العدد 5055 - السبت 09 يوليو 2016م الموافق 04 شوال 1437هـ

القمع يؤدي إلى الإرهاب والإرهاب يؤدي إلى القمع

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

أحداث وممارسات لا تعد ولا تحصى صاحبت عيد الفطر المبارك في المشهد العربي من الخليج إلى المحيط. لكن الخليج والعراق قد أخذ هذه المرة الحيز الأكبر متصدراً منصة الأخبار في ظل صمت وغياب عربي، إلا من بيانات وتصريحات تعمق الخلافات وتضرب المجتمعات بعضها ببعض وتعزّز الانقسامات والفرقة.

فمن تفجيرات «الكرادة» بالعراق، ومحاولة تفجير الحرم النبوي، وفي جدة، ومحاولة تفجير مسجد بالمنطقة الشرقية في السعودية، والكشف عن مخططات إرهابية في الكويت، وما يجري من إرهاصات في عدة بلدان وفي آن واحد، كلها تكشف أن البلاء الذي يعم المنطقة لم يعد حادثاً منفرداً، وإنما ظاهرة يستفيد منها الأنانيون وتجار القمع والطائفية والإرهاب، وكل من لا يهمه مستقبل المنطقة.

ولعل الغرابة في عدم صدور إدانات واضحة لـ»مجزرة حى الكرادة» التى هزّت العراق، واعتبرت أسوأ هجوم دموي، أوقع 292 قتيلاً ومئات المصابين، وثم بعد ذلك تم استهداف موقع ديني آخر أدى إلى سقوط 40 قتيلاً، وأعلن تنظيم «داعش» مسئوليته عن هذه الجرائم الإرهابية، وهي استهدفت كل الناس من دون تفريق، وبهدف إثارة الفتن والتقاتل بينهم.

هذه الأحداث ليست سوى عينة مما يجري في المنطقة العربية، وهي تمثل عوارض لما يجري على الأرض العربية منذ مطلع 2011، وتقلبات الأحداث من الربيع العربي إلى الخريف الطائفي، وما يستتبع ذلك من زيادة الاحتقان داخل الدول الكبيرة والصغيرة منها. وفي ظل تجاهل حقيقي للحلول والمصالحة الوطنية واستمرار العمل بالصورة التي تزعزع أمن واستقرار الفرد داخل مجتمعه بشكل يعقد المشهد العربي وينعكس سلباً على الجميع، بدلاً من التكاتف لإنقاذ الدولة والمجتمع وانتشالها والرفق بها.

إن ممارسات التفرقة والعنصرية والقتل جميعها نابعة من فكر إقصائي وإرهابي يميّز بين الفرد والآخر، وذلك لاعتبارات كثيرة، بدءًا من الاختلاف في الرأي وصولاً إلى العرق والدين والطائفة واللون والجنس والمنطقة. ولقد انعكس هذا الوضع لأول مرة في شهر رمضان هذا العام، ولا سيما في الدراما الخليجية في مسلسل «ساق البامبو» مثلاً، والذي تكلمت حلقاته عن ممارسات عنصرية في مجتمعنا الخليجي، تتخذ من ملامح الوجه (مثل شخصية الكويتي عيسى الطاروف الذي حمل ملامح والدته الفلبينية ولكن كان يحمل جوازاً كويتياً ومع ذلك لم يعترف به المجتمع)، إلى احتقار الأعراق الأخرى، كالعمالة الأجنبية واستعبادها، وصولاً إلى فئة «البدون» التي تحمل ملامح محلية ولكنها محرومة من اكتساب الجنسية.

المشكلة تتعمق أكثر في عدة بلدان، ولاسيما مع ازدياد حالات إسقاط الجنسية، وهو أمر مخالف لتوجه القانون الدولي الذي يدعو إلى القضاء على فئة «بدون جنسية»، إذ أن ما نشهده أمام أعيننا هو زيادة عددهم، والتعامل مع الأمر كما تتعامل بلدان أخرى مع إصدار مخالفات مرورية.

إن عدم الاعتراف بالمشكلة، بل والإمعان في هذه الممارسات لا يمكن أن يحل أي أزمة أو مشكلة، بل على العكس. وقد يبدو هذا الشيء في هذا الاتجاه سهلاً في الوقت الحالي ولكننا أيضاً نعلم أن ما جرى في عقود سابقة من ممارسات، كتشجيع الذهاب إلى أفغانستان، أصبحنا نعاني منه وتحوّلت عدة بلدان إلى أفغانستان بصورة أشد.

إن القمع يؤدي إلى الإرهاب، والإرهاب يؤدي إلى القمع، وهذه الحلقة المفرغة من المعاني الإنسانية تغذّي بعضها بعضاً، وهي تنتج عن فراغ في مجتمعاتنا تسبّبت في سلسلة طويلة من الممارسات التي لا تعترف بمنظومة حقوق الإنسان التي يسير عليها العالم، وتنتهك حقوق الفرد بصورة تجعل الإنسان يبحث عن مخرج، ولربما يتم جذب بعض الشباب لحركات واتجاهات إرهابية ودموية تأتي على الأخضر واليابس.

إن مكافحة الإرهاب لا تتم عبر إصدار مزيدٍ من القوانين القمعية، وإنما تتطلب الاعتراف بأسبابه وجذوره، والمصارحة بشأن ذلك، وإفساح المجال للتعبير عن الرأي، لكي يمكن استخراج الحلول العملية وتداولها مجتمعياً وثقافياً.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5055 - السبت 09 يوليو 2016م الموافق 04 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 7:00 ص

      زائر 20 تكلم عن نفسك وليس الشعب ....

    • زائر 20 | 5:42 ص

      اغلبية الشعب البحريني بؤيد ما تتخذه الحكومة الرشيدة من اجرآت لحفظ امن البلاد والعباد والله يحفظ وطننا الحبيب من كل طامع ومعتدي

    • زائر 24 زائر 20 | 7:08 ص

      جرب تروح البيت ببطاقة وانترنت مقطوع وبعدين تعال قول أؤيد. أي إجراءات وانت شكلك ما راح تتحمل يوم واحد .بعدين تعال لو يصير عندك في الشارع قمع راح تنحاش في الحال

    • زائر 12 | 3:51 ص

      مقال في الصميم. اليوم قرأت مقال ريم أكثر من مرة وعرفت أننا جميعا يا أستاذة نعيش غرباء في أوطاننا العربية.بدليل أننا نموت ونحاصر ونسجن كل يوم من بعد الربيع العربي ودخول مرحلة كما سميتها بالخريف الطائفي

    • زائر 8 | 2:17 ص

      الهروب من أي استحقاق شعبي هو باختلاق حروب تدمّر المنطقة بالكامل والزجّ بشباب المنطقة فيها فيضربون عصفورين بحجر واحد وهما التخلّص من الشباب وتطلعاتهم وشغل الناس بحروب حتى لا يفكّر احد بالمطالبة بالحقوق السياسية والخسارة كبير وفادحة لكن من يجرؤ على التحدث بصراحة سيكون مصيره خطير.
      المشكلة ان تشخيص المشكلة يحتاج لصراحة والصراحة تدخل السجن بدل ان يستمعوا لك يسجنوك

    • زائر 13 زائر 8 | 3:51 ص

      الموت أو السجن نهاية كل إنسان عربي

    • زائر 7 | 2:08 ص

      لا لخلط الأوراق

      كل منهم مشكله بحد ذاتها و نرجو عدم خلط الأوراق بين مشكله الاٍرهاب و مشكله البدون و مشكله التكبر كما بدت في ساق البامبو

    • زائر 14 زائر 7 | 3:52 ص

      ساق البامبو رواية تكشف المستور من ممارسات العنصرية داخل مجتمعات الخليج

    • زائر 6 | 1:55 ص

      اكثر سبب لوجود الارهاب هو عدم وجود دمقراطية صحيه وتكون انظمة مستبده

    • زائر 4 | 1:33 ص

      إنتوا

      عايشين في حلقه مفرغه

    • زائر 16 زائر 4 | 3:53 ص

      انت عايش في قصرك العاجي على ما اعتقد

    • زائر 3 | 10:45 م

      ارهاب
      مبني على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات وقمع الحريه أو الاستقلالية.
      القمع
      .أعمال ووسائل وممارسات غير مُبرَّرة ، تمارسها منظمات أو دول ، تستثير رعب الجمهور أو مجموعة من الناس لأسباب سياسيّة بصرف النظر عن بواعثه المختلفة..كلاهم فساد في الارض ..

    • زائر 1 | 10:16 م

      آخر فقره ؛؛

      لقد تمت المصارحه من قبل المجتمع الدولي بأن الإرهاب أين مصدره وأسبابه والكل يعلم أين جذوره ، لكن المال والرشى والتهديد بعدم المساهمه للمنظمات الدوليه حال دون الوقوف في وجههم وبصرامه ،ومن ثم أخرس المجتمع الدولي ومن بعدها على طول تفاقم حجم الإرهاب كما نراه الآن.

اقرأ ايضاً