العدد 5024 - الأربعاء 08 يونيو 2016م الموافق 03 رمضان 1437هـ

التدخل الأميركي الأوروبي في ليبيا.. هل يقطع الطريق على تحوّلها إلى ملجأ آخر لـ"داعش"؟ 

الوسط - المحرر الدولي 

تحديث: 12 مايو 2017

ذهب تقريرٌ أصدره المركز العربي للأبحاث بالدوحة، لتقدير الموقف الحالي في ليبيا، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية أجرت "حواراً مكثفاً" مع ليبيا، قد يقود إلى اتفاقٍ مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج؛ يسمح بنشر "مستشارين عسكريين" أميركيين للمساعدة في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا.

التصريح الذي أعقب اجتماع حلف "الناتو"، جاء على لسان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، وعكس توجهاً أميركياً-أوروبياً للتدخل بصورة أكبر في ليبيا التي لم تشهد استقراراً منذ 2011 وحتى الآن. كما جاءت في سياق الكشف عن وجود قواتٍ خاصةٍ أميركية وأوروبية تقوم بمهمات استطلاعية وأدوارٍ تدريبية وتسليحية وتقدِّم خدمات لوجستية لقوات محلية محسوبة على حكومة الوفاق الليبية.

مبررات التدخل

تخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من قيام تنظيم "داعش" بتحويل ليبيا إلى قاعدةٍ كبرى لنشاطاته تحسباً لهزيمة محتملة في كلٍ من سورية والعراق. وترى تلك الدول أنّ أجواء الفوضى وضعف السلطة المركزية تمثّل البيئة الملائمة لتمدّد "داعش"، واستناداً إلى تقريرٍ قُدِّم إلى مجلس الأمن السنة الماضية، فإنّ زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، يحظى بنفوذٍ كبيرٍ لدى تنظيمه في ليبيا، ويسعى لتوسيع حدود "خلافته" إلى شمال أفريقيا. وقد تضاعفت الهواجس الغربية مع محاولات "داعش" السيطرة على حقول النفط في ليبيا، ليعزّز موارده المالية. وحسب تقديرات غربية، لدى "داعش" اليوم نحو 8 آلاف مقاتل في ليبيا، يتمركز أغلبهم في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، مع مخاوف من أنّ نجاح "داعش" في ترسيخ وجوده في ليبيا سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الإرهاب في شمال أفريقيا، فضلاً عن تداعيات ذلك على أوروبا نفسها، التي تخشى أيضاً من تصاعد موجات الهجرة عبر ليبيا والعلميات الإرهابية على أراضيها.

حدود التدخل

يقتصر الحديث حالياً على إيفاد مستشارين (مجموعات من القوات الخاصة) أميركيين وبريطانيين وإيطاليين، وربما فرنسيين، إلى ليبيا. ويوجد فريقان من القوات الأميركية الخاصة، منذ أواخر 2015 حول مدينتي مصراتة وبنغازي. وقد شنت الولايات المتحدة هجومين جويين على معاقل لـ "داعش" في ليبيا، كان آخرهما في شباط/ فبراير الماضي.

وتعكف القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا حالياً على تحديد عشرات الأهداف في ليبيا في حال قرّر "الناتو" بدء ضربات جوية. كما تسعى وزارة الدفاع الأميركية لتحسين التنسيق بين قوات العمليات الخاصة الأميركية ونظيرتها الفرنسية والبريطانية اللتين لديهما قوات خاصة على الأرض. وتراهن الولايات المتحدة على إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، لقيادة جهد تنسيق الحرب على "داعش"، حيث وعدت بتخصيص نصف الإمكانات المطلوبة، على الأقل، لهذه المهمة.

وعلى صعيد موازٍ، عبّرت 25 دولةً وهيئةً دوليةً، في مؤتمر عُقد في فيينا في 16 أيار/ مايو الماضي، عن استعدادها للنظر في مطالب حكومة الوفاق بمنحها استثناءات من حظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ 2011. ويصب مؤتمر فيينا في اتجاه بناء قوة سياسية تحظى بالشرعية المطلوبة في ليبيا لقيادة المعركة على الأرض ضد "داعش" بدعم دولي.

عقبات في وجه التدخل

وعلى الرغم من الاعتراف والدعم الدوليين الواسعين اللذين تحظى بهما حكومة السراج، فإنها لا تزال تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على اعتراف مختلف القوى الليبية بها بوصفها الحكومة الشرعية، فيما يمثل تنظيم "داعش" وقوات اللواء خليفة حفتر عقبتين ينبغي على حكومة السراج تجاوزهما قبل محاولة بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي.

استمرار الصراع السياسي والمسلح بين الفصائل الليبية؛ قد يؤدي إلى الفشل في تشكيل قوة محلية متماسكة لمحاربة "داعش"؛ ويشكو الأميركيون من عدم تعاون بعض الحلفاء الإقليميين الذين يدعمون سلطات طبرق وقوات حفتر ضد حكومة طرابلس والفصائل المرتبطة بها. وهو ما يؤدي إلى إضعاف موقف حكومة الوفاق وتوسيع الشرخ وتعطّل الحرب على "داعش".

كما أن تردد إيطاليا، يمثل تحدياً آخر للأميركيين، حيث تضع جملةً من الشروط للقيام بهذه المهمة، أهمها إنجاز توافقٍ ليبي على حكومة الوفاق الوطني التي ينبغي تدريبها وتسليحها، فضلاً عن مطالبتها بدعمٍ دولي واضحٍ لتلك المهمة عبر قرار من مجلس الأمن.

بالنتيجة، يبدو أنّ الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين، قد حسموا الأمر باتجاه استهداف "داعش" في ليبيا؛ لئلا تُترك ساحةً يلجأ إليها "داعش" في حالة هزيمته في العراق وسورية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً