العدد 4976 - الخميس 21 أبريل 2016م الموافق 14 رجب 1437هـ

التركي قاتل الطيار الروسي قائد ميليشيا في سورية

التركي البرسيان جيليك قاتل الطيار الروسي الذي أسقطت أنقرة طائرته (اندبندت)
التركي البرسيان جيليك قاتل الطيار الروسي الذي أسقطت أنقرة طائرته (اندبندت)

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

لم يحدث اعتقال البرسيان جيليك في أحد المطاعم في مدينة ازمير التركية الساحلية أي ضجة إعلامية تذكر، فهو شخصية معروفة، وكان قد اتهم بأنه كان وراء حادثة وحشية في الحرب الأهلية السورية كانت لها ردة فعل عالمية ، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الجمعة (22 أبريل/  نيسان 2016).

وجيليك التركي الجنسية شارك في القتال في سورية قائدا لميليشيات من المقاتلين، وهو الذي اطلق النار وقتل الطيار الروسي بعد اسقاط الأتراك لطائرته، وقد ادى اسقاط تلك الطائرة الى حدوث مواجهة في ما بين موسكو وانقرة، وفرض الرئيس الروسي بوتين عقوبات حظر ضد تركيا، كما اسرع في ارسال أسلحة متطورة لقواته في سوريا.

وظهرت تقارير منذئذ تشير الى ان الروس يسعون إلى الانتقام لمقتل الطيار الكولونيل أوليغ بيشكوف، واتهام السلطات التركية بانها تحمي قاتل الطيار، كما اتضح أيضاً ان جماعة تركية قومية يمينية متطرفة، تدعى الذئاب الرمادية، كان أحد أفرادها قد حاول ذات مرة اغتيال البابا جون بول الثاني، باتت تلعب دوراً في النزاع السوري الوحشي.

يشيع مقاتلاً تركياً

ظل جيليك يتنقل بحرية في ما بين سوريا وتركيا منذ اسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر الماضي، وأثناء حضوره مراسيم جنازة مقاتل تركي سقط قتيلاً في سوريا قال «انني آتي الى هنا وأذهب الى هناك، أسافر وأعود. والشهيد كان صديقنا وكان معنا في بيربراق، وجبال التركمان» في سوريا.

وطلبت موسكو اعتقال جيليك وتسليمه واعتبرت ان عدم اتخاذ السلطات التركية لاجراء يعد مؤشراً لتواطؤها في عملية القتل، كما وردت تقارير تشير إلى أن جهاز المخابرات الروسي قد تولى أمر هذه القضية وانه يلاحق ذلك الشخص المطلوب، وهذا التهديد بالانتقام قد يكون جاداً. وكان الكرملين قد اتهم بتصفية أعدائه في تركيا ومناطق أخرى في المنطقة، وأخيراً اعتقل مواطنان روسيان هما يوري انيسيموف والكسندر سميرنوف في اسطنبول بتهمة تورطهما في اغتيال عبدالواحد ايدليغيرييف، وهو مواطن شيشاني كان يقاتل في سوريا، والروسيان كانا عميلان سريان، وفق تصريح الشرطة، يخططان لاعتداءات أخرى.

اعتقال مشبوه

وبعدها تم فجأة اعتقال جيليك و13 شخصاً آخر من الأتراك مما كانوا في سوريا بينما كانوا يتناولون وجبة العشاء في أحد المطاعم في مدينة أزمير بمحافظة هاتاي، وكان يمكن ان ينظر لعملية الاعتقال تلك بانها محاولة من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تهدف إلى إصلاح الوضع مع الرئيس بوتين. غير ان بعض المسؤولين يقولون ان المقاتل اعتقل لحمايته؛ بسبب التهديدات الصادرة من الروس ضده. غير ان الشرطة في ازمير ادعت انه لا توجد صلة في ما بين اعتقال جيليك وبين قتل الطيار الروسي، بل إنه يتم التحقيق معه لحمله أسلحة محظورة قانونيا، واختلاسه للمعونات المرسلة للجالية التركمانية في سوريا.

حاولت أسره

غير ان جيليك، الذي ما زال قيد الاعتقال، يجري التحقيق معه حول وفاة الكولونيل بيشكوف.

وعلمت «الاندبندنت» بانه قدم شهادة مطولة لمكتب الادعاء العام في ازمير، قدم فيها روايته لما حدث. ويدعي جيليك الآن انه لم يقتل الطيار الروسي، ولكنه حاول انقاذه. وقال في شهادته انه «في ذلك الشريط الاول الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في اللحظة التي ظهرت فيها المظلة يمكنك ان تسمعنى اصدر امرا بعدم اطلاق النار، وانه عندما سمع صوت الطلقات بدأت في الصياح. صرخت عشرات المرات بعدم اطلاق النار واخذه كأسير. وان الاشخاص الذين كانوا معي في ذلك الوقت كانوا ايضا يصيحون بالاوامر ذاتها. وكانت اوامري هي اطلاق النار عليه، واخذه اسيرا».

واستطرد جيليك يقول انه يقبل المسؤولية الكاملة. ويضيف «ولكن بالطبع إن المسؤولية الكاملة عن الطيار الذي قتل على يد رجال كانوا تمت قيادتي، تقع علي، وان علي ان اتحمل مسؤولية كل ما حدث في جبال التركمان».

«الذئاب الرمادية»

ولكنه من غير الواضح من كان يصدر الاوامر لجيليك في ذلك اليوم. ويقول هو وزملاؤه الاتراك انهم يقاتلون في سوريا للدفاع عن الجالية التركمانية في مواجهة النظام السوري. غير ان العديد منهم ينتمي إلى الذئاب الرمادية، وهي ميلشيا تأسست في اواخر الستينات ولديها تاريخ طويل في ارتكاب اعمال العنف. وكان احد اعضائها محمد علي اغجا، الذين ادين في محاولة اغتيال البابا جون بول الثاني في عام 1981. وجيليك عضو في حزب الحركة القومية، الجناح السياسي لجماعة الذئاب الرمادية، ووالده رمضان جيليك كان محافظا لمنطقة عن حزب الحركة القومية، وكان قد عبر عن فخره لمشاركة ابنه في القتال في سوريا.

«الدولة العميقة»

ومراسيم الجنازة التي حضرها جيليك في اسطنبول كانت لابراهيم جوجوك الذي كان يتولى منصبا قياديا في حزب الحركة القومية. وكانت جماعة الذئاب الرمادية قد اتهمت في السابق بانها تشكل جزءا من «الدولة العميقة»في تركيا وهي جماعة سرية مكونة من المنتمين الى المؤسسة العسكرية واليمين المتطرف، تقوم بحرب سرية ضد معارضيها اي الناشطين اليساريين واعضاء النقابات والجماعات الكردية.

وهذه المنظمة تدعو الى وحدة الاقوام التركية، وصلاتها بالمؤسسة العسكرية لا تجعلها حليفة طبيعية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي ظل تقليدياً يعارض حكام البلاد العسكريين السابقين، كما احال عدداً كبيراً من كبار الضباط السابقين للمحاكمة امام القضاء بدعوى تخطيطهم لتنفيذ انقلابات.

توجه إسلامي

غير ان جيليك ينتمي الى جناح في حزب الحركة القومية يميل اكثر الى تبني القضايا الاسلامية، ويقال ان ذلك الجناح لديه صلات بحكومة الرئيس اردوغان الاسلامية، ولقد ظلت انقرة تقدم الدعم والمساندة للميليشيات التركمانية في سوريا وتقدمها على انها تمثل توازنا للجماعات الكردية التي تحتل المناطق التي تقوم باخلائها قوات النظام السوري ومقاتلي تنظيم داعش.

وقد التزم جيليك في افادته امام النائب العام بالرواية الحكومية التركية القائلة ان طائرة السوخوي – 24 الروسية انتهكت الاجواء التركية، لذا تم اسقاطها، وقال «ان الطائرة بعد ان قذفت كل قنابلها، بدأت في الاستدارة واصبحت فوق المجال الجوي التركي في تلك اللحظة تم اسقاطها وفي تلك اللحظة التي سقطت فيها الطائرة رأينا مظلة الطيار وكنا مشغولين باخراج جثث الموتى والجرحى من تحت الانقاض».

مقاتلون أمميون

وهنالك اعضاء في منظمة الذئاب الرمادية كانوا قد شاركوا في نزاعات في الخارج، من بينها النزاعات التي وقعت في الشيشان واذربيجان، وغيرها من المناطق في آسيا الوسطى التي كانت تشكل جزءاً من الاتحاد السوفيتي، كما يقال ان تلك المنظمة شاركت في عملية غلاديو، وهي حملة مقاومة وتخريب نظمها حلف الناتو ووكالة الاستخبارات الاميركية تحسباً لغزو سوفيتي قد يستهدف الغرب، ولكن لا يوجد ما يشير الى ان جيليك قد تورط في عملية غلاديو، لانه كان صغير السن حينها، غير ان جزءاً من افادته امام النائب العام بدأها بالقول «دعوهم يأخذوني للاتحاد السوفيتي دعوهم يأخذوني الى السفارة».

ولقد اكد مراد اوستونداغ محامي جيليك «ان القوانين التركية تحظر بوضوح تسليم اي مواطن تركي لدولة اخرى»، ولكن تستطيع الدولة الروسية طلب المشاركة في محاكمة جيليك في تركيا.

ولكنه اضاف ان ذلك الامر غير محتمل، «لان شرطتنا ليس لديها سلطة السفر الى سوريا للبحث عمن هم مذنبون في اغتيال الطيار، خاصة ان حرباً تدور هناك.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً