العدد 5144 - الخميس 06 أكتوبر 2016م الموافق 05 محرم 1438هـ

جنون الارتياب

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

جنون الارتياب من المصطلحات المتداولة في بعض الأدبيات القديمة والتي تتناول مرض الشك، فهذا المرض الخطير الذي قد يفتك بصاحبه وللأسف دون أن يعي صاحبه بخطورة ما يعانيه، ولكنه في الوقت ذاته يعاني كثيراً من أعراضه. فهو في حالةٍ دائمةٍ من الصراع النفسي والقلق والتوتر وعدم الراحة، بل كثيراً ما يخسر علاقاته الاجتماعية وتزداد لديه الخلافات الأسرية التي غالباً ما تصل للتفكك الأسري أو الطلاق.

لذلك فإن هذا النوع من الأمراض النفسية المعقدة لابد أن يتم مواجهته وعلاجه بشكل سريع، فإن تركه دون علاج أو تدخل مهني عاجل قد يودي بحياة المريض، فالعديد منهم يلجأون إلى الانتحار للتخلّص من العبء النفسي الذي يكبّل عقولهم وأجسادهم، ويعيشهم في عزلة مجتمعية مليئة بمشاعر الحسرة والحزن.

وإذا ما انتقلنا لمعاناة الأسوياء مع الشك، فنعتبرها -مهنياً- حالةً قد تصيب البعض بسبب سوء الظن الملازم لهم تجاه الآخرين، ولكن لفترة معينة وفي ظروف خاصة، مثل عدم التوفيق في العمل يجعل الشخص يشعر بأن الآخرين يتآمرون عليه بهدف إعاقته عن الوصول لمنصبٍ ما، أو خجل البعض (خصوصاً المراهقين)، من أوزانهم أو قصر قامتهم أو سواها من الأمور التي تضعف من ثقتهم بأنفسهم، فتجعل هذا الفرد شديد الحساسية وفي حالة من الصراع النفسي والشك في كلمات أو ضحك الآخرين، واعتقاده دائماً بأنه مثار سخريتهم.

كما تدخل حالة الشك في العلاقات الزوجية، ولعلها الأكثر انتشاراً بين الأزواج خصوصاً الجدد منهم، فالغيرة الزائدة عن الحد من أمور تافهة لا يمكن الاكتفاء بتسميتها غيرةً، أي تجد بعض الزوجات تتوتر كلما أمسك الزوج هاتفه، وآخر يغضب إذا لم ترد زوجته على اتصاله، خصوصاً إذا كان زملاؤها رجالاً، وغيرها الكثير من الأفكار السوداوية التي يلطّفها الأزواج بمصطلح الغيرة.

ولكن للتقليل من الشك وعدم تركه ليصل إلى حدّه المرضي، لابد من الحوار، بل وقد يحمي الطرف الآخر من بعض الانحرافات السلوكية، فالزوجة إذا صارحت زوجها ببعض السلوكيات التي تعتقد بأنه يتعاطى المخدرات، فهذا شك محمود سيؤدي لراحتها نفسياً من الشك، وقد يعالج الطرف الآخر من ذلك السلوك بعد تنبيهه أو علاجه في حال وقوعه في شرك المخدرات.

الشك في معظم أشكاله مذموم، ولكن إذا لم نواجه أفكارنا وظنوننا السلبية، فسوف نغوص في ظلمات الشك مما يصعب انتشالنا منها، أو قد يكون من الصعب عودة المريض بالشك إلى سابق عهده إذا تفاقمت حالته.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 5144 - الخميس 06 أكتوبر 2016م الموافق 05 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:29 ص

      مقال مفيد جداً دكتورة ، أتمنى من لديه هذه الحالة أن يلتفت لنفسه ، ويرى مدى ضررها على نفسه والآخرين .

    • زائر 3 زائر 1 | 11:36 ص

      وانت كذلك انتبه لروحك
      شكرا

اقرأ ايضاً