العدد 5062 - السبت 16 يوليو 2016م الموافق 11 شوال 1437هـ

أردوغان وليلة الانقلاب... بداية أم نهاية؟

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

حفل المشهد السياسي في العالم بكثير من الأحداث والمتغيرات الحلو منها والمر. فمن تولي تيريزا ماي رئاسة الحكومة البريطانية (12 يوليو/ تموز 2016) في ظروف حرجة تمرُّ بها بريطانيا وصولاً إلى الهجوم الإرهابي في مدينة نيس الفرنسية الذي خلّف وراءه مقتل أكثر من 80 قتيلاً بعد أن دهست شاحنة جمعاً من الناس كانوا محتشدين الخميس الماضي (14 يوليو / تموز 2016) لمشاهدة الألعاب الناريَّة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني.

وبعد هذا الهجوم بيوم واحد، تشهد تركيا انقلاباً عسكريّاً على رجب طيب أردوغان بوقع سريع وليس طويلاً كما هي عادة المسلسلات التركية.

ما يهمُّ في خِضمِّ هذه الأحداث السياسية في العالم هو ما جرى في تركيا تحديداً إذ كلُّ ما حدث في المشهد التركي يعتبر من الآن نهاية لمرحلة في المشهد السياسي بالدولة التركية التي ظلت نموذجاً يحتذى به في المنطقة لفترة طويلة. وبداية لمرحلة أخرى قد تجرُّ معها المنطقة برمَّتها إلى تقلبات واضحة، وتحول البلد من مستقر الى بلد مضطرب سياسيّاً واقتصاديّاً.

أردوغان، الذي انتخب عمدة لاسطنبول في العام 1994، مرشحاً عن حزب الرفاه الإسلامي، دخل السجن في العام 1998 بسبب خطبة شهيرة، وفي العام 2001 انقلب على رئيس الحزب نجم الدين أربكان وأعلن مع رفاقه تأسيس حزب العدالة والتنمية الذي استطاع أن يحصل على الأغلبية في البرلمان في انتخابات 2002. بعد هذه الانتخابات تغيَّر وجهُ تركيا كدولة علمانية، وليطرح أردوغان معايير مختلفة لشكل الدولة التركيَّة في تعايشها مع الإسلام والديمقراطية. لن يقف الأمر عند هذا الحد، فقد ذهبت تركيا إلى تعزيزعلاقاتها مع دول المشرق العربي تحديداً في تحالفات، والتقلد بالدور البطولي العثماني، وذلك من أجل كسب عواطف الشارع العربي الذي يعيش منغّصات كثيرة في مشهده السياسي.

لكن في العام 2011 تغيرت طموحات أردوغان فخلع عباءة الاعتدال ولبس عباءة التطرف، فراهن على الإخوان المسلمين الى حد القطيعة مع مصر، ودعم الحرب السورية في محاولات شرسة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ومدّ نفوذه إلى المنطقة بشكل أكبر حتى تصبح تركيا قوة كبرى.

بيدَ أن هذا الطموح الجيوسياسي الكبير، خارج حدود الدولة التركية، أصبح أمراً يدعو إلى القلق، وخاصةً أنَّ أردوغان بدأ يتصرف بصورة متعجرفة على حدود الاتحاد الأوروبي تارة، وتارة أخرى يسقط طائرات الروس ويهدِّد الأميركان بدخول الشمال السوري ويستغل التقارب مع إسرائيل في وساطة مع روسيا بشكل مفاجئ. حتى أنه لجأ إلى مزيج من الترهيب والابتزاز من أجل التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بخصوص أزمة اللاجئين.

وإذا أردنا تتبع سلوك أردوغان في السنوات الـ14 الماضية، سنجد أنه رجل إسلاموي صبور، شبَّه الديمقراطية بركوب الحافلة، التي سينزل منها عندما يصل إلى وجهته. بمعنى آخر، استخدم المنظومة الديمقراطية في البلاد للوصول إلى سدَّة الحكم، ثم أحكم قبضة حزبه على أركان السلطة، وصولاً إلى حكم الرجل الواحد وخسر جميع رفاقه الذين كانوا في يوم من مؤسسي حزبه.

أردوغان لم يكتفِ بتعزيز قوَّته في الداخل عبر قمع الأصوات المعارضة له، بل حاول تصدير الرقابة إلى أوروبا عبر ملاحقة منتقديه في مجال حقوق الإنسان وغلق الصحف وسجن الصحافيين، إضافة الى حجبه موقعي تويتر ويوتيوب في تركيا بشكل مؤقت في العام 2014.

لكن جاء اليوم الذي استعان فيه أردوغان بأدوات شبكات التواصل الاجتماعي ومنقذته من انقلاب عسكري فاشل في مقابل حكومته المنتخبة.

والعبرة تكمن في الدرس التركي لدور شبكات التواصل الاجتماعي، فهي إما أن تسقط حكماً أوتبقي حكماً. ووضع حدٍّ لطموحات حاكم انفرد في حكمه ومارس غطرسته على الجميع. وهو ما يعني أن تركيا اليوم لن تكون من بعد ليلة الانقلاب هي تركيا الأمس.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5062 - السبت 16 يوليو 2016م الموافق 11 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 6:20 م

      هذه التعليقات على أردوغان من الصدمة اللى جاتكم بعد فشل الانقلاب الله يحفظ أردوغان والشعب التركى

    • زائر 19 | 8:52 ص

      بلا شك هي بدايه

      الطريقه التي تمَّ بها القضاء علي الإنقلاب وسرعتها توحي بلا أدني شك مدي قدرة السيد أردوغان مسك زمام الامور وشجاعته الإستثنائيه كرئيس دولة واثق كل الثقه بالله أولا وبنصره له ومن ثمَّ بنفسه وشعبه الذي برهن للعالم الحر مدي حبه وتمسكه برأيسه وبأنه مستعد أن يفديه بنفسه ودمه دون تراجع أو تردد وكذلك وقوف الجيش القوي بجانبه والدفاع عنه بكل قوّة وحزم ضد رفاقهم الانقلابيين ، هذه المعطيات بلاشك ستعطيه قوة دفع وعزم لا يلين علي التعامل بحزم غير مسبوق مع أعدائه وخصومه

    • زائر 18 | 5:10 ص

      لا قيمة للدبابات امام الشعب التركي ستمسك باردوغان ولن تلتفت الي الانقلابين

    • زائر 16 | 4:26 ص

      تركيا دولة مؤسسات القرار فيها للشعب وتصوير أردوغان وكأنه يمسك بجميع مفاصل الدولة في يده ضحك على الذقون لايخرج إلا من عقل يعجز عن استيعاب أن هناك أنظمة غير شمولية .. خصومة أردوغان أعمت العقول وطاشت بالأعصاب .. وعدم نجاح الانقلاب لصالح الشعب السوري في كفاحه ضد طاغية الشام ومرتزقته المجرمين ..

    • زائر 17 زائر 16 | 4:58 ص

      مرحلة جديدة

    • زائر 15 | 3:53 ص

      ارودغان

      هذا الرجل مارس التطرف الإرهابي بامتياز عبر إتاحة الفرصة لجميع الجنسيات من عدة دول عبر أراضيه لدخول سوريا ومحاربة النظام السياسي بتلك البلد فهو رجل يستحق السقوط وحزبه المتمثل في حزب العدالة والتنمية.

    • زائر 5 | 2:23 ص

      *****

      اللهم انصر العسكر و خيرها في غيرها المره التاليه يارب ينصر الجيش على طاغية العصر .

    • زائر 2 | 9:50 م

      إنقلاب مسرحي

    • زائر 3 زائر 2 | 10:45 م

      يمكن..........

    • زائر 9 زائر 3 | 2:40 ص

      ما عجبني في مقال ريم أنها ختمت أن أردوغان القامع والمانع استنجد بشبكات التوصل لينقذ كرسيه.

    • زائر 4 زائر 2 | 1:08 ص

      في بداية الانقلاب كنتم تغردون وتزغردون ومبسوطين على الاخر !!! وبعد فشله اصبح (انقلاب مسرحي) اللهم لك الحمد على نعمة العقل لقد انفضحت ...

    • زائر 6 زائر 4 | 2:36 ص

      أستاذة ريم لم تغرد دعما لانقلاب يدعمه العسكر بل قالت إن المنطقة مقبلة على متغيرات

    • زائر 8 زائر 4 | 2:39 ص

      انت من أنصار الإرهاب ومن الدول التي تدعم داعش .اصمت لأن أيام تركيا معدودة

    • زائر 12 زائر 4 | 2:44 ص

      وانت مبين عليك عبد والعبد مأمور. حمدالله والشكر على الأقل أستاذة ريم حرة

    • زائر 20 زائر 4 | 11:51 ص

      من الفشلة الله يسلمك لا تلومهم من الصدمة

    • زائر 11 زائر 2 | 2:42 ص

      هو انقلب على رفاقه وحارب كل من يختلف معه اكيد في ناس مستاءة بس لا يمكن أن تحل حكومة يديرها عسكر شوفوا مصر اليوم .الحكومة المنتخبة والناس أنقذت أردوغان

    • زائر 23 زائر 2 | 1:35 ص

      زايدين الدواعش ويش صاير هههههههه يدافعون عن حليفهم اردوغان سواءا نجح او لم ينجح استريحوا بس ما يحتاج تعلقون واجد لان مو متعودين عليكم تعلقون ويوم علقتون ناصرتون داعش هههه هذا حدكم بعد

    • زائر 1 | 9:47 م

      ماشاء الله اوردغان اثبت للعالم ان محبوب من شعبه الله يوفقه

    • زائر 7 زائر 1 | 2:37 ص

      السلطان العثماني الجورجي لن يبقى طويلا في المشهد السياسي

    • زائر 10 زائر 1 | 2:41 ص

      أردوغان يعيش هوس السلطة وهو السلطان سليمان القانوني

اقرأ ايضاً