العدد 5092 - الإثنين 15 أغسطس 2016م الموافق 12 ذي القعدة 1437هـ

"عذارى محلفات" في البانيا ينذرن العفة لعيش حياة الرجال

تعيش في البانيا حفنة من "العذارى المحلفات" اللواتي نذرن العفة طوال حياتهن في مقابل السماح لهن بعيش حياة الرجال والتنعم بامتيازاتهم في مجتمع محافظ لا تزال نساؤه يكافحن لتحصيل كامل حقوقهن.

هؤلاء النساء اللواتي يعرفن محليا باسم "فيرجينيتسا" اتخذن على أنفسهن نذرا بعدم الزواج وعدم اقامة علاقات جنسية. وفي الجبال الواقعة في شمال البانيا، ينتمي بعض هؤلاء النسوة الى عائلات خالية من الابناء الذكور، كما ان بعضهن يجدن في هذه الوسيلة الطريقة الوحيدة للإفلات من الزيجات المدبرة من دون الاساءة الى صورة العائلة في المجتمع.

وفي المقابل، يمكن لهؤلاء العذارى عيش حياة الرجال بما يشمل العمل والتقاط الصور الى جانب الرجال والتدخين وتناول مشروب "راكي" في الحانات وارتداء السراويل والخروج من دون التستر بدافع الخجل من المحيط، او المشاركة في اتخاذ القرارات العائلية.

وتروي ديانا راكيبي البالغة 62 عاما والملقبة "لالي" أن هذا النمط من الحياة يجنبها "احضار الطعام مطأطأة الرأس" قبل "الانسحاب من دون النظر الى المدعوين".

وتذهب هذه المرأة يوميا الى مسمكة في دوريس (غرب) للمساعدة، ويبدو عليها الرضا لدى سماعها حارس الميناء يناديها بلقب "القائد الكبير".

الحرية "محرمة"

في قريتها تروبيا (شمال)، كانت ولادة شكورتا وشقيقتها التوأم سنة 1932 بعد وفاة ثلاثة اشقاء لهما بمثابة كارثة في العائلة.

وتمت تسمية شقيقتها سوسي ما معناه "كفى"، وفق شكورتان (الاسم الذكوري لشكورتا) التي تتطرق الى طفولة صعبة عاشتها من دون مدرسة وقضتها في حراسة القطيع.

وتقول "كنت اريد الخروج ولطالما رفضت ملازمة الغرف المخصصة للنساء، لذا قررت ان اعيش مع الرجال".

وفي سن السادسة عشرة، ما كان امامها سوى اختيار نذر العفة عبر عيش حياة "العذراء المحلفة" للإفلات من عرض زواج تقدم به أحد الشباب في القرية.

اما لالي المولود ايضا في منطقة تروبويا والتي وصلت في سن مبكرة الى منطقة دوريس الساحلية الكبيرة، فلا تعلم سبب اختيارها هذا الطريق غير أنها تتحدث عن شغفها بكرة القدم والجانب "المتمرد" في شخصيتها و"خيار الحرية".

وتقول "بالنسبة لامرأة، كان من الصعب الاشتراك في الحياة" و"العيش بحرية كان محرما على النساء".

ويبدي شكورتان "لامبالاة كاملة" بفكرة الانجاب كما ان مسألة المعاناة التي قد يعيشها بسبب انعدام الحياة العاطفية والجنسية لا تهمه. ويقول "انا عاشق للطبيعة والشمس، امارس الرسم. هل من حب أجمل من هذا؟".

كذلك يرفض شكورتان ولالي رفضا قاطعا فكرة المثلية الجنسية. فبحسب لالي، "هذا الامر غير اخلاقي" و"من غير المقبول" أن يملي الميل الجنسي على الشخص حياته كما أن "زواج رجلين او امرأتين بمثابة نهاية العالم".

خيار شخصي

وبحسب عالمة الاناسة انطونيا يونغ مؤلفة كتاب "البانيان سوورن فرجينز"، فإن هذا الموضوع لا يرتبط "بتاتا" بالمسائل الجنسية.

وتلفت يونغ الى ان هؤلاء "العذارى المحلفات" كن يعشن في "عالم ذكوري" و"يخرجن مع الرجال ويشربن معهم خصوصا في المقاهي" على رغم عدم الاعتراف بهن قانونا على انهن من الرجال في السجلات الرسمية.

وخلال حكم الديكتاتور انور خوجة، كان شكورتان مسؤولا عن الخلية المحلية في الحزب الشيوعي اذ كان يقود "كتيبة من حوالي خمسين ريفيا"، من دون اي مشكلة في موضوع السلطة. فقد "كنت قاسيا" على حد تعبيره.

اما لالي الذي لا يخفي حنينه الى النظام الشيوعي فلطالما "نظر اليه كرجل" وكان عسكريا ويدرب الطلبة على تحضير رشاشات كلاشنيكوف قبل الالتحاق بالشرطة.

ويؤكد لالي وشكورتان انهما اختارا بحرية حياتهما. كما ان كلا من هاتين "العذراوين المحلفتين" كان لها دور في تحديد مصيرها الشخصي غير "انهما تأثرتا على الارجح بالوضع الاجتماعي" وفق انطونيا يونغ.

فقد جاء قرارهما "باسم المجتمع" من "وجهة نظر عائلتيهما وليس بخيار شخصي" بحسب الباحثة.

هذا التقليد آخذ في الزوال. فمع أن شابات ما زلن يأخذن هذه النذور، المعنى مختلف تماما بحسب انطونيا يونغ التي توضح أن هؤلاء الفتيات "ينجذبن بالقدر الاكبر من الحرية" غير أن هذا الامر بات "خيارا شخصيا" وليس "من اجل مصلحة العائلة او المجتمع".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً