العدد 5033 - الجمعة 17 يونيو 2016م الموافق 12 رمضان 1437هـ

موعدُ خطوبة

قصة قصيرة - سلمى حسن علي حسن 

تحديث: 12 مايو 2017

جلس الحاج معروف في المقعد الأمامي في سيارة ابنه البكر، ينتظره لينطلقا في موكب من سيارات تقل الأقرباء لحضور جلسة الخطبة الرسمية. تبرَّم من طول الانتظار، فانفجر في بلال عامل تنظيف السيارة:

- يكفي تلميعاً لهذه السيارة. اذهب.

وبينما ركب العامل الآسيوي دراجته المتهالكة على عجل، انطلق صوت بوق السيارة ليقطع سكينة الحي. سمع عبدالرحيم بوق سيارته يزمجر بلا هوادة فعَلِم أن صبر أبيه قد نفد... نزل من السلَّم على عجل، تلقفته والدته ببهجة وهي تزغرد بفرح، حاملةً مبخرها الذهبي، فراحت تدور حوله متمتمة بتعاويذ وآيات، وعاد مجدداً يُزوّق مظهره أمام مرآة الصالة، قبل أن يرتعد من صوت بوق السيارة المزمجر مرة أخرى. فهرولا مُسرعين. صعدا السيارة فبادرهما الحاج معروف منتفضاً وهو يتوجه باللوم إلى أم عبدالرحيم:

- تأخرنا على الموعد. الجميع ينتظركم. ما الذي أخرَّك يا ترى؟

لم ترَ أم عبدالرحيم بداً من الدفاع عن ابنها:

- لابد له من التأكد من مظهره بصورة دقيقة، انظر إليه.

- لقد أنهى مقابلة الفتاة واتفقا على أدق تفاصيل الزواج، فما قصة هذا التهندم والتأنق منذ نصف ساعة؟ تعلمين ألاَّ حاجة لذلك فهذه مجرد جلسة رسمية تسبق عقد القران، وأصبحت تحصيل حاصل هذه الأيام. ابتسم عبدالرحيم أخيراً وهو يسترق نظرة إلى مظهره بواسطة المرآة الأمامية.

وصلت القافلة إلى بيت الفتاة، ونزل الجميع إلى قارعة الطريق في انتظار إذن الدخول... كانت تلك فرصة لأخواته لينظرن إلى هواتفهن ويراجعن مظاهرهن مرة. كان كل شيء يوحي بحجم الاستعداد لهذه المناسبة الرسمية، فلقد كانت صالة استقبال الرجال قد امتلأت بالأقارب، ورائحة البخور تفوح من كل مكان. تزاحمت أطباق الفواكه والمكسرات والمقبلات أمام الحضور بأسلوب ينم عن عناية فائقة بالتفاصيل.

كان عبدالرحيم يجلس قرب والده في رهبة لا إرادية يرمق بتوتر وجوه الحاضرين، يحاول عبثاً إخفاء اضطراب أطرافه واصطكاك أسنانه، تدور عيناه بتشتت، يبدو مختنقاً من رائحة البخور التي تشبعت بها ملابسه. يحاول جاهداً ازدراد ريقه. شعر بنفسه غارقاً تأخذه أفكار لا معنى لها، لينتبه لصوت والده الذي ساد المجلس:

- جئنا لخطبة ابنتكم.

نظر الحاج معروف إلى ابنه مستفهما عن اسم الفتاة، فرد عبدالرحيم بصوت غير مفهوم. مازالت عينا الأب متعلقة بعيني ابنه تنتظر الجواب بحرج... أعاد سؤاله:

- ما اسمها؟

نظرات والد الفتاة تخترق عبدالرحيم... اهتزت عينا الحاج معروف بقلق قبل أن يستدير بجذعه كاملاً لابنه... تفحصه فرأى عينين تلتمعان بالخوف والرهبة وفماً فاغراً. هزه بعنف:

- ما بك... تكلم!!!

بدأ الأقارب بالالتفاف حوله في قلق... يتساءلون

- ما به؟ ما الذي حدث؟

أصدر عبدالرحيم صوتاً يشبه صوت كالأبكم الذي لا يقوى على الكلام. حاول مراراً دون جدوى، فانهمرت دموعه... صُدم الجميع. فصاح أحد أقارب الفتاة مستهجناً:

- هل هو أبكم؟

رد أحد أقارب الحاج معروف مدافعاً:

- لا. إنه ليس أبكماً. يبدو أنه مصدوم فقط.

وعندما همَّ الحضور بالتفرق والانصراف، بدأ حلم عبدالرحيم بالأفول والتبدُّد.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 6:05 م

      "من التأكد من" الصياغة غير سليمة هنا
      "يحاول جاهداً ازدراد ريقه" الازدراد يكون للطعام وبلعه بسرعة، أم هنا فالريق يجف وليس موجودا بكثرة ولهذا الاستخدام خاطيء لأن اللقمة الكبيرة تحتاج للمضغ ولكن ازدرادها بسرعة يسهل الانتهاء من الطعام. أم الحلق فقد جف من التوتر لذا فالريق غير موجود

    • زائر 16 | 5:54 م

      صوتاً يشبه صوت كالأبكم الذي لا يقوى على الكلام.
      لايوجد أبكم يقدر على الكلام وأبكم لا يقدر. كما أن كلمة "صوت كالأبكم" منصوبة هنا فتكتب صوتا. والجملة صياغتها لايستقيم لغة مع أن التشبيه لايحتاج للتفسير فجاءت الكلمة تفسر وتشرح بأسلوب تقريري وهو خلاف البلاغة

    • زائر 15 | 11:00 ص

      الكاتبة تمتلك ادوات الكتابه الساخرة والقدرة على ابراز التفاصيل التي تعكس نفسيات الشخوص وهي تفاصيل ما خلف الكواليس، فالقصة أقرب الى مدرسة " اللا حبكة".

    • زائر 14 | 9:06 ص

      ليس في مقدور اي شخص كتابة القصة القصيرة او غيرها مالم يكن موهوبا او هاويا او متمكنا .. القصة جميلة وهي تحدث لدى بعص الشباب التلعثم والارتباك والخوف يوم الخطبة .. بالتوفيق .

    • زائر 13 | 7:49 ص

      اصلا ما عرفنا ويش السالفه

    • زائر 12 | 6:25 ص

      كوني مهتماً

      اهتم كثيراً بقراءة القصة القصيرة باللغتين العربية والإنجليزية .. أرجو من القرّاء الكرام إبداء آراءهم إن كان ماهو منشور أعلاه يندرج ضمن قائمة القصص القصيرة من عدمه لمساعدتي كوني أكتب حالياً رسالة الدكتوراه حول القصة القصيرة.مع رجائي بعدم المساس بالؤلفة

    • زائر 10 | 5:19 ص

      استفسار ؟

      وهل هناك رهبة إرادية وأخرى لا إرادية ؟؟؟ أشك بل أؤكد بأن الرهبة واحدة !

    • زائر 7 | 4:42 ص

      يعني من المستحه بلع السانه !

    • زائر 9 زائر 7 | 5:15 ص

      الظاهر صاحبنة مدمن افلام هندية.
      ههههههههه

    • زائر 6 | 4:36 ص

      هذا موعد خطبة ام موعد مع عزرائيل - الي اشوفه الحين عيال الزمن لا خوف ولا خجل والكل يترقص ليلة زواجه ولا صم ولا بكم -

    • زائر 3 | 1:24 ص

      ويش الزبدة الحين؟؟؟

    • زائر 5 زائر 3 | 1:45 ص

      شكله كان يحلم

    • زائر 2 | 10:23 م

      يا علي ويش هالقصص المأساوية ههه

    • زائر 1 | 10:18 م

      وين التكملة ؟

اقرأ ايضاً