العدد 5073 - الأربعاء 27 يوليو 2016م الموافق 22 شوال 1437هـ

التخمير يعود بقوة إلى عالم الطبخ


بعدما شكل موضع نقد لرواد الموجة الجديدة في مطبخ السبعينات، يعود التخمير بقوة إلى عالم الطعام إذ بات مصدر إلهام لطهاة وخبراء متخصصين في فن الطبخ الراقي يجمعهم السعي إلى توسيع مروحة المذاقات المتاحة أمامهم.

وتقوم هذه الطريقة التقليدية على تحضير أنواع مختلفة من الأطعمة من خلال تحويل مكوناتها بالاعتماد على الجسيمات الدقيقة.

ويطال التخمير منتجات عدة مستخدمة في الحياة اليومية بعضها يرتدي رمزية كبيرة في المطبخ الفرنسي كالخبز والجبن والزبدة واللحوم المقددة.

غير أن طهاة كثيرين آثروا الابتعاد عن التخمير في تحضير أطباقهم بسبب المخاوف المتنامية من الجراثيم خصوصا بنتيجة البحوث التي أجراها العالم الفرنسي الشهير لويس باستور فضلا عن تأثير حركة "المطبخ الجديد" في سبعينات القرن الماضي والتي تركز على أهمية الاعتماد على المذاقات الطبيعية للمنتجات من دون اي تحويل.

غير أن الطاهي الفرنسي المخضرم يانيك الينو يؤكد أن التخمير يسمح بالاستفادة من "كل التنوع في الأرض".

هذا الطاهي المعروف بعمله البارز في مجال تطوير الصلصات بفضل مسار يقوم على الطهو بحرارة تقل عن 85 درجة مئوية من ثم زيادة الكثافة عبر التبريد، قرر جمع هذه التقنية مع التخمير.

ويوضح الينوا الذي حصل على 3 نجوم من دليل ميشلان لوكالة فرانس برس أن "التخمير يساعدني على البحث عن المذاق الذي لم تتح لي يوما فرصة الحصول عليه".

ويلفت الطاهي إلى انه بفضل هذه التقنيات "ادركنا أن مذاق نبتة الكرفس يختلف تبعا للمنطقة التي تنبت فيها أكانت النورماندي أو باريس أو الجنوب الفرنسي"، مضيفا "ما نبحث عنه هو إطالة المدة التي يصمد فيها الطعم داخل الفم. لقد فتحنا عالما من المذاقات، وهي تتيح الإفادة من مروحة مذهلة" من الخيارات.

ومنذ بضعة أشهر، يقدم يانيك الينو أطباقا في مطعمه الفاخر الواقع في جادة الشانزيليزيه الباريسية قام بإعدادها بنتيجة هذه البحوث التي أجراها.

من بين هذه الأطعمة المتنوعة، فطيرة مصنوعة من عجينة رقيقة الطبقات محضرة مع شرائح صغيرة من الكرفس النيء المخمر والافوكادو "المتروك مدة 18 شهرا على الشجرة"، تضاف إليها صلصة من نبات اللفت المخمر والفطر المخمر والصويا.

تشكيلة جراثيم

وفي آسيا حيث يحتل التخمير حيزا كبيرا في مجال الطبخ، يقدم الطاهي التايواني اندريه تشيانغ تشكيلة كبيرة من الأطباق في مطعمه في سنغافورة الذي حصل أخيرا على نجمتين من دليل ميشلان الشهير للمطاعم.

وهو يركز في أطباقه على الجمع بين المكونات والعصائر المخمرة التي تستخدم فيها حبوب وأغذية مختلفة كالشعير والذرة والأرز والشوفان للحصول على مذاقات جديدة.

حتى أن خبراء في الكيمياء وعلوم الحياة يذهبون ابعد من ذلك ويستخدمون احدث المعارف في مجال الجراثيم من أجل "فتح آفاق جديدة على صعيد المذاقات والطعمات".

ويوضح كميل دولوبيك الحائز شهادة دكتوراه في علوم الأحياء المجهرية وعراب شركة ناشئة متخصصة في تخمير البن لوكالة فرانس برس أن "ما تغير خلال السنوات الأخيرة هو أننا انتقلنا من عمليات التخمير الطبيعية والعفوية إلى تخمير يمكن التحكم به".

ويشير هذا الخبير إلى "أننا نختار بعض الجراثيم الطبيعية بناء على قدرتها على التهام جزيئات تؤثر سلبا على مذاق البن لنقوم بعدها بتكوين جراثيم أخرى".

ويشتمل مختبر شركته الموجود في نيويورك على مجموعة من 700 جرثومة مختارة بعناية يتولى الاهتمام بها "كقائد الاوركسترا".

وفي مقالة نشرتها حديثا مجلة "نيتشر مايكروبيولوجي" العلمية البريطانية، تشبه الكيميائية المتخصصة في المذاقات ارييل جونسون التخمير بـ"أداة جديدة ترتدي أهمية كبيرة تضاهي تلك العائدة للسكين في التقشير وللمقلاة في القلي".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً