العدد 5147 - الأحد 09 أكتوبر 2016م الموافق 08 محرم 1438هـ

برنامج مبتكر للإقلاع عن إزالة الغابات في مقابل التأمين الصحي للحطابين

سوكادانا (اندونيسيا) - أ ف ب 

تحديث: 12 مايو 2017

اعتاد حطابون في قرية مانجاو المعزولة في جزيرة بورنيو قطع اشجار معمرة في الغابة الاستوائية من دون تراخيص لبيعها لتجار... لكن عدداً من هؤلاء اقلعوا أخيراً عن هذه الممارسات غير القانونية في مقابل الحصول على تأمين صحي.
ويعود الفضل في هذا الاقتراح غير الاعتيادي إلى منظمة "الام سيهات ليستاري" المتخصصة في المشكلات الصحية والبيئية.
رسالة هذه المنظمة للحطابين بسيطة وتقوم على دعوتهم إلى الأقلاع عن قطع الأشجار في مقابل الحصول على تدريب مجاني للبدء بمسيرة مهنية جديدة في مجال حراسة الغابات أو الزراعة، فضلا عن الاستفادة من تخفيضات كبيرة على خدمات الرعاية الطبية في المستشفى المحلي.
وفي غرب الجزء الاندونيسي في جزيرة بورنيو، في المكان الذي دشن فيه هذا المشروع، شكل قطع الأشجار طويلاً مصدر رزق لفقراء كثر إذ كان يوفر لهم حاجاتهم خصوصاً لناحية تغطية نفقات الطوارئ الصحية كما الحال مع جوليانسياه الأب لطفلين في مانجاو.
وكان قطع شجرة واحدة من نوع سنديان بورنيو النادر المعروف بنموه البطيء والمرغوب به بسبب صلابة خشبه، يدر مئات الدولارات على الحطابين، وهو مبلغ كبير بالنسبة لهؤلاء القرويين في بلد يعيش نحو 40 في المئة من سكانه بأقل من دولارين يومياً.
لكن في نهاية المطاف، لم يجد جوليانساه راحته في هذه الانشطة غير القانونية اذ انها مهمة خطرة ومضنية تستلزم قضاء ايام كاملة في الغابة للحصول على اموال يتم انفاقها على الرعاية الطبية وبعض الحاجات الأخرى، على ما يؤكد لوكالة "فرانس برس".
ويقول هذا الرجل الثلاثيني المقيم على تخوم متنزه غونونغ بالونغ الوطني "تحصلون في يوم على مردود جيد أما في اليوم التالي فلا شيء. لا يمكن الادخار البتة".

قرى خضراء

وتحظر السلطات المحلية قطع الأشجار في هذا المتنزه الذي يمثل موطناً أساسياً بالنسبة لقردة اورانغ اوتان المهددة بالانقراض إضافة إلى الدببة الماليزية وطيور الغابة الاستوائية في جنوب جزيرة بورنيو الغنية بالتنوع الحيوي والتي تتشاركها اندونيسيا وماليزيا وبروناي.
ومن أصل أربع وعشرين قرية محيطة بمتنزه غونونغ، وافقت 23 على التخلي عن انشطة قطع الاشجار في مقابل الحصول على عناية طبية باسعار زهيدة، وفق كيناري ويب احدى مؤسسي المنظمة غير الحكومية القائمة على المشروع.
ومنذ سنة 2007 التي بدأت فيها المنظمة التعاون مع هذه القرى، تراجع عدد الأسر التي يشكل قطع الاشجار مصدر رزقها من 1400 الى 180.
وتراجعت وتيرة قطع الاشجار المنهجي الذي شهدت عليه ويب لدى وصولها إلى غرب جزيرة بورنيو قبل 22 عاما بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وتقول ويب "لم يكن يمر يوم واحد من دون سماع هدير المناشير في هذه الغابة"، اما اليوم "فمن الممكن أحيانا سماع اصوات مناشير لكن الوضع لا يقارن بما كان عليه في السابق".
وتحول المستشفى المحلي الذي يشاهد فيه المرضى في قاعات الانتظار تسجيلات مصورة عن الحفاظ على الغابة، إلى مركز رئيسي للعناية الطبية بالنسبة لستين الفا من السكان المقيمين في محيط متنزه غونونغ بالونغ.
وتلقى نحو سبعة آلاف وثلاثمئة قروي علاجاً طبياً في المستشفى سنة 2015. غير ان العدد سيكون اكبر هذا العام بلا شك في المستشفى الحديث الذي سيفتح ابوابه في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وتحصل "القرى الخضراء"، اي تلك التي يتوقف ابناؤها بالكامل عن عمليات القطع غير القانونية للغابات، على تخفيضات بنسبة 70 في المئة على كلفة العلاج الطبي. وتتلقى القرى "الصفراء" او "الحمراء"، وهي تلك التي حققت شوطاً متقدماً في هذا المجال، تخفيضات تراوح بين 30 في المئة و50 في المئة تبعاً لمستوى التقدم المنجز.
أما الاشخاص الذين لا يمكنهم الدفع في مقابل الحصول على الرعاية الطبية حتى بأسعار مخفضة، فبامكانهم تسديد الفارق في الكلفة من خلال جمع بذور الاشجار لاعادة زرع الغابات، بحسب فريدة التي تدير مشتلا للاشجار الصغيرة في ضاحية سوكادانا.

تحد حقيقي

وقد جذب البرنامج اهتمام منظمات معنية بالحفاظ على الطبيعة. وفي ابريل/نيسان 2016، فاز هوتلين اومبوسونغو وهو طبيب وأحد مؤسسي منظمة "الام سيهات ليستاري" بجائزة قدرها خمسون الف جنيه استرليني (65 الف دولار) قدمتها منظمة "ويتلي فاند فور نيتشر" غير الحكومية ستستخدم في تمويل المشروع في اندونيسيا.
كذلك من المتوقع افتتاح موقع آخر للرعاية الطبية تابع لمنظمة "الام سيهات ليستاري" في يناير/كانون الثاني 2016 في منطقة اخرى في البلاد. ويتم العمل على مشاريع في جزر سولاوسي وسومطرة إضافة إلى شرق بابوازيا التي تعتمد بدرجة كبيرة على الأنشطة غير القانونية بينها جمع المعادن الخام والصيد بالديناميت.
غير ان برنامج المنظمة غير الحكومية تلقى انتكاسات اذ تم تسجيل عمليات قطع غير قانونية في يونيو/حزيران 2016 في بلدة جوليانسياه وفق ما اظهرت صور بالاقمار الاصطناعية عاينها حراس غابات.
وبنتيجة ذلك، سيتم خفض تصنيف البلدة الى "منطقة صفراء" غير انها لا تزال قادرة على استعادة تصنيفها السابق وفق فرنسيسكوس كسافييريوس المشرف على مشاريع اعادة تحريج في محيط غونونغ بالونغ.
ويقول كسافييريوس "الحفاظ على بورنيو تحد حقيقي".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً