العدد 5120 - الإثنين 12 سبتمبر 2016م الموافق 10 ذي الحجة 1437هـ

«داعش» ليبيا... إلى أين؟

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

إثْرَ الثورة التي أطاحت بحكم الدكتاتور معمر القذافي، شهدت ليبيا بروز مجموعات جهادية شاركت في القتال مثل «الجماعة الإسلامية»، و «كتائب الشهداء» المنشقة عنها، وجماعة «شباب الإسلام»، و «أنصار الشريعة». ثمّ ساعدت النزاعات السياسية والتردي الأمني في ظل هشاشة الدولة على ارتفاع عدد هذه الجماعات وتعاظم عتادها وتوسع مجال سيطرتها على الأرض.

ويعتبر تنظيم «داعش» أبرز هذه المجموعات منذ ظهورها في درنة شرق البلاد منتصف العام 2013، غير أنّ المعلومات الاستخباراتية عن حجم وجوده وصدقية قوته ظلت شحيحة. إذ تحدثت تقارير عسكرية غربية عن وجود ما بين 5 آلاف الى 6 آلاف مقاتل لـ «داعش» في ليبيا، من مختلف الجنسيات.

لكن بعيد انطلاق عملية البنيان المرصوص على مدينة سرت معقل داعش بقيادة المجلس الرئاسي بطرابلس، ظهر داعش ليبيا كأضعف ما يكون عدداً ومقاومة، مما يطرح تساؤلات محيرة بشأن حقيقة عدد مقاتليه في ليبيا؟ وهل أبيدوا في أيام معدودات؟ وأين ذهبوا؟

بدأ التشكيك في عدد مقاتلي «داعش» في سرت منذ مدة؛ إذْ رأى بعض الملاحظين العسكريين الميدانيين أن عددهم لا يتجاوز 1000 مقاتل، ثمّ سرى التشكيك إلى موقع تمركزهم حيث الجميع يتحدث عن سرت كونها محط تركيز داعش، في حين يعتقد البعض أنّ أغلب جنود التنظيم هم خلايا نائمة في طرابلس، بل قد تكون حرب «داعش» القادمة في طرابلس. كما يمكن أن يكون مقاتلو «داعش» قد انتشروا في أكثر من 70 منطقة ليبية حسب تحليلات أخرى. بل يُرجَّحُ أن يتحول تنظيم داعش إلى مجموعات متفرقة في ليبيا يسكنون الجبال والكهوف على غرار حركة طالبان حينما أطيحوا من الحكم.

بل ذهب التشكيك إلى اعتبار الهدف الحقيقي للولايات المتحدة من مساندة التدخل العسكري ليس دعم قوات «البنيان المرصوص» بل هو حسب البعض الآخر حماية ابنها المدلل «داعش» ودعمه وتزويده بالمزيد من السلاح والمعدات المتطورة كما فعلت ولاتزال تفعل في سورية والعراق.

من جهتهم، رجح خبراء عسكريون في مكافحة الإرهاب الدولي في تونس والجزائر أن يحاول تنظيم داعش الهروب إلى تونس والجزائر، غير أنّ الإجراءات المشددة التي يتخذها البلدان ستحول دون ذلك؛ فتونس ستكون أول محطة يفكر بها التنظيم لوجود «دواعش» على الحدود معها.

كما يرجح أن يلجأ أعضاء داعش ليبيا إلى «بوكو حرام» في نيجريا، حين يفشلون في دخول تونس أو الجزائر، وخاصة بعد أن قام أعضاء في بوكو حرام فرع داعش في نيجيريا بمساعدة داعش ليبيا في معركة سرت.

وهكذا بعد أن خسر التنظيم معقله في سرت يظلّ وجوده في ليبيا مهدداً بالخطر، لأن ليبيا كانت بالنسبة إليه الفضاء والملجأ بعد الضربات المشددة التي تعرض لها في الشام والعراق.

كما يمكن أن يتخلّى التنظيم عن فكرة إقامة الحكم على قطعة أرض وأن يتحول إلى استراتيجية تنظيم القاعدة في شكل ميليشيات تتحرك من مكان لآخر وتنفذ عمليات هنا وهناك دون أن يكون له مكان ثابت أو إدارة حكم. وفي هذه الحالة فإنّ كل الدول مرشحة لأن تكون ملجأ التنظيم، لكن تبقى في المقدمة تونس ومصر وهو ما أكّده وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان يوم الاثنين، 5 سبتمبر/ أيلول، من أن مقاتلي تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) قد يفرون إلى مصر أو تونس بعد طردهم من معقلهم في سرت بليبيا، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال «هم لا يختفون، بل ثمة خطر جديد قد برز»، مضيفاً أن «ذلك سيطرح بشكل غير مباشر تهديدات جديدة على تونس ومصر». كما دعا وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني إلى تنسيق إقليمي فاعل مشيراً إلى أن تونس شهدت وصول أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب من سرت أو سورية، وخاصّة أنّ الخطابات الأخيرة والفيديوهات المنشورة لتنظيم داعش ضمّت تهديدات صريحة باجتياح دول المغرب العربي، وهو ما من شأنه أن يحتم تكثيف التواصل الأمني بينها.

على رغم تقهقره في سرت، يظلّ خطر «داعش» ليبيا قائماً على الأمن الليبي والمغاربي وحتى الأوروبي، وهو ما يقتضي إجراءات وقائيّة ضرورية؛ من ذلك إنشاء مراكز إيواء مختصة لمن يستسلم منهم أو يلقى عليه القبض لمنع «التفريخ» داخل السجون.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 5120 - الإثنين 12 سبتمبر 2016م الموافق 10 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:26 م

      «داعش» ليبيا... إلى أين؟
      إلى بقية دول العالم

    • زائر 3 | 9:51 ص

      أعجبني المقال

    • زائر 2 | 3:58 ص

      على رغم تقهقره في سرت، يظلّ خطر «داعش» ليبيا قائماً على الأمن الليبي والمغاربي وحتى الأوروبي، وهو ما يقتضي إجراءات وقائيّة ضرورية؛ من ذلك إنشاء مراكز إيواء مختصة لمن يستسلم منهم أو يلقى عليه القبض لمنع «التفريخ» داخل السجون.

    • زائر 1 | 3:43 ص

      «داعش» ليبيا... إلى أين؟
      إلى جهنم وبئس المصير

اقرأ ايضاً