العدد 5111 - السبت 03 سبتمبر 2016م الموافق 01 ذي الحجة 1437هـ

الاستثمار في القطاع الصحي... على الطريق السليم

أحمد صباح السلوم

رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

تغيّر واضح وشامل... هذا ما يمكن أن نصف به ما حدث في الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في العام الأخير، وبحكم التواجد في الشارع التجاري والقرب من المستثمرين الراغبين في فتح أنشطة تجارية واستثمارية لها علاقة بالمجال الطبي على وجه الخصوص، أستطيع القول بكل أريحية أن هناك تغييراً إيجابياً ملحوظاً وبشدة منذ تولّي الدكتورة مريم الجلاهمة منصب الرئيس التنفيذي للهيئة. ومثلما نوجه النقد لبعض أوجه التقصير في بعض المؤسسات وخاصة جهات التعامل المباشر مع صغار التجار والمستثمرين، فإن المنطق والإنصاف يمنعنا من تجاهل الإيجابيات ومنح كل مجتهد نصيبه من الإشادة أيضاً، حرصاً على استمراريته وتشجيعاً للآخرين.

وبخلاف العديد من الانتقادات والسلبيات التي توصم إدارات أخرى تابعة لوزارة الصحة ووزارات أخرى، فإن الهيئة التي باتت من مسئولياتها التعاملات مع المستثمرين أو الراغبين في الاستثمار في القطاع الصحي، ناهيك عن رقابة وتنظيم المؤسسات الصحية القائمة، باتت أنموذجاً عملياً في كيفية التعامل مع المستثمر والتسهيل عليه بشكل لافت من خلال تبسيط الإجراءات واستخدام البرامج التكنولوجية الحديثة التي توفّر الوقت والجهد، بعيداً عن الروتين المعهود في بعض إدارات الحكومة.

لقد اختلفت النظرة كلياً إلى المستثمر في هذا القطاع مع وصول الإدارة التنفيذية الجديدة، وهي نظرةٌ البحرين في احتياج إليها وليس الشارع التجاري أو المستثمر، لأنه في حقيقة الأمر وأنا أصر دائماً على التذكير بأهمية فتح الاستثمارات الجديدة أو توسيع القائم منها بما يعنيه ذلك من تشغيل العديد من العمالة وفتح المزيد من أبواب الرزق لأبناء البحرين وغيرهم.

التعاون بين الهيئة ووزارة الصناعة والتجارة والسياحة أيضاً يبدو واضحاً وإيجابياً من خلال مشروع ‏»سجلات» الذي يوفر آلية ربط بين مركز المستثمرين مع قسم تنظيم المرافق الصحية بالهيئة من خلال إدراج متطلبات هيئة تنظيم المهن الصحية على النظام الذي تشرف عليه وزارة الصناعة والتجارة، بهدف تسهيل عملية التسجيل وتحديد الأنشطة التجارية للقطاع الصحي بيسر ‏وشفافية عالية‎ من خلال النظام الجديد.

الربط يشتمل التوضيح للمستثمر حول الخطوات التي يتخذها القسم لإعطاء الموافقة المبدئية والمستندات ‏المطلوبة للموافقة المبدئية، ومن ثم الآلية التي يجب اتباعها بعد الحصول على هذه الموافقة من التقدم ببقية ‏المتطلبات والمستندات، مثل موافقة الجهات الأخرى وخارطة الموقع وغيرها من متطلبات تجهيز المراكز الطبية أو المستشفيات... وهو ما يوفر على المستثمرين في القطاع كماً كبيراً من الوقت والجهد كانا يبذلان في مجرد معرفة المعلومات والمتطلبات والتيقن منها.

لكن في الحقيقة، فإن الأمر الأهم والأكثر وضوحاً لأي متابع، أن هناك اختلافاً كلياً في النظرة للمستثمر الذي كان يستشعر التربص والخيفة من وزارة الصحة وإجراءاتها، وأنها تنظر إليه باعتباره شخصاً جاء ليختطف حقوقاً وتصاريح ليست من حقه، في حين أن النظرة «المفترضة» للمستثمر أنه جاء ليخدم البلد طالما كان ملتزماً وحريصاً على تطبيق القواعد والقوانين.

التعاون لم يقتصر على وزارة الصناعة والتجارة بل امتد ليشمل «شئون الجمارك البحرينية» من خلال بدء تطبيق إصدار التراخيص لاستيراد المنتجات الطبية إلكترونياً، عبر تطبيق نظام «أفق» لتسهيل وسرعة تسيير حركة المعاملات والتراخيص الجمركية للمستوردين، وهو برنامج من شأنه أن يسهّل للمستوردين أخذ التصاريح للإستيراد قبل وصول الشحنات دون الحاجة لمراجعة الهيئة، حيث يتيح النظام تحميل الوثائق المطلوبة للترخيص إلكترونياً عبر البرنامج، ويقوم البرنامج بربط المواد المراد استيرادها بشفرات تحدد المواد والمستلزمات التي تتوجب إصدار ترخيص لها من الهيئة، ما ساهم في تقليل عبء العمل على الهيئة، حيث أنه يمكن للمخلصين من خلال البرنامج، التخليص دون الحاجة للرجوع إلى الهيئة، علماً بأنه عند الحصول على ترخيص المنتج، سيتمكن المستورد من استيراد المنتج أكثر من مرة خلال مدة زمنية محددة، حيث يتم استخدام رقم الترخيص فقط لا غير عند التخليص.

التطبيق الجديد الذي يشمل الترخيص إلكترونيا للأدوية أيضاً، يضمن عدم تعطيل توريد المنتجات الطبية للمؤسسات الصحية بما يضمن تقديم هذه المؤسسات لخدماتها بجودة وفاعلية.

الجلاهمة وصفت التعاون مع هذه الجهات بأنه خطوة مهمة ‏تسهم في تشجيع الاستثمارات الصحية بناء على توجيهات الحكومة وسمو ولي العهد المتمثلة في تجسيد قيم السرعة والكفاءة والشفافية والانفتاح، و‏تصب في مسار الارتقاء بمستوى الأداء الحكومي وتسهم في تحقيق مزايا أكثر للإستثمار. ونحن نضيف بأنه خطوة مهمة في سبيل دعم الاقتصاد الوطني، مثلما سبقته خطوات أخرى في بعض الوزارات الاستثمارية المهمة، وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة.

إن عمل الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بهذا المستوى يخدم أيضاً وبقوة، توجّه الدولة وهيئة السياحة والمعارض على وجه الخصوص، بشأن السعي لتحويل البحرين إلى وجهة «للسياحة العلاجية»، بما يمكن أن يوفّره لها موقعها الاستراتيجي المتميّز في قلب دول الخليج من امتيازات على هذا الصعيد، ناهيك عن الامتيازات الأخرى الخاصة بقوانين الاستثمار وتوافر العمالة وغيرها.

وأستطيع أن أؤكد بأن المضي قدماً بهذه الوتيرة في تنظيم الاستثمار بالقطاع الصحي، سيكون له مردودات إيجابية كبيرة على عطاء القطاع في البحرين ومردوداته الاقتصادية على الصعيد الاستثماري أيضاً.

إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"

العدد 5111 - السبت 03 سبتمبر 2016م الموافق 01 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:35 ص

      مقال جميل وكلام في محله فعل تغيرت العلاقة بين المستثمر والجهة الرفقابية الصحية 180 درجة . تحية للدكتورة مريم ولجميع العاملين من كوادر بحرينية مشهود لها بالكفائة والذين تحولت بهم الهيئة من جهة رقابية فقط الى شريك في المشرع الاستثماري الصحي وضامن لنجاحة ز الف شكر

    • زائر 1 | 4:07 ص

      صحيح
      في تحسن ملحوظ في خدمات الهيئة

اقرأ ايضاً