العدد 5037 - الثلثاء 21 يونيو 2016م الموافق 16 رمضان 1437هـ

مكاسب الفلوجة تعزز موقف رئيس الوزراء العراقي... لكن إلى متى؟

فاجأ دخول القوات العراقية السريع إلى وسط الفلوجة الأسبوع الماضي كثيرين كانوا يتوقعون معركة طويلة مع تنظيم داعش للسيطرة على المدينة التي شهدت بعضا من أشرس المعارك ضد الاحتلال الأمريكي.

أعطت الحملة لرئيس الوزراء حيدر العبادي فرصة لالتقاط الأنفاس بعد أزمة سياسية أصابت الحكومة بالشلل وشابها بعض العنف حين اقتحم متظاهرون المنطقة الخضراء الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة في بغداد.

لكن لا تزال هناك تساؤلات بشأن ما إذا كان العبادي يستطيع تحويل هذه المكاسب العسكرية إلى نجاح سياسي وما هو النموذج الذي ستقدمه الفلوجة للحملة العسكرية الكبرى القادمة لاستعادة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم داعش. وأعلن العبادي النصر في الفلوجة يوم الجمعة على الرغم من أن التنظيم المتشدد ما زال يقاتل في المدينة.

وقال ريناد منصور الباحث العراقي بمركز كارنيجي للشرق الأوسط إن العبادي وقادته الذين تعهدوا باستعادة المدينة الواقعة بشمال البلاد في وقت لاحق هذا العام "بحاجة إلى نصر سريع لأنهم يعون جيدا (أهمية) الاستناد إلى سابقة".

ومضى يقول "كانت الفلوجة مصدر إلهاء. الاحتجاجات في بغداد ستعود. الناس سيقولون حسناً استعدنا الفلوجة... ما الذي يحدث سياسيا؟".

وتعيش الحكومة العراقية حالة من الشلل منذ شهور بعد أن عرقل خصوم خطط العبادي لإجراء تعديل وزاري بهدف مكافحة الفساد المستشري في بلد يمر بأزمة اقتصادية طاحنة نتيجة الهبوط الشديد في أسعار النفط العالمية.

ونزل آلاف المتظاهرين ومعظمهم من أنصار رجل الدين مقتدى الصدر إلى الشوارع في وقت سابق هذا العام للضغط على العبادي ليستبدل الوزراء المنتمين لأحزاب بتكنوقراط مستقلين وهو ما قاومته النخبة السياسية.

وجاء قرار رئيس الوزراء مهاجمة الفلوجة الشهر الماضي على غير رغبة حليفته الولايات المتحدة ليتيح له حشد تأييد الطبقة السياسية الشيعية التي كانت تحثه على استعادة المدينة وكانت تعتبر نقطة الانطلاق لتفجيرات وقعت في الآونة الأخيرة ببغداد القريبة.

وكان ينظر إلى الفلوجة على أنها معقل للمسلحين السنة لأكثر من عشر سنوات وقد تكبدت القوات الأمريكية التي أطاحت بصدام حسين خسائر فادحة هناك في معركتين عام 2004. ولم تلحق بالقوات العراقية حتى الآن خسائر بشرية بهذا الحجم.

وقال مسؤول من إحدى الدول أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويساند القوات العراقية "السؤال الصعب هو هل سيتجه (المتشددون) إلى الموصل. هل سيبقون في الفلوجة. هل يشنون هجمات في أماكن أخرى؟"

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 85 ألف شخص فروا من الفلوجة. وتقدر المنظمة الدولية عدد السكان قبل بدء العملية بنحو 90 ألفا ويمثل هذا العدد ثلث حجم السكان قبل أن يسيطر تنظيم داعش على المدينة في أوائل 2014.

لكن نائبا آخر ودبلوماسيا غربيا قالا إن في حين أن المكاسب في الفلوجة ستعزز موقف رئيس الوزراء على الأمد القصير فإنه لا يوجد ما يشير إلى أنها ستساعد على دفع أجندته السياسية.

وقال الدبلوماسي "حين ينعقد البرلمان فإنه غالبا سيشير إلى الفلوجة" لكن مطالب النواب والشارع "لن تتبدد لأن الفلوجة تحررت".

 

دروس للموصل

يقول مسؤولون عراقيون وغربيون إن عملية الفلوجة توفر على الأقل نموذجا محتملا لحملة الموصل معقل تنظيم داعش في العراق التي لا تزال قيد التخطيط.

وتصدر الحملة جهاز مكافحة الإرهاب العراقي الذي تدرب على قتال المتشددين الذين يستخدمون خليطا من أساليب حرب العصابات والأساليب التقليدية في القتال كما تحتل وحدات من الجيش والشرطة أيضا مواقع رئيسية. ودعم التحالف الحملة بنحو 85 ضربة جوية.

أما فصائل الحشد الشعبي والتي أثارت مخاوف من تفجر عنف طائفي بالإصرار على دخول المدينة فاقتصر وجودها على المشارف لكنها ما زالت تثير جدلا.

وبعد أيام من إعلان العبادي الهجوم نشرت وسائل إعلام إيرانية صورا لما قالت إنها زيارة قام بها الجنرال الإيراني قاسم سليماني للفصائل التي تقاتل إلى جانب الجيش.

كما ظهر سليماني أيضا في المعركة التي جرت العام الماضي للسيطرة على تكريت حيث اتهمت الفصائل بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقالت وسيلة إعلام إخبارية إيرانية إنه انتقل إلى سوريا في الأيام القليلة الماضية حيث تساند الفصائل المدعومة من إيران الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة المعارضين السنة.

وعلى الرغم من لعب دور هامشي في الفلوجة فإن الفصائل واجهت مزاعم من المحافظ بأنها أعدمت 49 سنيا واعتقلت أكثر من 600 آخرين. ونفت الفصائل هذه الاتهامات.

وقال الدبلوماسي الغربي "تجدر الإشادة بالعبادي لإبقائه الفصائل خارج الفلوجة" مضيفا أن الحكومة سارعت لوضع نهاية للانتهاكات المزعومة.

وقامت السلطات باعتقالات فيما يتصل بالمزاعم لكن الأمم المتحدة ذكرت اليوم الأربعاء مزاعم أخرى عن ارتكاب الجماعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش في الفلوجة انتهاكات خطيرة للحقوق.

وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق روبرت فورد في مقال مؤخرا "تأثير العبادي على هذه الفصائل المدعومة من إيران محدود وبالتالي فإن محاسبة أي أحد ستكون مؤشرا على زيادة ثقل العبادي السياسي".

لكن سكانا بالموصل تحدثوا إلى رويترز عبر الهاتف والإنترنت قالوا إنهم يخشون التعرض لانتهاكات مماثلة إذا سمح للفصائل بالمشاركة في الحملة على مدينتهم.

وقال عبد الرحمن الجبوري عضو مجلس محافظة نينوى لرويترز في أربيل "رأينا الحشد الشعبي قد ارتكب تجاوزات ترقى إلى حد الجرائم ولذا نكرر رفضنا دخولهم إلى نينوى".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:21 م

      ليس مهما من يحكم العبادي او غيره سنيا ام شيعيا كان المهم أن يقضى على الإرهاب كله مع الدواعش في السلطة والبرلمان ويجب محاسبة كل من كان غطاء وتعاون من السياسيين او العسكريين مع داعش .

اقرأ ايضاً