العدد 4998 - الجمعة 13 مايو 2016م الموافق 06 شعبان 1437هـ

القطان: التقرير السنوي الختامي لأعمال الناس يُرفع إلى الله في شهر شعبان

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال الشيخ عدنان القطان - في خطبته أمس الجمعة (13 مايو/ أيار 2016) بجامع الفاتح الإسلامي: «إن التقرير السنوي الختامي لأعمال الناس يُرفع إلى الله في شهر شعبان».

وفي خطبته بعنوان: «فضائل شعبان وتقارير العباد»، قال القطان: «لقد جعل الله تعالى حياة الإنسان في هذا الكون، تسير وفق نظام دقيق في جميع جوانبها، فالإنسان لم يخلق سدى ولم يترك عبثاً؛ ولذلك، فقد أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وأقام الحجة، وبيّن طريق الخير والفلاح، وحذّر من طريق الضلال والانحراف، وجعل لهذه الحياة نهاية ليكون بعدها الثواب والجزاء والحساب والعقاب والجنة والنار».

وتابع «وخلال مسيرة حياتنا في هذه الدنيا، هناك أعمال وتكاليف ربانية، يجب على الفرد والمجتمع والأمة القيام بها، وهي تحصى علينا وتسجل في كتاب؛ فكل شيء مسجل ومحسوب، ويتم توثيقه في سجل لا يُغيَّر ولا يُبدَّل ولا يزوَّر؛ وقد وكل الله تعالى بكل إنسان ملكين من ملائكته؛ أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات؛ وهناك غيرهما يتعاقبون علينا بالليل والنهار، ليرفعوا تقارير إلى الملك الجبار سبحانه، عن أعمالنا صغيرها وكبيرها».

وأوضح القطان أن «الأعمال ترفع إلى الله تعالى كل يوم إثنين وخميس من كل أسبوع؛ وهذا بمثابة التقرير الأسبوعي عنك يا ابن آدم، فأين العمل وأين الحياء والخجل من الله؟! وأين المسابقة والمنافسة على الأعمال الصالحة؟، وأما التقرير السنوي الختامي لأعمالك فإنه يرفع في هذا الشهر - شهر شعبان- والذي نعيش في أيامه، حيث غفل كثير من الناس عن فضائله ومنحه وجوائزه الربانية، فقد شرع فيه جميع أعمال البر من الصدقة وقراءة القرآن والذكر والصيام، وقد كان رسول الله (ص) يصوم أكثر أيامه، وعندما سئل عن ذلك أخبر (ص) أنه شهر ترفع فيه الأعمال».

وتابع القطان «انظر وتأمل وفكر يا عبدالله، كيف سترفع أعمالك؟، وهل هي أعمال ترفع الدرجات؟، أم أنها أعمال تستحي أن تعرضها على إنسان مثلك، فكيف برب الأرض والسماوات الذي خلقك ورزقك وأسبغ عليك نعمه الظاهرة والباطنة؟، هل هذا التقرير يؤهلك للنجاح والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة؟، أم أنها أعمال ظلمت فيها وقصّرت في العبادات، وارتكبت المحرمات، وسفكت الدماء، وناصرت الظلمة، وأخذت حقوق العباد من دون وجه حق، وكذبت وزورت وسرقت وشهدت شهادة الزور، وعققت والديك وقطعت رحمك... فإذا كنت كذلك فجدد العزم والتوبة النصوح، واستغل أيامك في طاعته سبحانه قبل أن تنزل بك السكرات، ويفاجئك الموت، وتنقطع الأسباب... وها نحن يا عبدالله في شهر شعبان، انطلق منه لحياة جديدة وعام جديد، وهو شهر يستعد فيه العباد لاستقبال شهر رمضان بتهيئة النفوس بالطاعات والعبادات».

وذكر القطان أن «في هذا الشهر ليلة عظيمة ينظر الحق - سبحانه وتعالى - إلى عباده، فيمُنّ عليهم بالغفران وتتنزل عليهم الرحمات، صح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَ) أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ». فالمغفرة والرحمة في هذه الليلة لجميع عباد الله المؤمنين الموحدين، إلا من لم يحمل صفتين: الأولى خطرها عظيم على التوحيد والعقيدة -وهي الشرك-، وما أكثر الشرك في حياة المسلمين اليوم إلا من رحم الله!! فمن كانت فيه خصلة من الشرك فليتُب إلى الله حتى ينال المغفرة والرحمة في هذه الليلة المباركة... وأما الصفة الثانية التي يحرم صاحبها من عفو الله ومغفرته في هذه الليلة فهي المشاحنة والمخاصمة والعداوة بين المسلمين، بين الآباء والأبناء، وبين الجيران والإخوان، وبين الأصحاب والأصدقاء، وبين القبائل والأحزاب والجماعات والطوائف، وأبناء الوطن الواحد؟ فلماذا لا يعفو بعضنا عن بعض؟ ويسامح بعضنا بعضاً؟ ويتنازل بعضنا لبعض؟ ولنحذر من فساد ذات البين».

وأشار إلى أن «العفو خير ما ينفقه الإنسان ويتقرب به العباد؛ ومن أراد أن يعفو الله عنه فليعفُ عن خلقه، فكم من خصومات بين الناس والأهل والجيران والإخوة، وكم من قلوب ممتلئة على بعضها بعضاً بالحقد والغل والبغضاء والحسد، فلماذا لا يسامح بعضنا بعضًا؟، فهل من عفو يبني به المؤمن عزّاً ويرفع به قدراً لنفسه في الدنيا والآخرة، ويحفظ به سلامة مجتمعه وأمنه وازدهاره؟».

وقال القطان: «ها هي أعمارنا وآجالنا تطوى يوماً بعد يوم، وها هو شهر شعبان يحل ضيفاً علينا، وهو شهر غفل كثير من الناس عن فضائله ومنحه وجوائزه الربانية، فعلى المسلم والمسلمة الإكثار من الصيام فيه على حسب الطاقة؛ شريطة ذلك ألا يفوته ما هو أوجب منه وأفضل، والمرء أمير نفسه في صيامه، فمن شاء فليستكثر ومن شاء فليستقل. ولا تعيين في صيامه ولا تحديد، فيجوز الصيام على الصحيح من أوسطه أو أوله أو آخره مجتمعة أو متفرقة، ومن الحكم في صيام شعبان: التهيئة ورفع الكلفة والمشقة لصيام شهر رمضان؛ ليدخل المرء في صيامه باستعداد تام وشغف جام، وفرحة واستبشار وأنس وأنوار، فهو مقدمة لشهر عظيم وتمهيد لشهر كريم فرض الله صيامه في كتابه الكريم، فالصيام قبله في شهر شعبان، والصيام بعده في شوال، كالسنن الرواتب القبلية والبعدية بين يدي المكتوبة، فشعبان كريم بين شهرين كريمين، وعظيم بين شهرين عظيمين».

وذكر أن «من الأعمال التي يمكن للمؤمن أن يعملها في شعبان: قراءة القرآن؛ لأن القرآن نزل وعورض في رمضان، وشعبان تقدمة له».

العدد 4998 - الجمعة 13 مايو 2016م الموافق 06 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:49 ص

      كل ثانية ترفع الاعمال يا شيخ

    • زائر 1 | 9:52 م

      المناجاة الشعبانيه

      رائعة من روائع أمير الفصاحة والبلاغة الامام علي بن ابي طالب من قرأها وتمعن في قرآتها فيستشعر بروحانيه وقرب من الله تعالى نسأل الله ان يتقبل منا اليسير ويعفو عنا الكثير

    • زائر 3 زائر 1 | 5:25 ص

      آمين

      آمين

اقرأ ايضاً