العدد 5030 - الثلثاء 14 يونيو 2016م الموافق 09 رمضان 1437هـ

تقلبات «الوفاق» الدراماتيكية... من التأسيس إلى الهيمنة النيابية إلى الإغلاق بقرار قضائي

«الوفاق» (2001 - 2016)... سيرة و«انغلقت»

أثناء إزالة اللافتة الخاصة بجمعية الوفاق من فوق المبنى الرئيسي للجمعية في الزنج يوم أمس   - تصوير : محمد المخرق
أثناء إزالة اللافتة الخاصة بجمعية الوفاق من فوق المبنى الرئيسي للجمعية في الزنج يوم أمس - تصوير : محمد المخرق

بين (يوليو/ تموز 2001) و(يونيو/ حزيران 2016)، سيرة عقد ونصف لجمعية الوفاق، كبرى التنظيمات السياسية في مملكة البحرين.

سيرة أغلقت بقرار قضائي صادر أمس الثلثاء (14 يونيو 2016)، وتفتحها «الوسط»، بدءاً من ظروف التأسيس، مرورا بإرهاصات المقاطعة، وانتقالا إلى انشقاقاتها الداخلية في (2005)، ثم تحولاتها ناحية المشاركة، وصولاً إلى محطة 2011 القاسية، وانتهاء بما انتهت إليه حالة الجفاء مع الجانب الرسمي، حين قضت المحكمة الكبرى الإدارية بغلق جميع مقار الجمعية والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها، وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الاسلامية والأوقاف حارساً قضائيّاً عليها إلى حين الفصل في الموضوع.

التأسيس والمظلة الجامعة

في (2001)، تحديداً بعد 5 أشهر على إقرار ميثاق العمل الوطني، كانت البداية للجمعية التي شاء مؤسسوها إطلاق اسم «الوفاق» عليها، في رغبة بدت صاعدة باتجاه تأسيس مظلة جامعة تضم تباينات فكرية وسياسية، قادمة من رحم عقود ما قبل الألفية الثالثة، وهو الأمر الذي أطاح به مرة الاختلاف بشأن قانون الجمعيات السياسية، وأخرى بشأن مقاطعة الانتخابات النيابية.

للتأسيس، كانت الراية بيد ثلة من الشخصيات (بلغ عدد المؤسسين 90 شخصاً)، بينهم أكاديميون وتكنوقراط ورجال دين، يقودهم القيادي عبدالوهاب حسين، ويجمعهم الخطاب الموجه آنذاك إلى وزير العمل والشئون الاجتماعية عبدالنبي الشعلة، جاء فيه «تتوجه رسالة الجمعية لخدمة جميع المواطنين دون استثناء التزاماً منها بمبدأ عدم التفرقة والتمييز بين المواطنين والابتعاد عن لعب أي دور فئوي، كما ستعمل الجمعية على الإصلاحات السياسية وستلتزم بمبادئ الدستور والقانون في أداء رسالتها وتحقيق أهدافها».

ومثَّل الترخيص لـ»الوفاق»، ضوءاً أخضر للظهور العلني لما عرف بتيار الإسلام السياسي، وقوامه جمعيات من الطائفتين، أبرزها الوفاق، العمل الإسلامي (منحلة)، المنبر الإسلامي، والأصالة، في ظاهرة انقسم معها البحرينيون بين مؤيد ومتحفظ.

القريبون من تلك الحقبة، يشيرون إلى ممانعة أولية أظهرها الشعلة تجاه الترخيص للجمعيات السياسية ذات اللون المذهبي الواحد، يعزز من ذلك تأكيدات الشعلة للمؤسسين، بضرورة انفتاح الجمعية على جميع المواطنين بمختلف مذاهبهم الدينية وشرائحهم الاجتماعية.

2002... بداية الجفاء

بعد 8 أشهر من تأسيسها، وجدت «الوفاق» نفسها في حالة جفاء مع الجانب الرسمي، بددت ما أسس له ميثاق العمل الوطني من حالة توافق، في إشارة إلى اعتراض الجمعية في (فبراير/ شباط 2002)، على صدور دستور 2002، والذي جاء ليطوي مرحلة دستور 73.

لحظتها، كانت «الوفاق» تجتمع مع جماهيرها في استاد النادي الأهلي، لتحدد بوصلة الأيام المقبلة. اختارت «الوفاق» مقاطعة الانتخابات النيابية، دون البلدية، فكانت بداية الانشقاقات، حين فضل عبدالوهاب حسين، أحد أبرز مؤسسي «الوفاق»، حملة لواء المقاطعة المطلقة.

جفاء المرحلة هذا، لم يحل دون التهام «الوفاق» نصيباً وافراً من المقاعد في أولى تجاربها الانتخابية، لتفتح بذلك شهيتها على انتخابات 2006، ولتبدأ معها الجمعية، مرحلة ترتيب البيت الداخلي، ببناء هياكلها بما في ذلك شورى الجمعية وأمانتها العامة وهيئة التحكيم، ونسج علاقاتها الخارجية والدولية.

انشقاقات 2004 - 2005

لم تمضِ الأمور دون منغصات لـ»الوفاق»، ففي العام 2004، «تتبرعم» جمعية الوفاق، لتلد جمعية العدالة والتنمية والتي لم تكتب لها الحياة طويلاً، وفي 2005، يقرر اثنان من أبرز قياديي «الوفاق» الاستقالة، اعتراضاً منهما على توفيق الجمعية أوضاعها مع قانون الجمعيات السياسية. حينها قرر نائب الأمين العام في الجمعية حسن مشيمع ورئيس العلاقات الخارجية في الجمعية عبدالجليل السنكيس، الانشقاق عن رفاق درب التسعينات، دون أن يلقي ذلك بظلاله على شعبية «الوفاق» التي أظهرت قدرة على الحفاظ على المركز الأول في قائمة التنظيمات الأكثر جماهيرية.

على رغم ذلك، أظهرت «الوفاق» عجزاً في قيادة الجسد المعارض في البحرين، بلا تشظيات. أخفقت كل محاولات التقريب والتنسيق، ودخلت مع رفقاء الدرب، في مساحات من التشنج والمواجهة.

2006 عام «الهيمنة النيابية»

بعد 4 سنوات على قرار مقاطعتها للانتخابات النيابية في 2002، اختارت جمعية الوفاق مغادرة «سلبية التعاطي مع العملية السياسية»، فكان قرار المشاركة الذي اتخذته الجمعية بالاعتماد على (أجهزتها الداخلية)، ودون العودة إلى مؤتمرها العام كما كان عليه الحال في 2002.

وانطلقت مكنة «الوفاق»، لتحصد 18 مقعداً (أهدت واحدا منها إلى النائب السابق عبدالعزيز أبل)، ولتصبح منذ ذاك، الكتلة البرلمانية الأكبر في تاريخ التجربة النيابية البحرينية المستأنفة منذ 2002.

مثل هذا القرار، لحظة تحول رئيسية في تاريخ الجمعية، «فتح لها الأبواب» كما يعبر عن ذلك أمينها العام الشيخ علي سلمان، وأتاح لها وضع نفسها وللمرة الأولى على خارطة المشهد السياسي وصنع القرار، وذلك بعد أن أتاحت لها النتائج استعراض القوة الوفاقية، حين حصد (17) نائباً منها (82838 صوتاً)، بنسبة أصوات بلغت 63.7 في المئة.

2010... بداية جيدة

بدأت «الوفاق» العام 2010، بصورة جيدة. كررت نجاحاتها الانتخابية، واستمرت نتيجة لذلك سيدةً على 18 دائرة من أصل 40 دائرة في البحرين، فارتقت سلم الحياة التشريعية، حتى كانت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على المطرقة النيابية، بوصول عضوها خليل المرزوق إلى منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب.

لم يدم ذلك طويلاً. يقضي البوعزيزي محترقاً فتصل شرارات ربيعه العربي إلى البحرين، تتسارع الأحداث فتجد «الوفاق» نفسها خارج قبة البرلمان. في (فبراير 2011)، تجمد الكتلة الوفاقية عضويتها، ثم تنسحب، فيسدل الستار على ربيع برلماني لم تنعم به «الوفاق» سوى فصل تشريعي واحد.

الشارع أم البرلمان؟

مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي للعام 2014، كانت «الوفاق» تقترب ورفيقاتها في المعارضة من العودة إلى مربع المقاطعة مجددا. قررت الجمعيات السياسية أن تزهد في البرلمان وأن تستعيض عنه بالشارع، حيث الاعتصامات والمسيرات المرخصة التي كانت تجوب بشكل مركز، شارع البديع، معقل «الوفاق» الرئيسي.

في العام 2014، كان الاتجاه الرسمي يعد العدة لإسدال الستار على مرحلة «المسيرات المرخصة»، فكان المنع مع مطلع العام 2015 الذي انتهى بـ»الوفاق» والمعارضة، لأن تجد نفسها بلا شارع ولا برلمان.

البقاء تحت عباءة «الزعيم»

ظلت «الوفاق» متدثرة تحت عباءة زعيمها وأمينها العام الشيخ علي سلمان، حتى تاريخ حبسه في (28 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، لتدخل على إثر ذلك الجمعية والمعارضة، مرحلة من الجمود السياسي.

في (30 مايو/ أيار 2016)، تقضي محكمة الاستئناف العليا برفع الحكم الصادر بحق سلمان بالسجن من 4 إلى 9 سنوات، لتتعرض الجمعية لسلسلة متلاحقة من الإجراءات والتشريعات، فبحسب قانون الجمعيات السياسية المعدل مؤخراً، لم يعد ممكناً لقياديي «الوفاق» وأعضائها، ارتقاء المنبر الديني، الأداة الفعالة لتنظيمات الإسلام السياسي، وصولاً إلى يوم أمس الثلثاء (14 يونيو 2016)، كانت «الوفاق» على موعد مع التطور الدراماتيكي الأبرز. إغلاق مقارها وتجميد نشاطها حتى موعد الفصل في موضوع الدعوى، المحدد له (6 أكتوبر/ تشرين الأول 2016).

loc-7

محطات بارزة في سيرة جمعية الوفاق (2001 – 2016)

العام

المحطة

2001

تأسيس الجمعية.

2002

الاعتراض على صدور دستور 2002 ومقاطعة الانتخابات النيابية.

2002

الانشقاق الأول: عبدالوهاب حسين يعتزل “الوفاق”.

2004

الانشقاق الثاني: تكنوقراط يؤسسون جمعية العدالة والتنمية.

2005

الانشقاق الثالث: خروج كل من نائب الأمين العام لجمعية الوفاق حسن مشيمع ورئيس العلاقات الخارجية عبدالجليل السنكيس.

2006

توفيق أوضاع الجمعية مع قانون الجمعيات السياسية.

2006

العدول عن قرار المقاطعة، والدخول للمرة الأولى في البرلمان بـ (18) مقعداً، خصصت واحدا منها للنائب السابق عبدالعزيز أبل.

2010

تكرار السيادة النيابية والوصول لمنصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب.

2011

تجميد العضوية والاستقالة عقب أحداث فبراير 2011.

بدءاً من 2011

المشاركة في جولات حوار التوافق الوطني.

2014

مقاطعة «الوفاق” والمعارضة لانتخابات 2014.

2014

حبس الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، ومنع المسيرات المرخصة.

2016

محكمة الاستئناف العليا ترفع الحكم على الشيخ علي سلمان من 4 إلى 9 سنوات.

2016

إغلاق مقار «الوفاق» وتعليق نشاطها حتى موعد الفصل في موضوع الدعوى، المحدد له (6 أكتوبر/ تشرين الأول 2016).

العدد 5030 - الثلثاء 14 يونيو 2016م الموافق 09 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً