العدد 4976 - الخميس 21 أبريل 2016م الموافق 14 رجب 1437هـ

هارييت توبمان... النضال ضد العبودية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية الأربعاء (20 أبريل/ نيسان 2016) وضع صورة الناشطة الراحلة في مجال مكافحة العبودية هارييت توبمان على ورقة النقد من فئة الـ20 دولاراً.

توبمان ستكون أول أميركية من أصول إفريقية تطبع صورتها على عملة ورقية أميركية. وستظهر توبمان على الوجه الأمامي للعملة بينما تظهر على الوجه الآخر صورة البيت الأبيض والرئيس الأميركي السابع أندرو جاكسون، الذي يعتبر من أبطال التاريخ الأميركي، حيث أسس الحزب الديمقراطي وانتخب رئيساً مرتين (1828- 1832).

توبمان وُلدت في 1820 ورحلت عن الدنيا في 1913، وكانت ناشطة في مجال إلغاء الرق، وأنقذت أكثر من سبعين شخصاً من الرق، كما جاء في سيرتها، بمشاركة شبكةٍ من الناشطين في إلغاء العبودية. وفي صغرها تعرّضت للضرب على يد كثيرٍ ممن كانوا يستعبدونها، ولا أقول أسيادها. وخلال الحرب الأهلية قادت مع قوات الاتحاد حملةً حرّرت 700 من العبيد. وقال وزير الخزانة جاكوب ليو إن «حياة هاريت توبمان واحدة من أعظم القصص الأميركية».

طبع صورة ناشطة سوداء على العملة الأميركية، قد لا يكون أمراً كبيراً، مادام الأميركيون اختاروا رجلاً أسود رئيساً قبل ثمانية أعوام، إلا أن للموضوع جانبه الرمزي المهم. فهم يعيدون الاعتبار لهؤلاء المناضلين والمناضلات الأوائل، الذين ساهموا في مقاومة الانحراف الفكري والاعوجاج النفسي، الذي كان يبيح للإنسان أن يستعبد غيره، ويظلمه ويمنع حقوقه ويرفض أن يعامله وفق القانون، دون تفرقة أو حيف أو تمييز بين الأجناس.

من المؤكد أن الولايات المتحدة لاتزال بعيدة عن الالتزام التام بتطبيق شرائع حقوق الانسان، بدليل ما يحدث فيها بين فترة وأخرى من حوادث عنصرية ضحاياها من السود، وغالباً على أيدي الشرطة الاتحادية، لكن الصحيح أيضاً أن كل واقعة إجرامية من هذا القبيل، تعقبها حركات احتجاج يخرج فيها عشرات الآلاف من البيض والسود كتفاً لكتف، ليعلنوا رفضهم لهذه الانحرافات، وتغطّيها وسائل الإعلام وتتكلّم عنها الصحف، دون تبريرات أو سخافات، على طريقة «نحن» و»أنتم». فالظلم والتمييز والعنصرية كلها جرائم لا يشرّف أحداً الدفاع عنها أو تبريرها تحت أي مسوّغ كان. وعي الشعوب ونضجها هو الفيصل في مناهضة هذه النزعات البدائية والغرائز الحيوانية المتوحشة.

قبل سنوات، كانت وسائل التواصل الاجتماعي مواقع لتبادل الآراء والأفكار، وتداول المعلومات والأخبار. وبعد تحريف مسار الشعوب العربية المطالبة بالحريات العامة والكرامة والعدالة، أصبحتَ لا تكتب رأياً أو تنشر تغريدةً، إلا وتتطاير أمامك الشتائم ويتقافز بوجهك السبّابون الذين يحرضّون ضدك. وبعضهم يمارس هوايته وهو على الدوام في مكتبه الرسمي، حيث يقضي وقته في السبّ واللعن وتوزيع الشتائم على البشر.

نشرتُ أمس على «الانستغرام» صورةً للملكة اليزابيث الثانية بمناسبة الاحتفال بعيد ميلادها التسعين، وفوجئتُ بأحدهم يدخل على الخط دون دعوة أو مناسبة، ليشتم مستخدماً كلمات يعفّ عنها لسان نظيف. وهي ليست حالةً فرديةً، وإنما أصبحت ظاهرةً يومية، حتى تتساءل: في أية حواضن فكرية تربّى هؤلاء الشتّامون، أم في أية مستنقعات؟.

الشعوب الطامحة للحياة تصحّح أخطاءها وتعالج أمراضها النفسية، ونحن نزداد انتكاسة واعوجاجاً، ودموية وحبّاً لسفك الدماء. نجتمع في مساجدنا الطاهرة كل جمعة، ونفوسنا ترسف بالأحقاد، وبدل الدعوة للإخاء ونشر المحبة بين البشر، ندعو على جميع أهل الأرض بالفناء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4976 - الخميس 21 أبريل 2016م الموافق 14 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 12:04 م

      ذكرتنا بصاحب الكملة الشهيرة ::: ياالللعار يللاعار
      (أصبحتَ لا تكتب رأياً أو تنشر تغريدةً، إلا وتتطاير أمامك الشتائم ويتقافز بوجهك السبّابون الذين يحرضّون ضدك. وبعضهم يمارس هوايته وهو على الدوام في مكتبه الرسمي، حيث يقضي وقته في السبّ واللعن وتوزيع الشتائم على البشر).

    • زائر 13 | 8:31 ص

      الكاسر

      ما سمعت عن جمعية سياسية
      تدعو للجهاد في سوريا
      ولا حد نطق بكلمة

    • زائر 8 | 1:46 ص

      أختلف معك يا سيد بخصوص: نجتمع في مساجدنا الطاهرة كل جمعة، ونفوسنا ترسف بالأحقاد. هنا تعميم في موقع يحتاج للتخصيص، ليس كل المسلمين يجتمعون وقلوبهم ترسف بالأحقاد، لكنها أستطيع القول طائفة التكفير فقط وفقط، ويمكنك متابعة عشرات القنوات هذا اليوم تنقل صلوات الجمعة، وتنقل بينها لترى من يكفر الغير.
      الصحيح يجتمع البعض ليسب ويشتم ويكفر ويثير الفتنة ولا تحتاج لقنوات لمشاهدتهم، يكفي أن تذهب إلى عدد من المساجد بالقرب منك في البحرين وتسمع وترى من يثير الفتن والأحقاد.

    • زائر 7 | 1:35 ص

      بدون زعل العبودية هي ان تتحرر وتعيش بحرية ولا تترك شيخ او عالم او معمم هو من يتحكم في حياتك ويقرر مصيرك

    • زائر 9 زائر 7 | 1:54 ص

      بدون زعل..

      التحرر من العبودية هو التحرر من كل انواع الظلم و الاظطهاد .. سواء كان الظلم قادم من شخص ...او من شخص.... .. سواء كان من شخص من عامة الشعب او شخص يعمل في منصب مهم بالدولة . اخي العزيز عندما تفهم معنئ التحرر جيداً.. لن ترقص و تطبل وراء اي ظالم .. لن ترضى بنفسك ان تكون عبداً عند احد مهما كان . فالتطبيل و التزمير هي صفة العبيد في كل العالم.. و أفنت هذه المناظله حياته لكي ينتخب اليوم رئيساً اسود في البيت الابيض !

    • زائر 10 زائر 7 | 2:06 ص

      ماذا عن .....أو من يقوم مقامه؟ هل هذا مسموح له التحكم بحياتك والعبث بها وسجنك وقتلك ووووو؟

    • زائر 12 زائر 7 | 2:31 ص

      بدون زعل اطلاقا

      الحرية ان لا تطيع ا... حتى لو جلد ظهرك وسرق مالك. مما يتنافى مع دين محمد ص . اما شيخ الدين فالناس تأخذ من كاامه احسنه ولا تستمع له عندما يخطيء. فهمت يا عبقرينو؟

    • زائر 6 | 12:09 ص

      الكرامة الانسانية والحرية هو أعلى قيمة لدى بني البشر لا يعرفها من انغمس في العبودية حتى عجن به كل مكونه.
      من يدرك قيمة الحريّة والكرامة الانسانية بحقّ فإنه لا يقبل بانتقاصها منه او من غيره

    • زائر 5 | 11:57 م

      النضال ضد العبودية شرف ومقام رفيع وطعم لذيذ لا يعرفه البعض ممن أدمن العبودية.
      من بقي دهرا يرزخ تحت وطأة العبودية حين يأتي من يخرجه من قفصه فإنه يناضل ضد اخراجه من عبوديته

    • زائر 18 زائر 5 | 12:44 م

      تقصد العكس

      العبد هو الذي يعرف طعم ولذة الحريه بعد أن ذتم تحريره وهو الذي يرنو ويتوق الي إطلاقه من عبوديته
      أمّا الانسان الحُر فهو ولد حراً وعاش حُرّاً ولم يذق غير طعم الحريه ولا يعرف إن كان هناك آخرون يختلفون عنه في المباديئ الانسانيه ولا الي إطلاق حريته لأنه أصلاً حُر.
      أمّا الآخرون الذين آثروا علي أنفسهم أن يعيشوا عبيداً لفكره أو لشخص مهما علا شأنه (دينياً أو سياسياً ) أو لقبر أو أموات وهم يتلذذون بعبوديتهم هذه فهذا شأنهم هم لا يمكننا إخراجهم مما هم فيه .

    • زائر 3 | 11:05 م

      ابدعت في هذه الفقرة

      . نجتمع في مساجدنا الطاهرة كل جمعة، ونفوسنا ترسف بالأحقاد، وبدل الدعوة للإخاء ونشر المحبة بين البشر، ندعو على جميع أهل الأرض بالفناء!

    • زائر 2 | 11:04 م

      هذا حالنا

      يوم الجمعة تحول على يد البعض الى يوم شتائم على المنابر لبقية المسلمين ودعاء على بقية شعوب العالم بالموت والهلاك.

    • زائر 1 | 10:53 م

      ما عرفت من المقال هو ان الأمريكان اصيبوا بعاداتنا و هي تكريم الموتي. العبودية في امريكا لم تزال. بل لا تزال مستمرا بوجوهه و صورها المستحدثة. تكريم امرأة بطبع صورهاعلي ورقة نقدية ليس دليلا علي ازالة العبودية.

    • زائر 4 زائر 1 | 11:15 م

      إعادة نظر

      أتمنى من الزائر ١ إعادة قراءة المقال للمرة الثانية ليستوعب المغزى الذي أرادالكاتب توصيله بصورة صحيحة ... وشكرا

    • زائر 11 زائر 1 | 2:28 ص

      تكريم المناضلين ضد الرق واستعباد واستحمار البشر

      تكريم القيم والمثل والمناضلين في سبيل تحرر الانسان من العبودية وليس (تكريم الموتى). واذا كان المناضلين الشرفاء من الموتى ما المانع من تكريمهم؟ الم يكرم الله الشهداء ؟

اقرأ ايضاً