العدد 4975 - الأربعاء 20 أبريل 2016م الموافق 13 رجب 1437هـ

الفنان مجيد مرهون... إعادة الاعتبار

مثلت حفلتا الموسيقى مساءي الجمعة والسبت (8 و9 إبريل/ نيسان) في صالة الفنون برعاية هيئة الثقافة والآثار ودعم أكاديمية رد بول، المكرسة للاحتفاء بالفنان المرحوم مجيد مرهون (1945 – 2010)، إعادة اعتبار اولي للفنان البحريني الكبير مجيد مرهون.

ويجيء هذا التكريم متأخرا ولايزال قاصراً. صحيح أنه تم الاحتفاء بالموسيقار مرهون جزئيًّا في حياته، إذ قدم بعضا من مؤلفاته الموسيقية بصحبة عازفين لبنانيين في بيت الشيخ إبراهيم الخليفة بالمحرق قبل سنوات، كما أن المنبر التقدمي احتفى به في ذكرى الأربعين لوفاته في 2010، لكن ذلك لا يرقى الى التكريم الرسمي.

بعض من حياه الفنان الفقيد مرهون معروف، وخصوصاً موقفه الوطني، وما تعرض له من تعذيب رهيب إثر اعتقاله في 1966، والسجن الطويل لمدة 22 عاماً بعد الحكم عليه بمدى الحياة، ثم خروجه الى الحرية ليعمل دون تردد أو إحباط لإعادة إحياء حياته العائلية والمهنية، والأهم الفنية، ويعجب الإنسان لتصميم هذا الإنسان وتفاؤله وعبقريته.

وأنا في المنفى تابعت حياته في السجن، وعجبت فعلا لقدرته العجيبة على تعلم الموسيقى إلى جانب عمله في ورشة السجن، وهو المحروم من الآلات الموسيقية، والأعجب قدرته على التأليف الموسيقي وهو في السجن.

وقد قدم الفنان سلمان زيمان في الحفل أغنية «حبيبتي» الرومانسية الشجية، وهي من كلمات الشاعر عبدالحميد القائد، وتلحين الموسيقار مرهون. كما أن فرته برلين السمفونية عزفت إحدى مقطوعاته التي ألفها في السجن، وطبعت على اسطوانة بلاستيكية تداولها أبناء البحرين في الخارج والمنافي، كما أن دار الكنوز الأدبية طبعت له كتاباً حول «الفنون الشعبية الموسيقية في البحرين». بعد خروجه من السجن بعد قضاء 22 عاماً خلف القضبان.

بدأ مجيد مرهون حياته وكأنه ولد من جديد، فتزوج وبنى عائلة وعمل في المكتبة المركزية لوزارة التربية والتعليم، وهو ما مكنه من الانكباب على القراءة والبحث. وهنا انجز عمله الملحمي موسوعة الموسيقى، حيث تابعت محاولاته الفنية لنشرها، والتي توجت بالنجاح بتبني رئيسة مجلس أمناء مؤسسة الشيخ إبراهيم الخليفة، الشيخة مي الخليفة لنشرها، وقد أطلقت في الحفل الموسيقي ذاته في بيت الشيخ إبراهيم بالمحرق، فلها كل التقدير والاعتبار.

حضرت الحفل الموسيقي (سمفونية الذات) مساء السبت (9 إبريل/ نيسان 2016) للاحتفاء بالموسيقار مجيد مرهون، وكان فعلا حفلا رائعا تمازج فيه الفن الأوركسترالي والذي أدته فرقه البحرين للموسيقى بقيادة المايسترو خليفة زيمان، وعزف وأداء الموسيقى الالكترونية من قبل هينريك شوازر وبوجي ويزلفت والبحريني حسن حجيري (الأكاديمي المبدع)، وغناء سلمان زيمان، وفيلم وثائقي عن حياة مرهون وشهادات بحقه. وقد قدم في الحفلة سبع مقطوعات موسيقية للموسيقار مرهون، عكست روحه القلقة، والشجية، والحالمة، وحازت اعجاب الحاضرين الذين أسرتهم بتميز كل مقطوعة عن الأخرى في ثيمة ملازمة. قدم الفيلم عرضا بانوراميا لحياة مرهون منذ ولادته في المنامة في (17 أغسطس/ آب 1945)، ونشأته وابداعاته، وشهادات الفنانين خليفة زيمان، وسلمان زيمان وحسن حجيري التحليلية لموسيقاه، لكن الفيلم لم يعرض لمعاناة الفنان مرهون الصعبة.

تأثر مجيد مرهون كثيرا بأمه زعفرانة إسماعيل والتي كانت تجيد أداء الأغاني والشيلات الفلكلورية وكذلك جده الموسيقي إسماعيل مبارك الساعدي والذي كان يعزف ويغني لحفيده، وهكذا استمد مرهون ولعه بالموسيقى من بيت الأسرة ومن الحي، وطوره في مدرسة القضيبية، حيث اضطر مجيد مرهون إلى ترك الدراسة والالتحاق بمعهد التدريب التابع لشركة بابكو ليعول عائلته، وبعد التأهيل في معهد التدريب التحق مرهون بالعمل بدائرة التحكم بالعمليات بمعمل التكرير وكذلك حفر الآبار، حيث إن ما تبقى من نزر يسير من دخله وانفاقه على العائلة، فقد كرسه مرهون لشراء آلة الساكسفون التي عشقها واشتهر بها، حيث كان يعزف عليها في باص الشركة في الذهاب والإياب وفي أوقات الاستراحة في العمل وبالطبع في البيت والحي وكذلك في الحفلات التي كان يدعى للعزف فيها في الأندية والافراح وكذلك في مسيرات العزاء الحسيني وخصوصا أيام عاشوراء حيث هناك فرقة ساكسفون باسمه تؤدي العزف الجنائزي في مسيرات العزاء وخصوصاً عاشوراء.

لكنه وإلى جانب العزف والأداء الموسيقي فقد كان منغمسا في تعلم التأليف الموسيقي الأوركسترالي ذاتيا، حيث كان يلح على أصدقائه بجلب مراجع الموسيقى له من خارج البحرين، كل ذلك وهو الذي افتقد التعليم الموسيقي الاكاديمي، ووجود الآلات الموسيقية المختلفة، حيث كان يؤلف ويعزف في خياله الواسع.

مجيد مرهون هو أول بحريني يؤلف الموسيقى الأوركسترالية. حيث تفاجأ الجمهور بجمال هذه المؤلفات خلال حفل التكريم.

لنترك الماضي بأحزانه وعقوقه، ولنتطلع إلى انصاف فنان البحرين مجيد مرهون، حيث نتطلع إلى أن تطبع أعماله الموسيقية على قروص مدمجة مع النوتات الموسيقية، وكلمات الأغنيات الثلاث التي لحنها، ولتدرس موسيقاه في المدارس والمعاهد، ولتؤدَّ أعماله من قبل فرقة البحرين الموسيقية وغيرها من الفرق في البحرين وخارجها، ولينتج فيلم عن حياته الغنية، وليسمَّ شارع باسمه وصالة تعليم تحمل اسمه، وليكرم رسميَّا في مماته بعد أن عزّ ذلك في حياته، فعلا لقد كانتا ليلتين بهيجتين من ليالي الوفاء لفنان الشعب وعائلته.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:39 ص

      المرحوم مجيد مرهون، مانديلا البحرين.. و نجمه الفنان الساطع.

    • زائر 3 | 8:31 ص

      هذا إنسان وطني

    • زائر 2 | 7:44 ص

      مجيد مرهون

      هذا الإنسان المبدع وجد في المكان الخطأ بريء حيث زاملته في بداية التسعينات من القرن الماضي وتعلمت على يديه العزف على آلة السكسفون فوجدت فيه الفيلسوف المسيقي المبهر والإنسان المرح الرائع فكان لي الصديق والمعلم رغم قصوة الحياة واسرارها لدية فله منا كل الحب والتقدير رحمه الله والخير والبركة في ابنه العزيز رضا

    • زائر 1 | 11:34 م

      فيلم مجتزأ

      الفيلم الذي يروي حياة المناضل مجيد مرهون كان مقتصرا على الجانب الموسيقي. حيث لم يتطرقوا لمكان تأليفه كل تلك النوتات ولماذا تمت اذاعة مقطوعاته عالميا من مختلف الدول ابان اعتقاله.

اقرأ ايضاً