العدد 5102 - الخميس 25 أغسطس 2016م الموافق 22 ذي القعدة 1437هـ

مواثيق شرف المهنة تسهم في حماية العاملين والمؤسسات والمجتمع

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تطرح العديد من المهن مواثيق شرف تعتبرُها ملزمة لأصحابها من أفراد ومؤسسات، والحديث عن مواثيق الشرف ينطلق من موضوع جوهري يتعلق بالقيم الأساسية، والمبادئ الانسانية والاعتبارات الأخلاقية، والتزامات المواطنة الصالحة. وفي العادة يتم تفصيل كل ذلك في مدوَّنات لقواعد السلوك تحدد ما هو متوقع من الأفراد والمؤسسات، وتستعرض المبادئ التوجيهية لاتخاذ القرارات التي تتماشى مع الأهداف المشروعة للمهنة وللمؤسسات.

وفي هذا الإطار، فإن مدونات قواعد السلوك قد تشكل أدوات ضرورية للمحترفين والمؤسسات لتحقيق النجاح، وتحقيق السمعة الحسنة من خلال الالتزام بالقيم والأخلاق، وتوضيح معايير السلوكيات والمسئوليات التي يمكن إخضاعها للمحاسبة.

هناك الكثير من المهن والمؤسسات التي تضطلع بأدوار مهمة في حياة الناس، وبالتالي فإن أي سلوك غير أخلاقي، أو غير مشروع، أو مناف للقيم، لبعض العاملين في مكان العمل تكون له عواقب وخيمة على المجتمع. وعليه، فإنَّ المؤسسات والقطاعات المتطورة ترفع معنويات العاملين لديها، وتضمن مكانة عالية في المجتمع عبر توثيق قواعد السلوك وتدريب العاملين، وتشجيع السلوك الملتزم بقيم ومعايير أخلاقية في مكان العمل.

إنَّ بعض العاملين قد ينخرطون في ممارسات تعتبر غير أخلاقية، أو غير مبدئية، وذلك ضمن بحثهم عن تكتيكات سريعة للحصول على ترقيات في بيئة عمل تنافسية للغاية، أو أنهم قد ينطلقون من أحقاد معينة ضد فئات من المجتمع أو ضد جهات محددة، أو لأنهم يفتقرون إلى المعرفة الصحيحة لماهية السلوك الأخلاقي وبالتالي قد يكونون أكثر عرضة للانخراط في السلوك غير المشروع. وفي حال عدم وجود توجيهات واضحة للالتزام بأخلاقية المهنة، فقد تنتشر الممارسات التي تكسر الالتزامات الأخلاقية؛ لأن الآخرين سيعتقدون أن هذه الأفعال ليست مرفوضة، أو أنها خارج إطار المحاسبة والعقاب. وعندما تنتشر السلوكيات غير الأخلاقية وغير المشروعة فإن المؤسسة وبيئة الأعمال والمجتمع بكامله يتضرر.

إنَّ قواعد السلوك في الإجمال تركز على مبادئ أخلاقية أساسية، مثل احترام استقلالية وكرامة الإنسان، فعل الخير، تحقيق العدل، وعدم إلحاق الضرر بالآخرين (أو تقليل الضرر إلى الحد الأدنى). هذه المبادئ تستند إلى المشتركات في الفلسفات الدينية والطبيعية والإنسانية، والتي أصبحت، مع تراكم التجارب، جزءاً لا يتجزأ من الضمير العالمي، وتمَّ اعتماد الكثير منها في القانون الدولي.

إدارة الأخلاقيات في مكان العمل تحتاج إلى متخصصين يدربون العاملين ويوجهونهم، ويتأكدون أنَّ الخطاب الرسميَّ للمؤسسة يلتزم بالمعايير المعلنة في مدونة قواعد السلوك. وجزء من التدريب يتطلب توجيه اهتمام العاملين إلى التفكير في العواقب الأخلاقية والقانونية المترتبة على القرارات والتصرفات. وعليه، فإنَّ الطواقم الطبية، مثلا، ملزمة بحسب أخلاقيات المهنة بتقديم الرعاية الطبية إلى أي شخص يحتاج إليها، بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، ويجب حفظ كرامة المريض ورعاية احتياجاته. والمحامون يجب أن يحافظوا على أسرار زبائنهم، وكذلك المهندسون والشرطة والقضاة والصحافيون والتربويون والمستشارون الماليون، وغيرهم من المحترفين والفنيين والحرفيين، الذين تقع عليهم واجبات الالتزام بثوابت إنسانية.

وهناك حاليا توجه عالمي حثيث لاعتماد مدوَّنة سلوك في كل مؤسسة، وذلك لتأكيد القيم والالتزامات وربطها بمعايير السلوك المهني، ومن ثم استخدامها كمعايير يمكن من خلالها قياس الأداء الفردي والمؤسسي. وعليه، فإن مدونة السلوك تتحول الى مرجع مركزي لجميع العاملين؛ لدعم عملية اتخاذ القرارات على مستوى يومي أو دوري، ولتشجيع المناقشات حول أفضل الوسائل للامتثال لما هو مطروح علناً، وتمكين العاملين من التعامل مع المعضلات التي يواجهونها في العمل بصورة مستمرة.

كما أنَّ المؤسسات تستفيد من مدونات سلوكها في مجال التسويق، وذلك من خلال تضمين البيانات الصحافية بكل ما ترمز إليه المؤسسة من التزامات وقيم بحسب معايير عالمية. إضافة إلى ذلك، فإنَّ مدونات السلوك تساعد في تخفيف المخاطر، وذلك لأنَّ اتباع الإرشادات في تسيير العمل يمكن أن يثبت للجهات الرسميَّة أنَّ المؤسسة اتخذت الإجراءات اللازمة لتأكيد «حسن النية» في نشاطاتها، ولمنع أية ممارسات غير قانونية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5102 - الخميس 25 أغسطس 2016م الموافق 22 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً