العدد 5042 - الأحد 26 يونيو 2016م الموافق 21 رمضان 1437هـ

وصايا الصيام من أجل السّلام

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

احتضن المعهد الدولي للسلام الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العشرين من يونيو/ حزيران الماضي الموافق لـ15 من شهر رمضان 1437هـ تجمُّعاً لممثلي الأديان في مملكة البحرين، وذلك في مقر المعهد بالمرفأ المالي. وكان اللقاء فرصة متجددة من المعهد لإصدار بيان أكّد فيه المجتمعون على تقديرهم وتثمينهم للحريات الدينيّة في مملكة البحرين، وناشدوا جميع ممثلي الأديان للتأمّل في مرامي السلام من خلال الصوم في جميع الكتب المنزلة، والممارسات الدينية ذات العلاقة. كما دعوا إلى التحرك ضدّ التطرف العنيف، وجميع أشكال الطائفية والعداء والإقصاء والتمييز، وجددوا تمسكهم بالمفاهيم الكونية للصيام بما في ذلك السعي للقضاء على الشر والجوع والظلم. وانتهوا إلى دعوة جميع المؤسسات التعليمية والروحية والثقافية لتعزيز وصايا الصيام من أجل السلام على النحو المنصوص عليه في جميع المعتقدات والأديان.

لكن كيف يتحوّل الصيام إلى وسيلة لإحلال السلام؟ وإلى أيّ مدى يساعد المشايخ ورجال الدين على استثمار الصيام لنشر ثقافة السلام وتحويلها إلى ممارسة وسلوك حياتي يومي؟

بادئ الأمر، وفيما يتعلق بهذا اللقاء والإعلان المتمخّض عنه، نثمّن هذه البادرة الطيبة للمعهد الدولي للسلام الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي اتخذ من مملكة البحرين مقراً له لما يجده فيها من دعم متواصل لجهود إحلال السلام في العالم. كما نقدّر عالياً جهوده المخلصة في جمع ممثلي الأديان على طاولة الحوار من أجل توظيف خطاب دينيّ معتدل بمختلف مشاربه لنشر ثقافة السلام. وهو ما يؤكد الدور الذي يتوقّع أن تنهض به المنابر الدينية في هذا الغرض.

ولئن جاءت كلمات ممثلي الأديان في هذا اللقاء معبّرة عن هذا التوجّه، ومؤكدة على أنّ الصيام سبيل إلى إحلال السلام، فإنّ حجم حضور ممثلي الأديان في اللقاء لا يعكس من حيث النسبة والأرقام خريطة الأديان في مملكة البحرين؛ فبعض الأديان قد يُعدّ أتباعها بالعشرات أو المئات ويكون لها ممثّل في هكذا لقاءات ينظمها المعهد، وهذا ليس خطأ، في حين أنّ المسلمين لا يمثلهم إلَّا رجلان اثنان مع احترامنا وإجلالنا لهما وهو ما لا يعكس عدد المسلمين في المملكة. بل لعل حضور ممثلين عن الكنائس المسيحية المختلفة في البحرين جعل عدد حضور ممثلي الدين المسيحي أضعاف عدد ممثلي الدين الإسلامي دين المملكة الحنيف. وهو ما يدعو إدارة المعهد إلى أخذ ذلك بعين الاعتبار.

إضافة إلى ذلك يبقى السؤال عن مدى نقل مخرجات هذه اللقاءات إلى المشايخ والأئمة، وعن الآليات الرسمية المتبعة للتواصل بين مُمثِّلَيْ الدين الإسلامي وبقية الرموز الدينية والعلماء والمشايخ في المساجد. ولمزيد تحقيق أهدافه من مثل هذه اللقاءات وحتى تنزل «وصايا الصيام من أجل السلام» من الطابق الخامس بالمرفأ المالي إلى أرض الواقع وتجد إلى قلوب المؤمنين لها سبيلاً لابد من إشراك أكبر عدد ممكن من المشايخ والعلماء المسلمين في مثل هذه اللقاءات.

لاشك أنّ الحاجة ملحة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى لمعرفة الطريقة التي توصل الإنسانية إلى بناء مجتمعات متحضرة تعيش في سلام مستدام. ولعلّ الصيام والسلام في هذا الباب صنوان، إذْ بهما تبنى الحضارة؛ فالصيام هو الامتناع والتوقف الاختياري عن الفعل السيّئ وردّ الفعل عن الإساءة. كما أنّ الصيام في بعض معانيه الأخرى هو كفّ السمع والبصر واللسان واليدين والرِجلين وسائر الجوارح من ارتكاب المعاصي مع المسارعة إلى الخيرات.

وأمّا السلام فمن معانيه الامتناع الشامل عن القيام بأيّ سلوك عنيف فرديّ أو جماعيّ ضدّ النفس أو الغير. ولمّا كانت الحضارة تبدأ عندما ينتهي القلق والاضطراب أي عندما تسود ثقافة السلام، ولمّا كان الصيام بمعناه اللغوي والاصطلاحي، لا الشرعي فقط، يساهم في نشر ثقافة السلام، فإنّ الصيام يغدو أحد محفزات الثقافة والسلوك السلميّ من أجل بناء الحضارة.

وبناءً على ما تقدم، يمكن اختزال معادلة الصيام والسلام من أجل بناء الحضارة استناداً إلى أسلوب الاستدلال السقراطي فنقول:

مقدمة أولى: الصيام يبني السلام.

مقدمة ثانية: السلام يبني الحضارة.

النتيجة: الصيام يبني الحضارة.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 5042 - الأحد 26 يونيو 2016م الموافق 21 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:23 ص

      اتما ان اكون في المعهد الديني

    • زائر 3 | 5:30 ص

      فعلا على المعهد الدولي للسلام ان يراجع حساباته في مدعوويه

    • زائر 2 | 1:34 ص

      ما احوجنا الى ان يستمر فعل التازر والتاخي على مدار السنة لا يرتبط بمكان او زمان.. فعل سلمي مطلق لا حدود له
      مشكور استاذ سليم وفقك الله

    • زائر 1 | 1:15 ص

      أحسنت وجوزيت خيرا
      مقدمة أولى: الصيام يبني السلام.
      مقدمة ثانية: السلام يبني الحضارة.
      النتيجة: الصيام يبني الحضارة.

اقرأ ايضاً