العدد 5059 - الأربعاء 13 يوليو 2016م الموافق 08 شوال 1437هـ

زمن عبدالله السالم... الاستقلال (9)

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

بدأ هجوم قاسم القاسي على الكويت عموماً وعبدالله السالم خصوصاً يتصاعد بحدة، حكاية شبيهة بما مر علينا في 1990. والتي بدأت بـ»قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، ثم اجتياح فاحتلال دام 7 أشهر، ثم ادعاء بتبعيتنا لمملكة حمورابي، هكذا. التاريخ لا يعيد نفسه، ربما تتشابه الأحداث، ولكن تتباين التفاصيل. يروى عن ماركس قوله «التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة والثانية كمهزلة».

ما الفرق بين تهديدات قاسم بضم الكويت في 1961، وتهديدات صدام واحتلاله الكويت في 1990؟ لماذا مثلاً استدعى عبدالله السالم القوات البريطانية، التي تم استبدالها بقوات عربية لاحقاً؟ ولماذا لم يتم استيعاب تحركات صدام، ودعوة قوات أجنبية لحماية الكويت سنة 1990؟ الفارق هو في الزمن، وفي تقدير الموقف، الذي يلعب دوراً محورياً في السياسة لتحديد ما يلي من نتائج.

فماذا كان بمقدور حاكم دولة صغيرة كالكويت، استقلت للتو، مهددة عسكرياً من دولة جارة أكبر منه بكثير، أن يفعل؟ لسنا هنا أمام المشهد الأخلاقي، فالمسألة في السياسة تتعلق بالبدائل المتاحة، والخيارات المتوافرة، فإن انعدمت البدائل وتضاءلت الخيارات تشتعل الحرب.

المتابعون لنقاشات ومفاوضات عبدالله السالم مع الإنجليز، وأنا أحدهم، يعرفون قدراته التفاوضية، ويعرفون جيداً نديته في التعامل معهم، وبالتالي لم تكن دعوته القوات البريطانية لإنزال عسكري حماية للكويت أمراً سهلاً، بل كاد يكون من رابع المستحيلات، ولذا يروي الشيخ سعد العبدالله رحمه الله عن أبيه أنه دخل عليه ووجده يبكي؛ لأنه اضطر لدعوة العسكر الإنجليز، وهو أمر لم يفعله أحد قبله.

هناك آراء تقول إن قاسم كان «يتغشمر» أو»يتشاقى»، ولم يكن جاداً على الإطلاق في ضمه الكويت. وفي كل الأحوال، كانت عينا عبدالله السالم شاخصتين على عمقه العربي، كان يراهن على نجدة العرب له، فكان رهانه على الحصان الفائز. بل، نجده قد تمكن من خلال ورقة الإنجليز أن يقول للعرب الذين احتجوا على دعوته لبريطانيا، «إن كنتم غير راضين على وجودهم فما هي البدائل لحماية بلادي؟»، وهكذا تشكلت قوات عربية وصلت الكويت، لتحل محل القوات البريطانية بسرعة قياسية. أحداث فترة الاستقلال، صاغت الكثير من ملامح النظام السياسي الكويتي الذي جاء بعده، والذي كان مؤملاً له أن يكون ملكياً دستورياً، فكان أقل من ذلك بكثير. لن ندخل في موضوع لماذا حاد النظام عما كان يفترض له أن يكون، فذلك موضوع لمقالات أخرى، ولكن من المفيد التنويه بذلك.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 5059 - الأربعاء 13 يوليو 2016م الموافق 08 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً