تحتفل بريطانيا هذا العام بالذكرى المئوية الثالثة لولادة مصمم الحدائق "كايبابيليتي" براون الذي يعود له الفضل بتصميم عشرات الحدائق وقد نال شهرة عالمية واسعة بفضل مسلسل "داونتاون ابي" البريطاني.

ويتزامن بالتالي الاحتفال بهذه الذكرى مع مناسبتين أخريين هذا العام تتعلقان برمزين بارزين ايضا لبريطانيا هما العيد التسعين للملكة اليزابيث الثانية والذكرى المئوية الرابعة لوفاة الأديب البريطاني الأشهر وليام شكسبير.

وعلى رغم عدم تمتعه بشهرة مشابهة في الخارج، يعرف "كايبابيليتي" براون بأنه من رواد تصميم الحدائق على الطريقة الانكليزية ويحظى بتقدير كبير في بلده بفضل تصميمه أكثر من 170 حديقة بينها تلك العائدة لقصر هايكلير في جنوب غرب لندن. كما ساهم مسلسل "داونتاون ابي" في الترويج لاسمه على مستوى العالم.

وتقول فيونا كارنافرون صاحبة قصر هايكلير "بفضله، اهتم الأدب بالحدائق من جاين اوستن إلى ايفلين وو، انه جزء من ثقافتنا ومشهدنا العام وجزء مهم من تراثنا".

وقد بدأ براون المولود في 30 أغسطس/ آب 1716 لمزارع ميسور، في سن مبكرة جدا دراسة تصميم الحدائق وأصبح سريعا رائدا في مجاله قبل أن يصبح البستاني الخاص في بلاط الملك جورج الثالث.

وعمد براون الذي يمثل امتدادا لزميله وليام كنت، إلى التخلي عن القواعد الكلاسيكية والهندسية لتصميم الحدائق على الطريقة الفرنسية مفضلا العمل وإعادة ابتكار المساحات وتنظيم أسس المشهد العام بسلاسة تقربه بدرجة كبيرة من الطبيعة.

ويلفت تيم مول المؤرخ في جامعة بريستول أمام صحافيين إلى أن متنزه هايكلير "نموذج مثالي عن حدائق براون إذ انه يبدو بسيطا مع انه شديد التعقيد".

وأطلق براون سنة 1770 تصميم حديقة هايكلير المملوكة لأول كونت لكارنارفون في محيط ما كان حينها قصرا ريفيا صغيرا مصنوعا من الطوب الأحمر، وهي عملية استمرت سنوات.

ويمكن لزوار هذا القصر معاينة مناظر خلابة تضم خصوصا أشجار أرز معمرة -- يعود أقدمها إلى سنة 1740 -- ما يمثل العلامة الفارقة لأسلوب براون الذي كان يستعين بهذه الأشجار لإظهار المدى الواسع في الحدائق أو لإخفاء ناحية مطلة على القصر يمكن رؤيتها بعد التنقل مسافة متر واحد، في احد تجليات عنصر المفاجأة الذي يطبع تصاميم حدائقه.

وقد اعتنى براون بتصميم الحديقة بكامل تفاصيلها بما يشمل الممرات والتلال والمساحات العشبية والأشجار والبحيرات، لينجز في نهاية المطاف تحفة طبيعية متقنة.

وتلفت المؤرخة المتخصصة في الحدائق كايت فيلوس إلى ان "أسلوب براون تميز بإخفائه دائما المدى الأقصى للبحيرات في تصاميمه لإعطاء انطباع بأنها أكثر اتساعا بكثير مما هي في الواقع"، مضيفة أن "حدائقه مليئة دائما بالتضاريس لإظهار اتساع المدى".

أثر "داونتاون ابي"

ويوضح كونت كارنارفون جورج هربرت وهو خمسيني نحيف ذو عينين زرقاوين أثناء مرافقته صحافيين في زيارة للقصر "كبرت هنا. يمكن لهذه البيئة أن تكون مخيفة بالنسبة لطفل".

هذه الحديقة تحيط بقصر هايكلير، مقر تصوير مسلسل "داونتاون ابي" الذي تنطلق إحداثه مع غرق سفينة "تايتانك" قبل أن يركز على التوصيف التدريجي لطبقة ارستقراطية انكليزية وعلاقاتها مع العاملين لديها.

وحقق هذا المسلسل نجاحا كبيرا إذ شاهده أكثر من مليون شخص في مئتي بلد، ما منح شهرة عالمية لهذا القصر المشيد سنة 1842 بتصميم من المهندس البريطاني تشارلز باري الذي كان حينها قد انتهى حديثا من تصميم البرلمان في لندن.

وبفضل هذا المسلسل ازداد عدد زوار الموقع إلى 1500 يوميا بعدما كان يقارب المئة في أحسن الأحوال خلال الصيف.