد متسوقون (...) بعض الإخوان لديهم محلات في مناطق أخرى لكن حركة البيع هناك ليست بالسوء نفسه الذي نعاني منه هنا في المجمع».

الأكثر تضرراً على مستوى البحرين

أما عباس الشهابي وهو صاحب محل «رفيعة الشأن» الذي يختص في الملابس النسائية في مجمع اللؤلؤ فيقول: «مررنا بأزمة خنقت الجميع، فنحن لدينا عائلات تعتمد على هذه المحلات، وكيف نستطيع العيش من هذه المحلات في الوضع الراهن وبشوارع مغلقة وفقدنا معظم الزبائن الذين كانوا يأتون إلى المحل في المجمع، وهذا يعني أنهم تحولوا إلى أسواق أخرى».

وتساءل الشهابي: «في وضعنا ماذا نفعل (...)، نحن نعتمد على هذه المحلات ولسنا موظفين، ولنا دخل آخر وهناك تكاليف الحياة والإنفاق على أسرنا، ولو كانت لدينا مصادر آخرى ربما كان الوضع أخف علينا».

وأشار الشهابي إلى أن التجار في حال ضياع، ولا أحد يعلم من الجهة التي يمكن أن تقدم لهم المساعدة في ظل الظروف الصعبة «لا يوجد لدينا مخرج، هناك أصحاب محلات عليهم أوامر قبض ومنع سفر في ظل من المطالبات والبنوك».

وأعطى التاجر البحريني مثالاً كيف أنه في قبل عدة أعوام شهد المجمع حريقاً أغلق على أثره المجمع لمدة شهر تقريباً، دون أن يلتفت أحد من المعنيين إلى حال التجار أو يقف على وضعهم ووضعهم في صورة ما سيحدث.

واعتبر الشهابي أن تجار مجمع اللؤلؤ هم الأكثر التجار تضررا على مستوى البحرين «أجزم لك أننا الأكثر تضرراً على مستوى البحرين، الشوارع المؤدية إلى المجمع مغلقة (...)، الكثير من أصحاب المحلات يريدون بيع محلاتهم والخروج من المجمع».

ودفعت الأوضاع المتردية إلى حالة قلق مستمر كما يقول الشهابي: «استيقظ الصباح فجراً وأفكر ماذا سأفعل اليوم، تخيل نفسك تتعرض لصعوبات مالية في عملك هذا سيدفعك للتفكير بشأن كيفية إعالة أسرتك (..) إنه وضع صعب».