العدد 5130 - الخميس 22 سبتمبر 2016م الموافق 20 ذي الحجة 1437هـ

الفرق بين «عقلية الندرة» و«عقلية الوفرة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في كتابه «العادات السبع للناس الأكثر فعالية»، يطرح ستيفن كوفي فكرة أساسية يعتبرها محورية في نجاح أي فرد يسعى إلى قيادة العمل بالتعاون مع الآخرين، وهي «عقلية الوفرة» Abundance Mindset التي تطرح أنَّ هناك الخير الوفير الذي يشمل الجميع، أو أنَّ الفطيرة كبيرة وتكفي الجميع. هذه الفكرة تأتي عكس «عقلية الندرة» Scarcity Mindset التي تنظر إلى أنَّ زيادة ثروة شخص ما تعتمد على حرمان آخر منها؛ لأنَّ الفطيرة صغيرة، ولا تحتمل مشاركة العديد من الأشخاص فيها.

ويوضح عالم إداري آخر، جون ماكسويل، الفكرة فيقول: تخيَّل أنَّك تسير مع شخص آخر في الشارع، وهو يتنفس وأنت تتنفس، فكلاكما تحتاجان إلى الأوكسجين، لكنَّكما تتصرفان بصورة هادئة؛ لأنكما تعتقدان أنَّ هناك ما يكفي من الأوكسجين لكل منكما... وهذه هي «عقلية الوفرة». ولكن، فلتتصور أنَّك مع هذا الشخص تغوصان تحت الماء، وأنَّ كلاًّ منكما لديه قنينة أوكسجين يتنفس منها، وفجأة يتعطل الأوكسجين عند الشخص بالقرب منك، وهو سيحتاج إلى سحب أوكسجين من قنينتك، لكنك تشعر بأنَّ ما يتوافر لديك لا يكفي لاثنين... وهذه هي «عقلية الندرة».

إنَّ مواقف الأشخاص تجاه الندرة والوفرة تحدِّد طبيعة تصرفهم تجاه العديد من القضايا في حياتهم، وهذه المواقف تؤثِّر بصورة مباشرة على إمكانية النجاح أو الفشل، وعلى طبيعة النجاح والفشل. وبحسب ستيفن كوفي، فإنَّ معظم الناس يفكرون بعقلية الندرة، ويرون أنَّ الحياة فطيرة واحدة وصغيرة، وهناك من سيحصل على قطعة كبيرة من الكعكة، في مقابل آخرين سيحصلون على قطع أصغر أو لا يحصلون على شيء.

وبحسب كوفي وماكسويل وآخرين، فإنَّ المحصلة النهائية لعقلية الندرة هي «صفر من الحياة»، وذلك لأن الأشخاص الذين يتمسكون بعقلية الندرة يجدون صعوبة في تبادل الاعتراف والتعاون مع الآخرين، وتراهم يتصرفون بلؤم أو بطريقة غير لائقة حتى مع الذين يساعدونهم في عملهم. كما أنَّ هؤلاء الأشخاص لديهم صعوبة في القبول بنجاح الآخرين، بل يرون نجاح غيرهم مصدراً لتعاستهم.

إنَّ الأشخاص الذين يسمحون لعقلية الندرة أن تسيطر على تفكيرهم يدفعون ثمناً باهظاً في نهاية المطاف؛ لأنهم ينظرون إلى الموارد من المال والفرص على أنها محدودة، وهؤلاء يصابون أحياناً بجنون العظمة، أو بالخوف المفرط من الآخرين، أو التشكيك في كل شيء حولهم. وفي مثل هذه البيئة، يتجه هؤلاء الأشخاص نحو الاستبداد، والابتعاد عن العمل الجماعي، ويعانون كثيراً لعدم قدرتهم على الإبداع.

من ناحية أخرى، فإنَّ أصحاب عقلية الوفرة يتدفق لديهم شعور عميق بالأمن الشخصي، وينطلقون في علاقاتهم مع الآخرين على أساس الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة (القائمة على مفهوم المكسب المشترك)، وهؤلاء الأشخاص يتقاسمون الموارد المتاحة، ويشتركون في صنع القرار، ويتقاسمون المردودات، وهم منفتحون على جميع الاحتمالات والخيارات والبدائل، ويستخدمون الإبداع في توطيد المنافع لهم ولغيرهم.

أصحاب عقلية الوفرة - بحسب كوفي لديهم ثلاث سمات، الأمانة (الوعي بالذات وتحقيق الإرادة المستقلة يتطلبان أمانة تجعل الشخص يقطع العهود ويتمسك بها)، والنضج (التوازن بين الشجاعة ومراعاة الآخرين)، وامتلاك عقلية الوفرة. فالأشخاص الذين يمتلكون عقلية الوفرة يعتمدون على بيئة تؤثر بشكل إيجابي على الفريق العامل معهم، حيث يمكن لجميع المشاركين الحصول على فرص للازدهار وتوسيع نفوذهم، وزيادة الرضا والسعادة وهم يباشرون أعمالهم بتفاؤل وإيجابية.

إنَّ الأشخاص الذين ينطلقون في حياتهم على أساس عقلية الوفرة لا يتعذبون نفسيّاً عندما ينجح أحدهم؛ لأنَّهم يؤمنون بأنَّ هناك الكثير المتوافر للجميع. هؤلاء يتصرفون كالقادة الذين يملكون تأثيراً كبيراً وإيجابيّاً على أنفسهم وعلى الناس المحيطين بهم في المنزل أو في العمل، أو في المجتمع. كما أنَّ هؤلاء الأشخاص يصبحون مؤهلين لتحقيق النصر الجماعي من خلال الاعتماد بالتبادل interdependence؛ لأنهم يحوِّلون المشكلات إلى فرص تنطلق على أساس بناء علاقات عميقة، بدلاً من النظر إلى الآخرين بصورة سلبية وكأنهم أعباء.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5130 - الخميس 22 سبتمبر 2016م الموافق 20 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 12:39 ص

      كلنا نتعامل بهذه العقليه فمؤسساتنا سواء في القرى او المدن من مساجد ومواتم و جمعيات وصناديق وانديه ومراكز شبابيه وغيرها تمارس هذا المبدء وهو مبداء الانا فقط ومن معي وبالتالي ابعاد اصحاب الكفاءت ممن قادرون على العطاء و هنا نقول متى سيعي هؤلاء الى ان كلما شاركت العقول كلما قربت الى الوصول الى الصحه

    • زائر 11 | 6:29 ص

      عقلية الندرة موجودة في مجتمعنا للأسف

    • زائر 10 | 5:48 ص

      الخير موجود بس الفساد المستشرى قضى على الخير وصارو الناس يحاتون الراتب الضعيف كل شهر من اجل ان يتمكنوا ان يعيشوا المشتكى لله والله اصبر شعب البحرين الطيب الحزين

    • زائر 9 | 5:45 ص

      مثل الي حاصل عدنه الاجنبي راتبه الاف من الدنانير وهو لا يفهم شى والبحرينى الدارس التعبان يا عاطل يا يعمل براتب الملاليم الدنيا صارت معكوسة فى بلدى والله اصبر هاده الشعب الطيب الحزين وهو عايش فى بلده غريب المشتكى لله

    • زائر 8 | 4:21 ص

      مقال جميل

    • زائر 6 | 3:12 ص

      اذا الغرب قاعد على كرسي وحاط الانظمة على فخذ و المعارضات على الفخذ الثاني, بوسة على اليمين و بوسة على اليسار,
      واذا شافك اشوي استويت نظام اومعارضة اخذ بيدك الى الخفرة المعهودة ,
      يقول لك هاذي الحفرة اللي طلع منها عنتر و روبن هود و داراسنج و هوق هوقن تبقي اصير وياهم ,
      ويقول لك وين عقلك جيبة احطه في كيس نايلون لايخترب.
      من الافضل ان تكون منعزل.

    • زائر 3 | 1:08 ص

      ينطبق في العمل

      زميلك في العمل يرفض تزويدك بالمعلومات التي تسهم في تطويرك اعتقادا منه انك سوف تستحوذ على فرصه في مجال العمل

    • زائر 12 زائر 3 | 1:41 م

      بعض الزملاء في العمل يجي يأخذ من عندك المعلومات اللي يبغاها و اللي يحتاجها و يدري انك من النوع الطيب اللي تحب الخير للآخرين و في المقابل يرفض يزودك بأي معلومة لأنه يخاف من نجاحك و تطورك ... اللي لاحظته في حياتي ان اللي عنده مبدأ الوفرة الله يبارك ليه في جميع خطواته و يفتح اليه أبواب الرزق بجميع اشكاله

    • زائر 2 | 11:59 م

      مقال رائع جدا ، بالفعل نحن في حاجة الى ترسيخ عقلية الوفرة ، الثقة بالله والايمان بانه انزل من الرزق والبركات والنعم وانه تكفل بها لكل مخلوقاته أهم أساس لدعم هذه الفكرة التي تساعد في نشر الخير والسلام بين الناس والابتعاد عن التحاسد والتقاتل والرغبة في ايذاء الاخرين.

    • زائر 1 | 11:58 م

      بختصار للموضوع : هو أن عقليه الندره هو بالمعنى الانانيه , وعقليه الوفره هو حب لاخيك ما تحب لنفسك .
      لذلك هناك شعوب تعيش عقليه الندره وترضى بها , استخف قومه فأطاعوه . يعنى انتون ما تفهمون انتم لا تملكون انتم ليس لكم عقل ولا تفكير مستقل أنا ثم أنا وفي النهايه أنا .
      ..

    • زائر 7 زائر 1 | 3:25 ص

      مقال موفق دكتور....
      كم نحن بحاجة الى تطبيق سياسة عقلية الوفرة ...

اقرأ ايضاً