العدد 5061 - الجمعة 15 يوليو 2016م الموافق 10 شوال 1437هـ

الجمعيات الخيرية من العمل الرعائي إلى العمل التنموي... جمعية الصم البحرينية مثالاً

لم يعد العمل في الجمعيات الخيرية والاجتماعية مقتصراً على جمع الأموال من المتبرعين والداعمين، ثم إعادة توزيعها على الفئات المجتمعية المستحقة لها، فهذا الدور يفترض أنه تم تجاوزه نحو بناء مشاريع تنموية مستدامة تنهض بمستوى العمل الخيري، وتنقله من العمل الرعائي أو الرعوي الذي يعتمد على الرعاية المطلقة إلى العمل التنموي الذي يهدف إلى إشراك الفئات المستهدفة في العملية الإنتاجية، وهناك فرق جوهري بين الاثنين، فالعمل الخيري الذي يقوم على الرعاية يعتمد أساساً على وجود طرفين: طرف عامل هي الجمعية الخيرية بما تملكه من موارد مالية وكوادر بشرية، وطرف مستهلك لما تنتجه جهود الطرف الأول دون أن يكون له أي دور فيها، وهذا الطرف هم الأسر والأفراد المستهدفون من عمل الجمعية.

أما العمل التنموي فهو الذي يشرك الفئات المستهدفة ويجعلها طرفاً رئيساً في العملية الإنتاجية، ولتوضيح الأمر بشكل عملي لنأخذ مثالاً من واقع عمل تلك الجمعيات وأنشطتها، هذا المثال هو تنظيم فعالية اجتماعية مثل فعالية حفل تكريم المتفوقين، أو فعالية «اللقاء الرمضاني» أو ما يعبر عنه البعض بـ «الغبقة الرمضانية».

في العمل الرعائي يقوم أعضاء وكوادر الجمعية بكل الأدوار التنظيمية لإقامة الحفل، أو ربما يعهدون تنظيم الحفل إلى شركة متخصصة في تنظيم الفعاليات ويدفعون لها ثمناً مقابلاً، ويتم دعوة الفئات المستهدفة إلى الحضور والمشاركة في الفعالية للاستفادة من فقراتها والاستمتاع بها، أي أنهم يكونون مستهلكين لما تقدمه الفعالية لهم من خدمات أو حتى سلع منتجة.

أما في العمل التنموي فيتم تدريب الفئات المستهدفة ليقوموا بأنفسهم بتنظيم الفعالية من الألف إلى الياء، وهنا تحتاج الجمعية إلى تصميم مشروع تنموي يستخرج الطاقات الكامنة لدى تلك الفئات وينميها وينقلها من حالة القوة إلى حالة الفعل.

حضرت في إحدى الليالي الرمضانية من العشر الأواخر، حفلاً نظمته جمعية الصم البحرينية تحت عنوان «الغبقة الرمضانية» في نادي بابكو بمنطقة عوالي، وكنت متوقعاً أن أرى المنظمين والقائمين على الحفل كالمعتاد هم من أعضاء الجمعية، وإذا بي أرى أن كل الفقرات التنظيمية بما فيها عريف الحفل نفسه هم من الفئات المستهدفة نفسها، أي من الصم أنفسهم ذكوراً وإناثاً، بدءاً من التسجيل مروراً ببعض الفقرات مثل العرض التمثيلي باسم «نهاية مغازلجي» وبعض المتحدثين والمسابقات، بل إني كنت معتقداً أن رئيس الجمعية لازال هو الأخ النشيط مهدي النعيمي، لكنني انتبهت لاحقاً أن الرئيس أصبح الآن واحداً من الصم الذين كانت الجمعية تخدمهم، وبعبارة أصح كانت الجمعية تعمل على تنميتهم، وأصبح الآن هو على رأس مجلس الإدارة فيها، لنلحظ أن الجمعية انتقلت هنا من الدور الرعائي الخيري إلى الدور التنموي، ولو أنها اقتصرت على العمل الخيري لما أصبح الرئيس واحداً من الفئات المستهدفة نفسها.

لقد وجدت في ذلك الحفل مصداقاً حياً للعمل التنموي الرائع، وهذا التطور في العمل لم يأتِ من فراغ، بل هو حصيلة جهود تنموية تراكمية على مر الزمن حتى وصلت إلى هذا المستوى الإبداعي.

حبيب أحمد الهملي

العدد 5061 - الجمعة 15 يوليو 2016م الموافق 10 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً