العدد 4980 - الإثنين 25 أبريل 2016م الموافق 18 رجب 1437هـ

دوري أبطال أوروبا: دييغو سيميوني "قلب الأسد"

عندما يسأل خبراء عن رأيهم بمدرب اتلتيكو مدريد الأرجنتيني دييغو سيميوني، يجمعون على انه يلزم فريقه بأداء أتقن تنفيذه يوم كان لاعبا، ويتغلب فيه الاجتهاد والقتال بلا حدود وبعزم وطموح كبيرين، على المهارات والموهبة.

تختصر ظاهرة سيميوني بأنه "مدرب في قلب لاعب"، ويحسن نقل طبع الرغبة الجامحة إلى لاعبيه، ليصبح فريقه مدمرا.

والى معرفته التامة بأحوال الكرة الاسبانية منذ أن كان لاعبا في صفوف اشبيلية، إلى أن جمع مع اتلتيكو مدريد مدربا كأسي الليغا والسوبر الأوروبيتين العام 2012 وكأس ملك اسبانيا العام 2013، ومركز الوصافة في دوري أبطال أوروبا خلف ريال مدريد قبل عامين، يقود سيميوني اتلتيكو مدريد فريقا مؤثرا في الصدارة الاسبانية، وها هو يقحمه مجددا في المربع الذهبي للمسابقة القارية الأغلى والأبرز عالميا. ويؤكد زملاؤه السابقون مفهومه الخاص للقيادة، معوضا الفنيات المحدودة بعمل مكثف ونظرة ثاقبة.

ومنذ أن كان لاعبا في اشبيلية (1992 - 1994)، ظهر سيميوني انه يتقن فن الفوز، قالبا المقولة المعروفة "أن تعرف كيف تخسر" إلى شعار محبب هو "إن تعرف كيف تفوز". واشتهر طوال مسيرته لاعبا انه "كاسحة ألغام" توفر التمريرات المتقنة وفرص الأهداف. فكان وفق ما يقول سيباستيان فراي، زميله في إنتر (1998 -1999) إن حلم كل مدرب أن تضم تشكيلته لاعبا من طينته.

في سن السابعة عشرة احترف سيميوني في صفوف فيليز سارسفيلد ضمن الدوري الأرجنتيني للدرجة الأولى العام 1990. بعد عامين انتقل إلى بيزا الايطالي، وكان عليه أن يتخذ بسرعة قرارا مصيريا في شأن العرض المقدم، فحسم أمره وقبل التحدي. وسريعا ما تفتقت موهبته التكتيكية كما يؤكد مدربه ميرسيا لوسيسيكو، الذي عاد والتقاه مع إنتر.

تزين سجل سيميوني 106 مباريات دولية مع المنتخب الأرجنتيني الذي حمل شارة قيادته، ولقبا الدوري والكأس مع اتلتيكو العام 1996 (لعب في صفوفه من 1994 إلى 1997 ثم من 2003 إلى 2005) ولاتسيو الايطالي العام 2000. وتعزز كل ذلك صفات القيادة وملامحها الواضحة التي تجلت باكرا في مسيرته، والتي لا تبدو معالمها مكتملة ومختمرة بالخبرة إلا عند اللاعبين المخضرمين، لا سيما من ناحية اعتماده أسلوب استفزاز الخصوم حتى إحراجهم وطردهم، وهو ما يطالب لاعبيه بتطبيقه، لبعثرة صفوف الفرق التي يواجهها وتشتيت تركيزها. ومن "أدواته" المميزة في هذا السياق حالة الطرد التي تعرض لها نجم منتخب انجلترا ديفيد بيكهام خلال المباراة أمام الأرجنتين في ربع نهائي كأس العالم العام 1998.

ويعد سيميوني مدربا بالفطرة، إذ لطالما كان يحفز زملاءه قبل المباراة متوجها إلى كل منهم بعبارات الشحن المعنوي. وهو متطلب من نفسه قبل الآخرين، ينشد الانضباط الجماعي دائما.

كما يعرف بعادات يجدها بعضهم مزعجة ومقززة، ويحرص عليها قبل المباراة لطرد الإجهاد وتكثيف التركيز. وهو شجاع إلى حد التهور، إذ يتذكر كثر إصابته البليغة بقصبة ساقه التي نتأ عظمها إلى الخارج اثر احتكاكه مع مواطنه ريدوندو، في أواخر الشوط الأول من مباراة إنتر مع ريال مدريد في دور المجموعات من مسابقة دوري الأبطال العام 1999 (فاز النادي الايطالي 3-1).

فعلى رغم الألم الكبير، إصر سيميوني أن يعالج ميدانيا وتجرى له غرزات موضعية في فترة الاستراحة ما بين الشوطين، حتى يكمل المباراة.

وبعزيمة المحارب وروحه تحضر سيميوني لموقعة بايرن ميونيخ في نصف نهائي دوري الأبطال، لا سيما إن أمام الـ"روخيبلانكوس" فرصة الانتقام مما حصل في موسم 1973 - 1974. عامذاك كان الفريق المدريدي على أبواب المجد الأوروبي عندما بلغ نهائي المسابقة التي كانت تسمى كأس الأندية البطلة، للمرة الأولى في تاريخه. والتقى الطرفان على ملعب هيسل في بروكسيل (15 مايو/ أيار 1974)، وانتهى الوقت الأصلي بالتعادل السلبي. وفي الوقت الإضافي (الدقيقة 114) تقدم اتلتيكو اثر ركلة حرة نفذها "أسطورة" النادي لويس اراغونيس، قبل أن يعادل الألمان من تسديدة بعيدة لجورج شوارزينبيك.

وفي مباراة الإعادة بعد يومين في هيسل أيضا، فاز البافاريون بأربعة أهداف من دون رد، تناوب على تسجيلها أولي هونيس وغيرد مولر.

ومجددا، ينتظر مراقبون أن يتفنن سيميوني في إرباك المنافسين، وإطفاء أضواء نجومهم و"اغتيال" لمحاتهم الجميلة لصالح النتيجة. وهذا ما يترقبون أن يفعله اتلتيكو بقيادة مدرب يبتكر حلولا ولا ينزعج من ضغط الخصوم، محولا أدوات بسيطة إلى أسلحة فتاكة وبالتالي تتملكه طبيعة المحارب الذي لا يستسلم حتى الرمق الأخير.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً