العدد 5057 - الإثنين 11 يوليو 2016م الموافق 06 شوال 1437هـ

عن ضحايا العنف الأسري

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

ضحايا العنف الأسري من الأطفال والنساء في مجتمعنا عددهم ليس بالقليل، وأكاد أجزم - كأحد العاملين والقريبين من العمل الاجتماعي - أن تلك الأرقام التي تظهر بين حين وآخر، ويُقدّر لها أن تُنشر في الصحافة والإعلام كإحصاءات عن عدد الحالات التي وردت إلى المراكز الاجتماعية المعنية بتقديم الرعاية لهذه الفئات، ما هيَّ إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد الضخم الذي يتوارى جانبه الأكبر والأشد إيلاماً عن الأنظار. وهذا يعني أن القراءة الواقعية لما يجري في المجتمع من مشاكل وأزمات وظواهر تستدعي التدخل السريع وتتطلب الحلول العاجلة، لاتزال مهمةً غير منجزة وهدفاً غير متحقق.

قبل أيام نشرت الصحافة المحلية مضموناً لأحدث تقارير وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أشارت فيه إلى أن عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف خلال العام الماضي بلغ 672 حالة، 65 في المئة منهم ذكور. وفي التفاصيل يكشف التقرير أن مركز حماية الطفل التابع لوزارة التنمية الاجتماعية استقبل 124 حالة عنف جنسي، 87 منهم ذكور، إلى جانب 376 طفلاً تعرّضوا للعنف النفسي و71 آخرين تعرّضوا للإهمال الشديد.

في حين استقبل خط نجدة الطفل الذي يتبع «حماية الطفل» ويتلقى الاتصالات من قبل الطفل أو غيره، تفيد بتعرضه لعنف أو سوء معاملة أو خطر، نحو 148 مكالمة خلال العام الماضي، 58 منها ذات علاقة بمشاكل اجتماعية، و48 أخرى ترتبط بمشاكل جسدية.

وعلى صلة بالموضوع، استعرضت الصحافة في غضون أيام أيضاً تقريراً آخر يستند لما وصفته بـ«أحدث الأرقام الرسمية»، أشارت فيه إلى أن السجلات الرسمية تؤكد تعرض 8 نساء للعنف الجنسي خلال عام 2015، (ثمان نساء فقط)! فيما سجّلت الجهات الرسمية 955 حالة عنف لزوجات تعرّضن للعنف في محيط العلاقات الأسرية، وتشتمل العنف بمختلف أنواعه سواء الجسدي أو اللفظي أو الاقتصادي أو النفسي، أي ما يمثل نسبة أقل من 1 في المئه من إجمالي عدد المتزوجات في مملكة البحرين، ومن بين هذه الحالات 579 حالة عنف جسدي، و93 حالة عنف لفظي.

ولا شك أن الجهود الرسمية التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للمرأة، ووزارة التنمية الاجتماعية والمراكز الاجتماعية التابعة لها، في سبيل توفير «شبكة أمان» فاعلة تستهدف حماية الأسرة البحرينية عبر مجموعة من التدابير الوقائية والحمائية للأطفال والنساء هي جهود مشكورة ومقدّرة، ولكني أعتقد أن هناك ملاحظات يجدر استعراضها:

1. لعل أبرز ما يواجهه العمل الاجتماعي في البحرين عدم وجود قاعدة بيانات اجتماعية موحدة، تعكس أولاً حجم الظواهر الاجتماعية المقلقة، وبغياب قاعدة البيانات من الصعوبة الكلام عن إمكانية وضع الحلول الواقعية التي تتناسب مع هذه المشاكل والملابسات التي تكتنفها. وهذا ما لمسته شخصياً عندما انتدبتُ من قبل جمعية الاجتماعيين البحرينية صيف 2012 في دراسة ميدانية، استهدفت الكشف عن الأوضاع النفسية والاجتماعية لأبناء الأسر المتصدّعة. وقد أُتيح لي وقتها الاطلاع عن كثب على تجارب أغلب - إن لم يكن كل - المراكز والمؤسسات التي تضطلع بدور اجتماعي في مجال رعاية المرأة والطفولة في البلد. وبدا واضحاً غياب الرؤية والتنسيق والآليات المُوحّدة التي كان ينبغي أن تحتكم لها هذه المؤسسات والمراكز جميعها، وبالتالي نحن أمام حالة من «التشظي» و»التقطيع غير المبرر» و»غير المفهوم» لأوصال العمل الاجتماعي في مجتمع صغير وبسيط كالبحرين.

2. هناك جهود رائدة وخدمات نوعية تقوم بها فعلاً وزارة التنمية الاجتماعية، وربما يكون «الخط الساخن» أحدها، ولكن السؤال: كم أسرة بحرينية تعرف عن هذا الخط؟ وما هي الجهود التي قامت بها الوزارة وطاقمها من الاختصاصيين والعاملين في المركز الاجتماعية في سبيل التعريف به، وبأهميته خصوصاً للطبقة المستهدفة وهم الأطفال والنساء؟ أعتقد أن الجهود المبذولة في هذا السبيل لا تكفي، وبالتالي فإن سبل الانتفاع بهذه الخدمة ستبقى محدودة ولا تحقّق الغاية منها.

3. إن جهود المؤسسات الرسمية مهما ارتقى أداؤها، لا يمكن أن تحقق النتائج المرجوّة منها بدون توفر الإسناد والدعم اللازمين من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها الجمعيات المهنية كجمعية الاجتماعيين البحرينية التي تعتبر الممثل الأبرز والوحيد للأخصائيين العاملين في الحقل الاجتماعي، والجمعيات الأهلية الخيرية. وبالإمكان إيجاد شكلٍ من أشكال التنسيق الفاعل، يضمن تدفق المعلومة الصحيحة والكاملة لما يعيشه المجتمع من ظواهر أسرية تستدعي المتابعة، ناهيك عن ما يحقّقه هذا التنسيق من تذليل لمشاكل الشكوك التي تساور بعض الأسر من مغبة التواصل مع المؤسسات الرسمية، وما يعنيه لها من محاذير تتصل بالسمعة وبعض الاعتبارات العرفية الخاصة.

4. أخيراً، أجد أن ما سبق أن أوضحه المجلس الأعلى للمرأة من أن الدراسات المحلية بشأن العنف الأسري «لا تزال محدودة» صحيحٌ تماماً، وهو ما يجعل من مسألة التفكير في إطلاق «تقرير اجتماعي سنوي» شامل يقوم بمهمة رصد أبرز الظواهر الاجتماعية التي تم التعامل معها ضمن المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من المؤسسات الأهلية، وأبرز الفعاليات والأنشطة والمعالجات الإعلامية التي ناقشتها وسائل الإعلام المحلية المختلفة خلال العام على مستوى البلاد، ومن شأن إطلاق هذا التقرير أن يوفّر في الحدّ الأدنى مادةً علميةً كاملة، توفّر إضاءةً كافيةً لرؤية ما يجري دون رتوش أو تستر، وتساعد أيضاً على تشجيع المراكز والمؤسسات الاجتماعية على التعاطي الواقعي مع أبرز قضاياه.

يجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن المجلس الأعلى للمرأة أطلق الاستراتيجيّة الوطنيّة لحماية المرأة من العنف الأسري، ويستقبل مركز دعم المرأة بالمجلس المتعرّضات للعنف من خلال تقديم خدمات متنوعة تتفاوت بحسب حاجة الحالة، وذلك عبر تقديم استشارات نفسية واجتماعية وخدمات قانونية وتأهيل نفسي للحالات المعنّفة.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 5057 - الإثنين 11 يوليو 2016م الموافق 06 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 12:13 م

      جعفر الخابوري (ولكن هنالك عنف داخل المدارس ضرب الطلبه من قبل المدرسين

    • زائر 1 | 1:19 ص

      احنا تعرضنا لعنف اسري ضرب جدا مبرح ويخلف بقع وكدمات طويلة وغير تشدخ في راسنا على الارض وطوف وسحب الشعر لدرجه انه يطيح
      لكن لانستطيع غير الشكوى لله والا اذا اشتكينا بنتعرض للموت بالمقابل ومحد بيدري عنا

    • wessam abbas زائر 1 | 4:02 ص

      كان الله في عونك.. ولكن السكوت على هذه الجريمة اشتراك فيها.. انصحك بعرض مشكلتك لاخصائي اجتماعي في المركز الصحي التابع لكم

اقرأ ايضاً