العدد 5088 - الخميس 11 أغسطس 2016م الموافق 08 ذي القعدة 1437هـ

تنامي ظاهرة التطرف بين الشباب... كمال ابراهيم

قال كمال ابراهيم الذي يعمل مدير برنامج في المغرب قبل انضمامه للبنك الدولي في 2006 ، والذي كان يشغل منصب رئيس البعثة الجامعية التونسية في أميركا الشمالية (1997 – 2003) في مقال له على موقع "البنك الدولي" في ( 7 مايو / أيار 2016) بقوله "ظلت قضية العنف المدرسي مسكوتا عنها في ظل سياسات النظام الديكتاتوري  السابق التي تدعم السرية و التعتيم على المعلومات. إلا أن ثورة الشعب التونسي التي انطلقت عام 2011 غيّرت مفهوم الحريات السياسية".

وفيما يلي نص المقال:

تعتبر تونس واحدة من أكثر البلدان العربية انتهاجاً للعلمانية،  وتتميز بنظام تعليم  متطور في المنطقة. ومع ذلك فإنّ الآلاف من شبابها هم الأشد انجذابا نحو الجهاد من سائر البلدان.فإذا تساءلنا عن أسباب ذلك قد نجد الإجابة في أجواء المدارس الابتدائية والثانوية، حيث تفترس الحركات الأصولية الأطفال، وخاصّة منهم المحرومين المتألّمين من تهميش المجتمع وقلّة اهتمامه بهم.

وقد ظلت قضية العنف المدرسي مسكوتا عنها في ظل سياسات النظام الديكتاتوري  السابق التي تدعم السرية و التعتيم على المعلومات. إلا أن ثورة الشعب التونسي التي انطلقت عام 2011، غيّرت مفهوم الحريات السياسية وأحدثت صحوة في المجتمع المدني وفضحت أيضا ما كان يجري خلف أبواب المدارس.، حتى لم يعد التطرف والعنف في المدارس اليوم  من الموضوعات المحظور طرحها للنقاش.

في مايو/أيار، انضم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال الوطنية) إلى البنك الدولي، ومركز التكامل المتوسطي ومؤسسات أخرى تعمل في مجال التعليم ليناقشوا لأول مرة  ظاهرة العنف في المدارس وعلاقته بالتطرف ،في ملتقى جمعهم بممثلي المجتمع المدني والمدارس والمنظمات الإنمائية في تونس لبحث الحلول الممكنة لهذا المشكل  وتعميم الوعي به.

وقد وجد البروفيسور فرهاد خروسخوفار، مدير المركز الفرنسي لتحليل التدخلات الاجتماعية بكلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية أوجه شبه بين فرنسا وتونس في  أسباب التوجه نحو الحركات الجهادية ، بدءا بأطفال الأسر المفككة الذين يعيشون في ضواح حضرية فقيرة، يواجهون فيها مشاكل بالمدارس ينتج عنها تخلفهم مبكرا عن الدراسة؛ وقد يؤدي هذا إلى تورطهم في جرائم تنتهي بهم غالبا إلى السجن حيث تكتمل هناك عملية التهميش.

 ينعتون أنفسهم بالثوريين،بل ولا يعتبرون أنفسهم مؤمنين بقضية ما، لكنهم بالأحرى يصفون أنفسهم بأنهم مهمشون وليس لديهم أي هدف في الحياة.

ولا يجد الكثير من الشباب التونسي الدعم المعنوي أو أي نوع آخر من الدعم داخل النظام المدرسي أو أيّ نوع آخر من الدّعم داخل النظام المدرسي والمجتمع بأسره. ووفقا للإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية في تونس، فإن العنف في المدارس شديد الارتباط بالصعوبات التي يواجهها التلاميذ في التعلم وبغياب الدعم الأسري. حتى وإن لم يدفع العنف إلى التطرف، فإن له في كل الأحوال آثارا مدمرة على نفسية الطفل وأدائه.

العنف يشوه جودة بيئة التعليم، ويقوض النظام المدرسي برمته.

ما الذي يستطيع التونسيون فعله للحد من هذا؟ هل الطريق المؤدّية إلى العنف سببها قلّة الإنصاف  وعدم ردّ المظالم (مما يفسح الطريق للإقصاء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي) بالإضافة إلى الخطاب القوي الموجه إلى الشباب السّاعين إلى الإصلاح و مواجهة المظالم ؟ يمكن القول أنه إذا توفرت شبكات اجتماعية تؤكد على مفهوم الهوية ووحدة التوجه، فإن الشباب سينخرطون فيها على الأرجح كنظام عقائدي جديد يمكن أن  لا يفضي إلى أعمال متطرفة.  

بل إن الشباب  ذوي الميول العنيفة الذين لم ينخرطوا  بعد في مثل هذا النظام العقائدي، قد يندفعون نحوه نتيجة الشعور بالحرمان والإقصاء.

ينبغي على الخطط الرامية الى الحد من التطرف أن تبعث الأمل في نفوس الشباب من خلال الخطاب المقنع، وأن تعالج المشاكل المتعقلة بالمظالم والإقصاء، وأن تبعث الأمل في نفوس الشباب من خلال الخطاب المقنع، وبتقديم حلول ملموسة (مثل الوظائف والخدمات وتعزيز المشاركة). كما يجب أن تساعد هذه الخطط الشبكات الشبابية  لتلتف حول أهداف إيجابية.

 دروس مستفادة مستخلصة من دول أخرى:  في سبعينيات القرن الماضي، تصدت الولايات المتحدة لعدوى العنف في المدارس من خلال برامج "الانضباط الإيجابي" على مستوى البلاد. وفي كندا تطبّق المدارس   العديد من الاساليب والمهارات لمواجهة العنف مثل أسلوب الوساطة باستخدام النظراء، والمشاركة المدنية، وحل النزاعات.

هذه النماذج هي بعض ما ساعد المنظمات التونسية على ضبط إجراءات هدفها الحد من العنف وخطر التطرف في المدارس. ونتيجة لذلك، أقرت السلطات التونسية خطة لتحسين بيئة التعليم، تتضمن البنية الأساسية ونظم الإدارة. كما سيتواصل النذقاش حول هذا الموضوع  خلال منتدى الشباب العالمي الذي يعقد هذا الأسبوع في واشنطن.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:48 ص

      ببساطه يعني معظم العاهرات اتخذو هذا بس التفكك الاسري ، نفس الشي الإرهابيين اتخذو هذا الطريق بسبب التفكك الاسري و الاجتماعي،

اقرأ ايضاً