العدد 5145 - الجمعة 07 أكتوبر 2016م الموافق 06 محرم 1438هـ

حمّى «فاشينيستا»... تقتحم أسوار المدارس الكويتية

صرعة «العصر الرقمي» بين الشباب صارت هوساً لدى طالبي الشهرة... والفلوس

الفاشينيستا رزان
الفاشينيستا رزان

صرعات العالم الرقمي لم تقتصر على الفضاء الإلكتروني، ولم تتوقف على مواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف مسمياتها، بل أصبحت واقعاً نتلمسه على الأرض في كل مكان حولنا.

فما يمكن أن نطلق عليه اسم «الهوس» والتعلق بمواقع التواصل التي أسرت العقول والقلوب، ولاسيما بين الشباب، تحوّل إلى سلوك اجتماعي انطلق من شاشات الهواتف الذكية، إلى المجتمع، بل إن آخر تلك الصرعات اقتحمت عالما كان يفترض أن يظل بعيدا عن أي تأثيرات من هذا النوع، في إطار سور من الحماية الاجتماعية والتربوية، ولكن الواقع غير ذلك!

أما الصرعة التي نقصدها فهي ما تعرف باسم «فاشينيستا» وهو لقب يطلق على شخص ــ وغالبا ما يكون من الجنس الناعم ــ يتقمص في لباسه صرعات الموضة الأشهر، أو من يتبع اتجاهات الصيحات للأزياء، ليتحول إلى ما يمكن أن نسميه «موديل» تتهافت عليه بيوت الأزياء ليسوق لها منتجاتها، فيما تكتسح شهرته مواقع التواصل بمختلف مسمياتها كذلك.

 

 

A photo posted by Mariam R Mohammad (@mrmr__4) on

 

وأما المكان الذي اقتحمه، وكان يفترض أن يكون منيعا عليه، فهو المدارس الكويتية، لتتحول بعض من تقمصن دور الـ«فاشينيستا» إلى عارضات أزياء أومسوقات لمواقعهن على صفحات التواصل في المدارس، في صورة تؤكد أن البيئة المدرسية بيئة خصبة لكل ما يمكن أن يرد إليها من خارج الأسوار، وكأن الحصانة التربوية للطلبة ضعفية أمام أي «فيروس» زائر!

الظاهرة التي فرضت نفسها بحسب تقرير صحيفة "الراي" الكويتية اليوم السبت (8 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، شئنا أم أبينا، وأصبح لها مشاهيرها وشخصياتها، ولاسيما من البنات، أحدثت انشقاقا اجتماعيا في النظرة إليها، بين مؤيد يعتبرها مهنة ونمط حياة جديدا، ومعارض أطلق عليها صفة الـ«هبّة» الدخيلة على المجتمع الكويتي ومصيرها إلى الزوال، فيما لا يزال نجمها يلمع في سماء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث فتحت بابا جديدا للشهرة والمال، ولاسيما على مواقع انستغرام وسناب شات، التي حولت هواة الموضة والأزياء والسفر والطبخ من أشخاص عاديين، إلى مشاهير يستقطبون مئات الآلاف من المتابعين الذين ينتظرون أخبارهم بشكل يومي.

ونجح نجوم الفاشينيستا في الكويت بجمع مئات الألوف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ومنهم من تخطى حاجز المليون متابع، ولعل الظاهرة الأكثر بروزا في الفترة الأخيرة أن غالبية مشاهير الظاهرة هم فتيات وشبان مازالوا طلاب علم في المدارس والجامعات، ومنهم من هجر الدراسة لتحقيق حلم «فاشينيستا» ومنهم من جمع الاثنين معا.

واستطاع نجوم الظاهرة لفت الأنظار بأناقتهم، وتسليط الضوء على جديد الموضة والأزياء وكل ما هو جديد في شتى المجالات التي تهم فئة الشباب، ومنهم من أصبح يشارك في تفاصيل حياته الخاصة على حساباته، أفراد العائلة أو الأطفال وحتى مع الأصدقاء. ومازال عددهم بارتفاع في الكويت، حيث يظهر بين يوم وآخر اسم جديد، ومنهم من تخطت شهرته حدود الكويت، حيث وصلت إلى الخليج ودول عربية وأجنبية.

ولأن المجتمع العربي، والخليجي خصوصاً، مازال يتسم بالمحافظة ويتمسك بالعادات والتقاليد، يرى غالبية من استطلعت الصحيفة آراءهم أن هذه ظاهرة دخيلة على مجتمعه وتتعارض مع القيم والمبادئ التي نشأوا عليها، والبعض الآخر يرحب بها ويرى أن العديد منهم يقدم أدواراً ثمينة ويساعد في تنشيط السياحة والدفع بعجلة الاقتصاد. وفي حين يرى أصحاب المشاريع والمنتجات والشركات في عمل «الفاشينيستا» فائدة له من حيث الإعلانات، تشتكي بعض الشركات من منافسة «الفاشينيستا» لها.

وفي هذا الصدد يقول فوزي الخواري إن الإعلام الجديد الذي أصبح أمرا واقعاً، وأصبح منافساً للإعلام التقليدي بمواقع التواصل الاجتماعي، وبات هناك نوع من الإدمان عليه من المستخدمين، واستطاع البعض منهم أن يحصّل أكبر عدد من المتابعين، وبالتالي تأثيرهم في متابعيهم بطريقة أو بأخرى أمر واقع، وكما هدف الإعلام التقليدي التأثير على الرأي العام والمجتمع، أيضاً الإعلام الجديد يمتلك المهمة نفسها، مع فارق سهولة انتشاره وأنه لا يحتاج لتراخيص مثل الجرائد وقنوات التلفاز والإذاعة، و طبعاً للإعلام الجديد إيجابياته وسلبياته.

وأضاف «أصبح الشخص الذي يمتلك عددا لا يستهان به من المتابعين، يطرح أفكاراً ومواضيع غير متخصص بها بسبب سهولة الأداة والانتشار وهذه مكمن الخطورة، وغدا مثالا أو رمزا، يطمح متابعوه لأن يصبحوا مثله، ويقولون لأنفسهم لِمَ الدراسة والتخصص والعمل بمرتب زهيد لا يساوي ربع مرتبه؟، وهذا الأمر سيؤثر مستقبلاً على التحصيل العلمي ونوعية الأعمال والمهن التي ستظهر.

بدوره يقول أستاذ علم النفس في جامعة الكويت، خضر البارون للصحيفة إنه ما من فتاة أو امرأة أو حتى شاب، يدخلون هذا المجال إلا ويبغي الشهرة وجذب الأنظار والحصول على المركز الاجتماعي المرموق، وربما أيضا يكونون بحاجة للمال، وغالبيتهم يستبدلون كل شيء مقابل الشهرة حتى الدراسة والزواج، ويصبح هذا العمل وشهرته ومكانته هو الهدف الذي يسمون إليه، وبعض من يتجهون لهذا المجال حقيقة يكون لديهم شعور بالنقص ويريد التعويض، ومنهم من يتم استغلاله عن طريق أماكن الدعاية وما شابه ذلك، لذلك هذا العمل ليس مضموناً بتاتاً، فالكثير منهم بدأ ولم يكمل السنة والثانية ثم لم يجد أحداً ليعلن عنده أو حتى ليتابعه، خاصة وأنهم أصبحوا كثرا.

قصص الفاشينيستات

وفي السياق ذاته، تذكر رزان «فاشنستا»، والتي لا تتجاوز الـ16 عاما وما زالت طالبة في الصف الحادي عشر، قصتها مع بداية مشوارها في هذا العمل، تقول «احدى صديقاتي في المدرسة أخبرتني أن ملامح وجهي وشعري يؤهلاني لأن أصبح (موديل) مشهورة، وكلمت احدى خبيرات التجميل وأخبرتها عني، فأعطتني موعدا لأكون عارضتها في جلسة مكياجها القادمة لكن بدون مقابل مادي، أي مقابل الشهرة، ومرة بعد مرة أصبحت أذهب لخبيرات أخريات وأتقاضى أجراً مالياً بما يقارب الـ50 دينارا للجلسة، وكلما ازداد عدد متابعيّ على الانستغرام، زاد المبلغ، وانهالت علي عروض المطاعم والصالونات التجميلية وتجار المكياج بالنقود والمنتجات المجانية من أجل إعلان في انستغرامي».

من جانبها تقول (الموديل توتا) وهو الاسم الذي يعرفه بها الجميع، «أنا طالبة أطمح لأن أكمل دراستي الجامعية وأستمر في عملي في آن واحد، بدأت حين سألتني صديقتي إذا كنت أود أن أذهب لخبيرة مكياج تبحث عن عارضة، وطلبتني عندما رأت صورتي، وكانت بدايتي مع خبيرة معروفة، لذلك ما أن حملت صورتي بعد جلسة المكياج الأولى على مواقع التواصل بدأت العروض تأتيني بكثرة، ولن أرفض فرصة جيدة تأتيني كي أصبح فاشينيستا، فأنا لدي ستايلي الخاص وأقوم بعرضه، أقوم بعمل إعلانات للعديد من المواقع والإعلانات، والمردود المالي لما أفعله يساوي التعب المبذول و ليس أقل».

أما (بسنت) الطالبة في الصف الثاني عشر، فتقول «بدأت في هذا المجال لوحدي بدون مساعدة، على الرغم من أن معارفي في هذا المجال كثر، إلا أن عملا كهذا يحتاج شطارة وشجاعة وشخصية اجتماعية أكثر من شخص يساعدك فقط، وأنا دخلت هذا المجال منذ عامين تقريباً».

رفض اجتماعي

إسراء القضاة، متابعة للمواقع وصحافية وطالبة ماستر، تقول إنها تعتبر هوس الشهرة مرضا، يدفع بأي كان ومهما كان مستواه الفكري والثقافي ليشهر نفسه عن طريق الانستغرام وأكثر عن طريق سناب شات، وأن بعض المشاهير الآن على مواقع التواصل الاجتماعي برزوا منذ البداية عن طريق تصوير فيديوهات تحدثوا فيها عن ارائهم في الموضة والفن والسياسة وحتى الاقتصاد، وتجمهر المتابعين من حولهم، إلى أن أصبح لهم قاعدة جماهيرية خاصة بهم، وعقب ما نالوا اهتمام الناس أصبحوا الأن محط أنظار المجلات الإعلانية والدعائية، وكل المواقع التي تريد الترويج لمنتجاتها من عطور ومكياج وأجهزة وأدوية تنحيف، والقائمة تطول.

وذكرت ملاك زيدان رأيها في هذا الإطار، كونها احدى المتابعات على مواقع التواصل الاجتماعي، فقالت «أنا مع وضد هذا الأمر في الوقت ذاته، معه عندما يتعلق الأمر بالفائدة التي اجنيها من متابعتي لإحدى الفاشينيستات على صعيد الموضة وأهم وآخر المنتجات، ومراكز العلاج، ووجهات السفر وما إلى ذلك من أمور تهمني وعائلتي، وضد لأن هذه الظاهرة أعطت قيمة للسفهاء من الناس وأعطتهم مكانة لا يستحقونها، حيث أصبحوا محط اهتمام ومتابعة من الألوف، أشخاص سطحيين أغلى ما فيهم ثيابهم ومظهرهم الخارجي فقط».

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً