العدد 5031 - الأربعاء 15 يونيو 2016م الموافق 10 رمضان 1437هـ

"تحويل الماء إلى غذاء" قد ينهي الجوع في العالم العربي

الوسط – المحرر الدولي 

تحديث: 12 مايو 2017

معدل استهلاكنا للماء هو ضعف المعدل العالمي جراء الإسراف والإهدار المبالغ فيهما باستخدام الماء في المنزل أو العمل أو المراكز التجارية والمتنزهات، مما جعل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) تحذر من وجود قنبلة موقوتة اسمها "أزمة المياه"، بحسب ما نقلت صحيفة "النهار".

 

أزمة المياه في العالم العربي

 

أثَّرت العوامل البيئية البشرية مباشرة في أزمة المياه واندرجت ضمن خانات أبرزها التلوث، والإهدار المتزايد، وارتفاع النمو السكاني، ما دفع بالجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعلان يوم 22 مارس/ آذار من كل سنة "اليوم الدولي للمياه" وبدأ الاحتفاءُ به منذ عام 1993.

وفي العام 2015، أي بعد مرور 22 عاماً على رفع الصوت ودقّ ناقوس خطر تفاقم أزمة المياه، بيَّن تقرير صادر عن "البنك الدولي" بقلم غنيمة العتيبي، بعنوان: "بالأرقام: حقائق عن أزمة المياه في العالم العربي" أنَّ "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضم 6 في المئة من سكان العالم، فيما الموارد المائية المتجددة لديها أقل من 2 في المئة في العالم. وتُعتبر الأكثر جفافاً في العالم، حيث تضم أكثر من 12 بلداً تعاني ندرة المياه منها: الجزائر، والبحرين، والكويت، والأردن، وليبيا، وسلطنة عمان، والأراضي الفلسطينية، وقطر، والسعودية، وتونس، والإمارات، واليمن".

وأشار التقرير إلى أنَّ "هذه البلدان غير قادرة على تلبية الطلب الحالي للماء بشكل مستدام، ومع نمو السكان وزيادة الطلب، ما يعني أنَّ نصيب الفرد من وفرة المياه سينخفض إلى النصف بحلول عام 2050". بدورها، أشارت باحثة هندية تُدعى فاندانا شيفا في كتابها "حروب المياه" إلى أنه من المتوقع "في العام 2025 أن تكون هناك 56 دولة حول العالم تعاني ندرة في المياه، بعدما كان عدد هذه الدول يبلغ 28 عام 1998، ما مفاده أنَّ 817 مليون نسمة سيعانون ندرة المياه عام 2025، بعدما وصل الرقم عام 1990 إلى 131 مليوناً".

 

تحويل المياه إلى غذاء

 

هذه الأزمة قد تجد طريقها إلى الحل فيما لو تعَّمقت الحكومات في خطوة الشركة الألمانية الرائدة في قطاع التجهيزات الصحية "غروهي" (GROHE) بالتعاون مع بنك الطعام المصري.

قال المدير العام ورئيس شركة "غروهي" في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا سيمون ج. شعيا لصحيفة "النهار" إنَّ "الفكرة انطلقت منذ 5 سنوات في حفل أقيم في الأردن فلفت أحد الحاضرين انتباهنا إلى مشكلة تعانيها بعض قبائل البدو في عدم القدرة على الحصول على مياه نظيفة، طالباً إمكان المساعدة. فأطلقنا مشروعاً أتاح وصول المياه النظيفة إلى صحراء عمان لتتمكن هذه القبائل من الشرب وتأمين المياه للمواشي، ما لاقى صدى إيجابياً عند المعنيين. ودفعنا إلى التفكير ملياً في البحث عن حلول للإهدار الكبير في المياه، في ظل وجود شركات تنادي بتوفير المياه من دون أن تحرك ساكناً. وبهدف التشجيع على المحفاظة على المياه بدأنا بموضوع الوضوء في الجوامع المرتبط بالواجبات الدينية لئلا يكون هناك إهدار مياه داخل الجوامع. عملنا في جامع في سوريا، وجامع الشيخ زايد في دولة الإمارات، كما استبدلت الشركة عدداً من الصنابير في مسجد عمرو بن العاص في مصر. وبات التفكير في كيفية زيادة الوعي لهذه المسألة في دولنا العربية حيث توجد حالات صعبة اجتماعياً فبرزت فكرة دمج المياه بحصص غذائية، إذ في بلادنا هناك إهدار كبير في المياه والغذاء، وفي المقابل نجد أناساً يعانون صعوبة في الحصول على مياه نظيفة ووجبة غذاء يومية. لذا، أطلقنا فكرة Turn water into Food من السعودية وهذا العام أتممنا شراكة مع بنك الطعام المصري الذي يملك بيانات عن عائلات محتاجة. ولمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، تعاونا معاً لتوزيع وجبات الغذاء. مما ساهم في توفير ما يقرب من 5000 لتر من الماء تحوَّلت هذا العام إلى وجبات غذاء ونماذج زراعية ستُوزّع على الأسر المحتاجة خلال شهر رمضان. وبالتالي سيكون الماء قد تحوَّل إلى غذاء بكلّ ما للكلمة من معنى".

 

نأمل تعاوناً حكومياً ودولياً

 

ماذا عن لبنان خصوصاً في ظل عجز الحكومة أمام عدد اللاجئين الهائل؟ يجيب: "العمل الأساسي لبنك الطعام المصري يهدف إلى مكافحة الجوع. ومن خلال المشروع علمنا أنَّ بنك الطعام موجود في دول عربية عدَّة، ونحن نبحث في مسألة توسيع عملنا معهم، ولبنان سيكون طبعاً ضمن هذا المخطط. كنا نسعى إلى إطار اجتماعي لنتمكن من الوصول إلى العائلات المحتاجة. الفكرة بدأت صغيرة وبُني عليها ليصبح تأثيرها أوسع. لذا، ندعو الأمم المتحدة، والحكومات، والمنظمات غير الحكومية إلى مساعدتنا في هذا الموضوع، وأن يقفوا إلى جانبنا لتحقيقه".

 

اكتفاء ذاتي واستدامة للزراعة

 

يلفت شعيا إلى المثل القائل: "لا تعطي الفقير سمكة ولكن علمه كيف يصطاد"، فلا يكفي أن نعطي الناس وجبات غذائية في هذا الشهر الفضيل، بل هدفنا يكمن في التواصل مع الناس طيلة أيام السنة، ومن هنا، تبنينا فكرة بناء وحدات زراعة للأسطح، وهي طريقة مستحدثة ومستدامة للزراعة توفر كمية كبيرة من المياه قد يصل حصادها إلى 660 نبتة في الوحدة مما يضيف 14,400 جنيه مصري إلى دخل الأسرة السنوي. وهذه الزراعة ستجعل الأسطح خضراء في العواصم العربية التي تجتاحها أبنية الباطون، كما أنها ستؤمن للأسر مصدر دخل مادي وغذاءً طبيعياً يومياً. ونحن نفكر ملياً في إمكان نقل هذا النموذج من مصر إلى لبنان للبدء بإرساء مفهوم الاكتفاء الذاتي".

لا يمكن الاستغناء عن الماء مما يستدعي نشر الوعي حول أهمية المياه في المدارس وأماكن العمل، والمصانع والمساجد وأماكن الترفيه والأسواق، وكل بقعة تصل إليها قطرة من الماء. لأنَّ المسألة خطرة وتهدد حياتنا وحياة الأجيال القادمة، كما أنَّ الاكتفاء الذاتي الفردي يوفر مبالغ طائلة على الحكومات، وقد ينعكس إيجاباً على القطاع الزراعي في لبنان الذي إنْ شهد نمواً سيساهم في توفير فرص عمل وخفض الفقر والجوع بين المواطنين واللاجئين.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً