العدد 5025 - الخميس 09 يونيو 2016م الموافق 04 رمضان 1437هـ

يسألني الياسمين؟

ميساء البشيتي
ميساء البشيتي

يسألني الياسمين ولا أجد جواباً!

بماذا أجيب الياسمين، وكيف أرد حيرته، وأُسْكن لهفته، وأنا لا أملك لسؤاله الجواب؟

يا ياسمين لا تَقْسُ، ولا تكثر للسؤال.

أنا التي أنهكتني موانئ الغربة، وأنهكتُها من وقع خطايَ، أنا التي أتعبتني شطآن المنافي، وأتعبتها وأنا أبحث عن ظل ياسمينة من بلادي أزرعها على وسائد الليل وشاحاً.. أرتديها كل صباح.. أبكي على أوراقها عند كل اشتياق.

صادقت البحر هناك لعلَّ أمواجه تأخذني بعيداً إلى غير سماء، سماء تلمع نجومها لأجلي، يضيء قمرها لأجلي، ويكتب رسائله على جبيني أنا، ولا يخطئ العنوان أبداً.

لكن البحر صار غريباً مثلي.. أمواجه استكانت.. نامت في مخدعها، ولم تعد الشمس تغريها قبلات الصباح.

صادقتُ العصافير هناك.. أغريتها للغناء على سرير الأحلام، واستهلكتُ عمري وأنا أكتبها عنوانين لمذكراتي.. رسمتها شعراً.. تغنيت بها نثراً، وطبعت على ريشاتها أحلى القبلات.

ولكنْ يبقى حنين العصافير إلى الهجرة يسري في عروقها، لا يشغلها عنه أجمل المعلقات.

وجدتُكِ يا ياسمينةُ غريبة مثلي، وحيدة مثلي، تتكئين على جدار آيل للانحناء، تلتقطين أنفاسك حسب أبجدية أعرفها جيداً، وأعرف كيف أقرأ أسرارها أيضاً.

تغطين الريشة في محبرة قلبك، وتكتبين شعراً يشبهني، ويشبه أشعاري التي سافرت معي قبل ألف شتات .

وأنا التي أتعبتني كتابة الشعر والنثر، وبُح صوت البوح في أعماقي، هل لي أن أتكئ على قلبك قليلاً، هل لي أن أغرف منه ما ضنَّت به أمواج البحر، وعصافير الشتات؟

كانت الأيام قبلك غريبة، واليوم أنا لا حاجة لي بتلك الأيام، اسقني من محبرة قلبك، أنا ما عاد يرويني الماء.

يسألني الياسمين فلا أجد جواباً!

يا ياسمين لا تكثر السؤال، أنت اليوم قلبي، وصمتُ بوحي، ومحبرة الأشعار. كل الأشعار قبلك كانت خيوط عنكبوت على أوراق هذا الزمان، أنت وحدك أبجدية، أبجدية لم يكتبها من قبل إنسان، ولم يقرأها غير قلبي، فلا تكثر الدلال يا ياسمين، ولا تكثر السؤال.

أنت أبجديتي الجديدة، وأنت رأس الصفحة، وأنت العنوان، فلا تكثر السؤال يا ياسمين، لا تكثر السؤال.

ميساء البشيتي

العدد 5025 - الخميس 09 يونيو 2016م الموافق 04 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:22 ص

      مرهفة أحرفك من نور سراج في عتمتة الليل فهل ساعتئذ لا يكون كل الدنيا !
      العابرون هم عابرون ، هم فضلوا رائحة الدم على رائحة الياسمين لأن إحساسهم ميت
      مشاعرهم ميتة وكذلك تاريخهم مهما طال فهز ميت .

اقرأ ايضاً