العدد 5064 - الإثنين 18 يوليو 2016م الموافق 13 شوال 1437هـ

حنان ناصر: الهجرة والسيادة هما السببان المضمران لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

حنان ناصر
حنان ناصر

قالت الخبيرة الاقتصادية البحرينية حنان ناصر إن الهجرة كانت السبب المضمر الذي دفع البريطانيين إلى التصويت من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأضافت ناصر في تصريحات لـ«الوسط» أن المجتمع البريطاني يعاني من مشكلتين رئيسيتين هما الانقسام بين الأشخاص المولودين في المملكة المتحدة والمهاجرين وتدفقهم عليها ما أثر بشكل ملحوظ على مستوى المعيشة والنسيج الاجتماعي في بريطانيا.

وقالت إن الأرقام الصادرة مؤخراً عن London School of Economics تشير إلى أن قوانين الاتحاد الأوروبي قد ساهمت بشكل كبير في رفع عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى بريطانيا لما يقارب 863 ألف مهاجر، وبالتالي ازدادت الأعباء المادية المترتبة على ذلك بسبب توفير عدد من الخدمات العامة كالتعليم والصحة والتي تقدر بـ 3,67 مليار جنيه إسترليني سنويّاً، ولهذا طالبت بريطانيا مراراً بوضع آلية للتحكم في حركة المهاجرين الوافدين إليها من بلدان أوروبا والسيطرة على الحدود، إلاّ أن مطالبها لم تنفذ.

وأشارت إلى رغبة البريطانيين في استعادة جزء من سيادتهم عبر استعادة بعض السلطات التي تخلت عنها بريطانيا للاتحاد الأوروبي، كتحديد عدد ساعات العمل، والاتفاقيات المتعلقة بالجوانب الأمنية وتبادل المجرمين، كما أشار إلى ذلك في وقت سابق رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون.

وكان كاميرون أشار مراراً إلى تخوفه من سيطرة دول منطقة اليورو الـ 17 على مجريات اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي، إذ يعاني الاتحاد الأوروبي من ضعف في التنافسية حتى قبل أزمة قروض منطقة اليورو التي شلت الاقتصاد الأوروبي. كما أكد العديد من الخبراء أن الاتحاد النقدي الذي رفضت بريطانيا الدخول فيه (اليورو)، أصبح محوراً لاتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي، وأصبحت جميع القرارات تتطلب تفاوضاً من قبل أعضائه في البداية، ثم يتم عرضها بعد اتفاق الأعضاء في منطقة اليورو على دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. وترى بريطانيا أن نمو الاقتصاد الأوروبي من خلال الاتحاد توقف تقريباً في مقابل نمو اقتصادات صاعدة أخرى مثل الصين والهند.

إلاّ أن ناصر أشارت إلى أن تلك الاستقلالية ستكون لها ضريبة ليست بسيطة، فبالإضافة إلى الهبوط الذي ضرب قيمة الجنيه الاسترليني بعد ظهور نتجية الاستفتاء فإن هناك تداعيات على المستوى المعيشي للبريطانيين، مشيرة إلى أن الأسر البريطانية سيتعين عليها إنفاق مال أكثر من السابق لقضاء عطلهم في القارة العجوز، ليس فقط بسبب تدهور قيمة الجنيه الإسترليني أمام اليورو مما سيقلص من مقدرتهم الشرائية، بل أيضاً لأن الاتفاقات الأوروبية تتيح لأية شركة طيران أوروبية العمل في المجال الجوي الأوروبي دون قيود على مستوى الوتيرة أو الأسعار، بالإضافة إلى ما سجلته عائدات السندات البريطانية من مستويات قياسية متدنية، إذ لامس العائد على السندات لأجل عشر سنوات 1.018 في المئة فقط ويعتقد الخبراء أنه قد يهبط أكثر من ذلك ليقل عن 1 في المئة.

وبينت أن وكالة التصنيف الائتماني Moody›s خفضت توقعاتها بشأن الجدارة الائتمانية لبريطانيا، معربة عن مخاوفها العميقة من خطر التحديات التي ستواجهها للخروج بنجاح من هذا التكتل. أما بالنسبة إلى معدل البطالة في بريطانيا والذي يشهد أدنى مستوياته منذ عشر سنوات واستقر عند 5 في المئة، فسيرتفع بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي اذ إنه من المحتمل أن تفقد البلاد الآلاف من مناصب العمل.

وذكَّرت ناصر بتصريح رئيس مجلس إدارة «جي بي مورغن» جيمي ديمون الذي حذر قبل فترة قليلة من أن البنك الأميركي الذي يعمل لديه أكثر من 16 ألف شخص في المملكة المتحدة، يمكن أن يلغي ما بين ألف وأربعة آلاف وظيفة. كما أن مغادرة الاتحاد الأوروبي ستتسبب بمشاكل لما يقارب 1,3 مليون بريطاني يعيشون في دول أوروبية أخرى بينها إسبانيا (319 ألفاً) وإيرلندا (249 ألفاً) وفرنسا (171 ألفاً) وألمانيا (100 ألف).

وكان المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا توقع انخفاض أجور المستهلكين الحقيقية بما يتراوح بين 2.2 و7 في المئة في حلول 2030، مقارنة بمستوياتها لو تم بقاء بريطانيا في الاتحاد. علاوة على ذلك، فإن عائدات المتقاعدين البريطانيين قد تنهار بسبب تدهور صرف الجنيه الاسترليني، بالإضافة إلى ما قاله محافظ البنك المركزي البريطاني مارك كارني من أن اقتصاد بلاده قد يدخل في انكماش على مدار ربْعَين.

وحول ما إذا كانت مكانة بريطانيا ستتضرر عالميّاً قالت ناصر إن ذلك أمر متوقع جدّاً، فبحسب رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي في البنك المركزي الأميركي، جانيت يلين، فإن تداعيات الانسحاب قد تعني تأجيل الزيادة التالية في أسعار الفائدة الأميركية. إضافة إلى ما حذر منه قادة العالم في الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر سلباً على مكانتها باعتبارها قوة تجارية عالمية، منوّهة إلى التوقعات التي تشير إلى أن بريطانيا ستفقد اتفاقيات التجارة الحرة، حيث ستبلغ الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد بين 0.6 في المئة و3 في المئة وسيكلف هذا السيناريو الأسوأ اقتصاد المملكة المتحدة 224 مليار جنيه إسترليني بحسب ما جاء في الدراسة.

لكن ناصر أشارت إلى توقعات مخالفة قادها عدد من الخبراء الاقتصاديين الذين أشاروا إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعزز النمو في السنوات المقبلة، وأن شركات التصدير قد تجد دعماً في هبوط الجنيه الاسترليني الذي انخفض إلى أدنى مستوياته أمام الدولار منذ 1985 على رغم أن الطلب في كثير من بلدان العالم مازال ضعيفاً. كما نوه عدد منهم الى ترجيح الانتعاش الديناميكي في سوق العمل البريطاني عبر إلغاء قوانين الاتحاد الأوروبي المرهقة، والتخلص من بعض رسوم الاستيراد الأعلى في الاتحاد مثل تلك المفروضة على الغذاء، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية وتحسين مستويات المعيشة. لكن تقليص رسوم الواردات قد يعرض بعض قطاعات الاقتصاد لمنافسة شرسة.

وختمت بأن منظمة «برتلسمان ستيفتونج» البحثية توقعت أن السيناريو الأفضل لخروج بريطانيا من مظلة الاتحاد الأوروبي سيمكنها من الفوز بوضع مشابه لسويسرا واتفاقية تجارة مع شركائها السابقين في الاتحاد.

العدد 5064 - الإثنين 18 يوليو 2016م الموافق 13 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:33 ص

      مقال ممتاز دكتورنا الغالية أن شاء الله إلى الأفضل دكتورة وحشتينة متى بتداومين

اقرأ ايضاً