العدد 5074 - الخميس 28 يوليو 2016م الموافق 23 شوال 1437هـ

أزمة النفايات... ثقافة الرقابة في السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يتفق المختصون والمسئولون والعاملون في حقل العمل الخدمي والبيئي ونشطاء العمل البيئي أيضاً، على أن الرقابة بمختلف أدواتها ومكونها المؤسسي والقطاعي والمجتمعي، المُؤسَسَة في أهدافها ووظائفها، والمنظمة في آليات نشاطها الرقابي، تشكل حجر الزاوية في الكشف عن المخالفات، وإنفاذ القوانين، وتصحيح السلوك البيئي، وتعديل مسارات خطط التنمية والتخطيط البيئي للمشاريع العمرانية والحضرية، ونقصد هنا الرقابة المُؤسَسَة في بعد مفاهيمها ومسئولياتها في إحداث التغيير الموجه والموزون المرتكز على المعايير العالمية الحديثة في إنجاز أهداف التنمية المستدامة، وهي مسئولية مشتركة للمؤسسات الحكومية والخاصة، والمجتمع المدني وقطاعات المجتمع المحلي.

الشراكة مبدأ استراتيجي في بناء الرقابة المتداخلة في وظائفها المؤسسية والمجتمعية، ويمثل المجتمع محور تفاعلي في خريطة آلية الرقابة في منظومة العمل للحفاظ على النظافة العامة، ومتابعة ورصد الأنشطة البشرية ذات العلاقة، ويرتبط ذلك في كون أن المجتمع هدف فعلي لتلك الأنشطة، وأخذاً في الاعتبار أن المجتمع العنصر الرئيسي في معادلة الأحداث والأزمات البيئية وتأثيراتها، فإنه بذلك يقع في دائرة المسئولية، ويتحمل مسئولية مباشرة في منظومة الرقابة، للحد من الآثار السلبية للأنشطة البشرية المرتبطة بقضايا النظافة العامة، وينبغي على المجتمعات المحلية التعاون وممارسة دورها الرقابي في ضبط وكشف مخالفات رمي النفايات في المناطق السكنية، وإبلاغ الجهات المختصة عما يجري رصده من مخالفات، لتمكين الجهات المعنية في المتابعة واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية وإدارية بشأنها.

البعض يرى أن أداة الرقابة ومسئولياتها في متابعة الأنشطة ذات الارتباط بالقضايا التي تخص الحفاظ على النظافة العامة، وصون جودة المحيط البيئي للإنسان، وحماية معالم الأنظمة البيئية، تقع حصرياً في دائرة مسئوليات المؤسسة الرسمية المختصة، ويرى هذا الصنف من الناس أنه ليس من مسئوليات المجتمع تقديم جهد غير مدفوع الثمن في دعم الأنشطة الرقابية التي يحددها القانون ضمن وظائف المؤسسة المختصة بالقضايا الخدمية والبيئية، دون أن يدرك أن النشاط الذي يمكن أن يقوم به يندرج في منظومة المصلحة المجتمعية، التي يُعتبر ضمن المكون الرئيسي في خريطة مكونها الاجتماعي، كما أن البعض من هذا الصنف يذهب إلى القول بأنه لايرى أن يتحمل مسئولية عدم إلقاء المخلفات في الطرقات، ومن نوافذ المركبات، بل يرى أن ذلك سلوك إيجابي ومطلوب لإيجاد عمل لعمال النظافة.

المسئولية الذاتية وبناء الوعي الفردي والاجتماعي لمحددات القيم الأخلاقية، في عدم جواز التعدي على الحق الاجتماعي في العيش في بيئة نظيفة، ضرورة للحد من المفاهيم غير المسئولة والمغلوطة في فهم طبيعة محددات منهج السلوك الفردي والاجتماعي في العلاقة مع نظافة بيئة المكان، الذي يمثل حقاً مجتمعياً، وذلك يضع مفاهيم السلوك غير الرشيد التي يتبناها البعض في التعامل مع المخلفات الشخصية والمنزلية، ومحددات الالتزام مع قواعد النظافة العامة في الطرقات والأماكن العامة في موقع الرفض الاجتماعي، ويجعلها ضعيفة التأثير على الوعي والثقافة المجتمعية في العلاقة مع المحيط البيئي للإنسان.

ليس هناك خلاف على أن المسئولية الاجتماعية في منظومة العمل الرقابي، تمثل ركنا ركينا في النشاط الرقابي للمؤسسة الرسمية، ودعم فاعليته وجودة تشخيصه المخالفات البيئية التي تمس بشكل مباشر الأمن الصحي والبيئي للمجتمع، ويتفق الكثيرون على أن الرقابة الاجتماعية هي الأكثر فعلاً في الكشف عن حقائق المخالفات، والمساهمة في تكوين رؤية مُؤسَسَة في شأن واقع الأنشطة البشرية السلبية، التي تُمكن المؤسسة المختصة في تشخيص الواقع، وبناء منظومة الإجراءات القانونية والإدارية لتصحيح الخلل، والحد من الممارسات غير الرشيدة في العلاقة مع نظافة المحيط البيئي للإنسان.

أزمة النفايات كشفت الأهمية الفعلية للرقابة الاجتماعية في منظومة العمل الرقابي للمؤسسة المختصة، ويمكن تبين ذلك في النشاط المجتمعي في الكشف عن حقائق المخالفات وحالات عدم التزام عمال النظافة للشركة الإسبانية في أداء واجباتهم الوظيفية بالمستوى المهني المطلوب؛ للحد من مشكلة النفايات في المحافظتين الشمالية والجنوبية، كما أن الموقف الاجتماعي في فهم طبيعة العلاقة مع واقع تداعيات الأزمة، وتشخيصه جوانب الخلل في عدم الالتزام الوظيفي لعمال الشركة، أكد مستوى المسئولية التي يتميز بها المجتمع المحلي في الالتزام المسئول في الكشف عن حقيقة الخلل، وجوانب القصور في أنشطة الشركة.

إن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق الحرص والمسئولية الاجتماعية العالية لأفراد المجتمع في المبادرة بالإبلاغ عن وقائع ملموسة في شأن جوانب الخلل المهني في الالتزام الوظيفي لعمال النظافة، وبالتثبت بشأن ما جرى الإبلاغ عنه، وجد عدد من عمال الشركة جالسين في الظل، وعدد آخر يقومون بجولة في الأزقة والطرقات ما دفع البعض من الأهالي في وصفهم بالسواح الجدد، وجرى إبلاغ عضو المجلس البلدي الشمالي ممثل الدائرة الأولى بواقع الأمر، والعمل على توجيه ملاحظة إلى عمال نقل المخلفات في صباح الاربعاء 20 يوليو/ تموز 2016، وإبلاغهم بضرورة إحاطة المسئولين في الشركة بالواقع لاتخاذ ما يلزم من إجراء.

الإعلام يمثل أيضاً أداة فعلية ومهمة في منظومة الرقابة الاجتماعية، وفي تشخيص وإبراز جوانب الخلل في عدم الالتزام الوظيفي لشركة النظافة، ويمكن للإعلام كأداة نافذة في الوسط الاجتماعي أن يساهم بشكل فعلي في الحد من أزمة النفايات، وتَمكن الإعلام في تأكيد ذلك النهج في التفاعل مع الشكاوى التي تقدم بها المجتمع، بشأن مخالفات شركة النظافة في طرق جمع المخلفات المنزلية ووسائل التخلص منها، وذلك جهد مهم في توفير البيانات، وتمكين جهة الاختصاص الاطلاع على جوانب الخلل، في تنفيذ الالتزامات والمساهمة في حماية المجتمع من المخاطر الصحية والبيئية.

المواقف المسئولة للمجتمع في ممارسة دوره الرقابي في الكشف عن المخالفات، تؤكد ضرورة أن تعمل الجهات المختصة في البحث عن مخرج قانوني لبناء آلية الرقابة الاجتماعية في دعم أنشطة رصد المخالفات البيئية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5074 - الخميس 28 يوليو 2016م الموافق 23 شوال 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:26 م

      كل الشكر والتقدير والثناء إلى سعادة الدكتور سيد شبر على طرح هذا الموضوع الذي شكل إنعطاف خطير في مسار الحفاظ على البيئة ونظافتها ، ونتمنى من كتاب الأعمدة في صحيفة الوسط أن يبادروا لطرح هذا الموضوع في أسرع وقت ممكن .

    • زائر 4 | 8:27 ص

      مقال جميل دكتوري الفاضل.. وتبقى المسؤولية الاجتماعية هي أبرز رقيب على العمل البيئي، وبالنسبة للشركات وكسل العمال، لو يُقيم عمل عمال النظافة على مستوى النظافة في المنطقة المخصصة لهم أفضل من تقييمهم على ساعات العمل، وبذلك يتم ضمان اهتمام العامل بنظافة المكان دون رقابة مباشرة على التزامهم بساعات العمل، فالغاية هي النظافة وليست ساعات العمل
      خليفه الكتبي- الإمارات

    • زائر 2 | 8:01 ص

      مقال جميل دكتوري الفاضل.. وتبقى المسؤولية الاجتماعية هي أبرز رقيب على العمل البيئي، وبالنسبة للشركات وكسل العمال، لو يُقيم عمل عمال النظافة على مستوى النظافة في المنطقة المخصصة لهم أفضل من تقييمهم على ساعات العمل، وبذلك يتم ضمان اهتمام العامل بنظافة المكان دون رقابة مباشرة على التزامهم بساعات العمل، فالغاية هي النظافة وليست ساعات العمل.
      خليفه الكتبي- الإمارات

    • زائر 1 | 7:57 ص

      خليفه الكتبي- الإمارات

    • زائر 3 زائر 1 | 8:11 ص

      مقال جميل دكتوري الفاضل.. وتبقى المسؤولية الاجتماعية هي أبرز رقيب على العمل البيئي، وبالنسبة للشركات وكسل العمال، لو يُقيم عمل عمال النظافة على مستوى النظافة في المنطقة المخصصة لهم أفضل من تقييمهم على ساعات العمل، وبذلك يتم ضمان اهتمام العامل بنظافة المكان دون رقابة مباشرة على التزامهم بساعات العمل، فالغاية هي النظافة وليست ساعات العمل

اقرأ ايضاً