العدد 5019 - الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ

فكروا في الغابات وابدأوا بالاستماع إلى أهلها

الوسط - المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

كنت أنا وشقيقتي نقضي الأسبوعين الأولين من إجازتنا الصيفية في مخيمات في جبال ألبانيا. وكان الحصول على مكان في أحد المخيمات يعد "ترفا" نتوق إليه، لكنني أنا وشقيتي كنا محظوظين -إذ كانت والدتنا من الأوصياء الرسميين، بحسب تقرير ذكره موقع البنك الدولي اليوم السبت (4 يونيو / حزيران 2016).

كانت توقظنا في الخامسة صباحا لنتريض في الغابة قبل أن يستيقظ الآخرون. وعلى أن أقول باعتباري ذا خمس سنوات من العمر أنني لم أكن أُقدر هذا المشهد. كان الوقت مبكرا جدا، وفي كل الأحوال، من ذا يهتم بالطيور والثعالب؟

غير أن الغابات الجبلية لاتزال تحتل موقعا سحريا في مخيلتي. كانت قصص "الأخوان جريم" غالبا ما تجري في غابات زاخرة بالكائنات الغريبة؛ مكان يعج بالنباتات والحيوانات التي تملك قوة الخير والشر. ولطالما أدرك البشر الشخصية الثنائية للغابة؛ فهي مكان الحذر والخطر، لكنها أيضا مكان للإمكانيات والعجائب. ومثلما هو الحال لأصدقائي الروس، الذين يحكون عن جمع التوت وعش الغراب في الغابات الروسية الساحرة لإكمال الوجبات الغذائية الهزيلة في الحقبة السوفيتية.

إننا نعيش الآن في عصر المدن العملاقة، وقد فقد الكثيرون منا اتصالهم المباشر بالغابة، لكن سحرها يبقى قويا كما كان دائما.

توفر الجبال الكثير من إمدادات المياه في العالم. وتوفر غاباتها الأخشاب والمواد اللازمة للطاقة والبنية التحتية. وتستمر الغابات في كونها مصدر الاكتشافات الطبية الجديدة.

ويرتبط المناخ، والانبعاثات الكربونية وخفضها، ارتباطا وثيقا بالغابة. وللغابات أهمية في الحفاظ على كتلة اليابس والموارد المائية وتنوع الحياة النباتية والحيوانية، والحفاظ عليها وتجديدها.

(رغم ذلك، ذات مرة رأينا سنجابا أحمر يقفز من فروع الأشجار، وحتى أنا كان على أن أعترف أن الأمر كان رائعا).

ومن حسن الحظ أنه لا يزال هناك أناس يعرفون الغابة معرفة وثيقة ويهتمون بها حق الاهتمام. فالملايين من سكان الشعوب الأصلية حول العالم يعتبرون الغابة هي وطنهم. ذُكِّرت بهذا الارتباط وأنا أشاهد زميلي بابسي بابالان وهو يجري مقابلة مع ميرنا كانينجام، وهي من زعماء الميسكيتو المحليين في نيكاراجوا. وميرنا هي واحدة من الزعماء المعروفين في مجال حقوق السكان الأصليين، وهي مدرسة وطبيبة. غير أنها تقول لك إنها أولا وقبل كل شيء ابنة الغابة.

ذكرت ميرنا أسطورة الإله نكي-نكي، الذي فقد ابنه في الغابة. فوسط اضطرابه وصراخه وهو يبحث عنه، أخذ نكي-نكي في نثر البذور على الأرض آملا أن يجد الطفل طريقه إلى البيت. وصارت دموعه هي نهر ريو كوكو وبذوره هي الغابة من حوله. وكما تقول ميرنا "بالنسبة للسكان المحليين فإن الغابة هي منطقة التكاثر الروحي. إنها المكان الذي نحصل منه على حياتنا، بل هي أيضا المكان الذي تعيش فيه الأرواح. إنها مكان الحياة الروحية والتكاثر".

كرست ميرنا حياتها للكفاح من أجل تحسين التعليم، وترقية سبل الحياة للنساء، ورفع مستوى الصحة، وكذا من أجل حقوق السكان الأصليين بوصفهم رعاة الغابات. فمعارفهم مصدر مهم للتخفيف من ويلات تغير المناخ. أما شغفها بالغابة وطاقتها فهما مَرَض مُعدٍ. وكان الاستماع إلى مطلب ميرنا بالتحرك قد استدعى إلى الذهن مقولة جوزيف كامبل "نحتاج للأساطير... فإن ذلك ما سيُحدث التماثل بين الفرد والكوكب".

وكما تقول ميرنا، يمكن أن نبدأ عن طريق الاستماع إلى الناس المنتمين للغابة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً