العدد 5080 - الأربعاء 03 أغسطس 2016م الموافق 29 شوال 1437هـ

نزوح 3.5 مليار استرليني من صناديق الاستثمار البريطانية

الوسط – المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

هل يشهد الاقتصاد البريطاني ركودا اقتصاديا بنهاية العام؟ سؤال بات يطرح يوميا في وسائل الإعلام البريطانية، منذ قرر الناخب البريطاني الانحياز لمصلحة خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكن ما الذي يدفع إلى طرح مثل هذا السؤال على خامس أكبر اقتصاد في العالم، والسبب هو ما تكشف عنه الأرقام يوميا من تراجع في قدرات الاقتصاد البريطاني، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم الخميس (4 أغسطس / آب 2016).

آخر تلك الأرقام هو ما كشفت عنه بيانات رسمية صادرة عن جمعية الاستثمار البريطانية بتراجع استثمارات صغار المستثمرين في الاقتصاد البريطاني، إذ سحبوا 3.5 مليار جنيه استرليني من استثماراتهم في صناديق استثمار بريطانية، وفي قطاع العقارات تخلصوا من أملاك لهم بالبيع قدرت قيمتها بـ 1.4 مليار استرليني. باختصار، فقد سحب صغار المستثمرين من رؤوس أموالهم وأصولهم العقارية المستثمرة في بريطانيا خلال الفترة التي تلت استفتاء الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أكثر مما سحبوه من أموالهم وأصولهم في أعقاب الأزمة الاقتصادية عام 2008.

سيمون بلكدون الاستشاري في مجال التحليل المالي، يعتبر أنه فيما يتعلق بقطاع صغار المستثمرين، فإن الوضع الآن أسوأ مما كان عليه عند اندلاع الأزمة المالية، وإن عمليات الخروج من الأسواق البريطانية على نطاق واسع تكشف عن شعور عام بالمخاطرة في حالة مواصلة البقاء.

وأضاف لـ "الاقتصادية"، أن ما يحدث الآن على الرغم من خطورته ليس إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد، فالصناديق الاستثمارية الكبرى تخشى من عمليات سحب كبيرة من قبل صغار المستثمرين، عندما تبدأ الحكومة البريطانية في اتخاذ إجراءات فعلية ورسمية للخروج من الاتحاد الأوروبي، وإذا ما حدث ذلك فلا شك أننا سنشهد ركودا اقتصاديا قد يستمر ما بين خمس إلى سبع سنوات.

ومع هذا، فإن المشهد الاقتصادي البريطاني يحمل أيضا عناصر إيجابية، وإن بدت ضعيفة وهشة مقارنة بجوانب الضعف والقلق التي تهيمن على الصورة الإجمالية، فالصناديق الاستثمارية المعنية بالقطاع الصناعي شاهدت تدفقا لرؤوس الأموال وزيادة في أصولها المالية بما قيمته أقل قليلا من مليار استرليني. ويظل سؤال الركود ومستقبل بريطانيا الاقتصادي مشروع في نظر الخبراء، ومن بينهم البروفسير هنري كلارك أستاذ الاقتصاد المقارن الذي يعتقد أن الاقتصاد البريطاني يمر بوضع صعب، ولكنه لن يواجه ركودا اقتصاديا هذا العام، مضيفا أن نسبة حدوث الركود تبلغ 50 في المائة، ولكنه إن أصاب المملكة المتحدة فسيصيبها نهاية العام المقبل وليس العام الجاري.

وأشار كلارك لـ "الاقتصادية"، إلى أن الركود إن وقع فلن يكون بحدة الأزمة المالية عام 2008-2009، فالقطاع المصرفي البريطاني أكثر قوة مما كان عليه الوضع قبل ثمانية أعوام، كما أن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي إن حدث فسيأخذ بعض الوقت، بما يمنح القطاع المصرفي فترة زمنية كافية لاتخاذ التدابير اللازمة لتفادي أو ضعف الركود المتوقع.

وتشير التقديرات شبه الرسمية، إلى أن بريطانيا تتوقع نموا اقتصاديا ضعيفا، خلال النصف الثاني من العام الجاري وطوال عام 2017، إذ يتوقع ألا يتجاوز النمو هذا العام 1.7 في المائة، أما في العام المقبل فلن يتجاوز 1 في المائة.

وتدفع أغلب تلك التوقعات إلى سيادة قناعة في الأسواق البريطانية تؤكد أن أحد الحلول التي ربما تطرح من قبل بعض المستشارين الحكوميين، ستنصب على ضرورة تقييد السياسات المالية، وتثبيت التضخم الذي يتوقع بلوغه 3 في المائة بنهاية العام المقبل.

ولا يزال بعض المصرفيين يعولون على إمكانية تفادي الركود الاقتصادي، إذا قامت حكومة تيريزا ماي، بتبني خطوات عملية وقوية تكشف عن قطع تام مع السياسات التقشفية السابقة، التي تبناها جورج أوزبورن وزير المالية السابق لسنوات، إضافة إلى تبني سياسة أكثر مرونة فيما يتعلق بشروط وسعر الفائدة على القروض خاصة للراغبين في شراء العقارات لأول مرة.

ويعتقد القطاع المصرفي البريطاني أن الضغوط تتزايد على محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) لاتخاذ خطوات ملموسة وإعلان خفض سعر الفائدة، خاصة في ظل التدهور الذي يعانيه قطاع الخدمات في المملكة المتحدة.

وأوضح لـ "الاقتصادية"، إل سي بيتر رئيس وحدة المعاملات الدولية في مجموعة "لويدز" المصرفية في اسكتلندا، أن خفض سعر الفائدة أمر لا مفر منه بالنسبة لبنك إنجلترا، والقضية قضية وقت، ونسبة الخفض المنطقية في تلك المرحلة ستبلغ 0.25 في المائة أي ربع في المائة، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن تلك الخطوة ستؤدي إلى تراجع في الودائع الدولية في البنوك البريطانية، لكنها سترفع معدل الاستثمار المباشر نتيجة انخفاض قيمة العملة البريطانية في مواجهة العملات الدولية الأخرى، وسيسهم هذا بشكل كبير في خفض معدل البطالة ورفع مستويات التوظيف. وأضاف بيتر أن تراجع سعر صرف الاسترليني سيزيد من قدرة بريطانيا التصديرية ويؤدي إلى انخفاض الواردات، وربما كان السبب الرئيس وراء زيادة الأصول المالية في صناديق الاستثمار الصناعية في بريطانيا هو توقع صغار المستثمرين بأن يشهد القطاع الصناعي تحسنا ملموسا في الأجلين المتوسط والطويل.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً