العدد 5146 - السبت 08 أكتوبر 2016م الموافق 07 محرم 1438هـ

ليالي المنامة... والتسامح البحريني في عاشوراء

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تحمل مناسبة عاشوراء الكثير من المعاني والمفاهيم الإنسانية التي تجمع مختلف الأديان إليها، فليس مستغرباً أن تكون قضية الإمام الحسين (ع) حاضرة في خطبة عالم دين من أهلنا السنة في البحرين، يوم أمس الأول الجمعة (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، الشيخ عدنان القطان، إمام وخطيب مركز أحمد الفاتح الإسلامي الذي قال: «حب العترة الطاهرة من آل بيت النبوة، والوقوف على ذكرى الحسين وآل البيت رضوان الله تعالى عليهم، يكون في التأسي والاقتداء بهم في مقاومة الظلم والباطل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الإصلاح، والثبات على الحق»، مضيفاً «نحن اليوم كأمة إسلامية واحدة، على اختلاف مذاهبنا وطوائفنا، نواجه أعداءً كثيرين للإسلام والمسلمين (...) والواجب يقتضي أن نجعل من عاشوراء، مناسبة لوحدة الأمة والوطن وإبعادها عن التوظيف السياسي، وتأكيد التلاحم بين أبناء الأمة والوطن الواحد، والابتعاد عن إثارة الفتن والمحن، ونجعلها محطة للتخطيط والعمل لمستقبل أكثر اتحاداً وثآلفاً وتعاوناً وتكاتفاً وإصلاحاً، من أجل عزة وكرامة ورفعة هذه الأمة، وأوطان المسلمين».

كلام الشيخ القطان عكَسَ تاريخ التسامح بين الأديان والطوائف المختلفة عند أهل البحرين منذ زمن طويل، وهو ليس وليد اليوم؛ ولكن ما جاء في خطبته يؤكد أهمية الابتعاد عن اتهامات هذا الطرف أو ذاك التي قد لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وإلى جعل عاشوراء بعيدة عن التوظيف السياسي.

الأمر نفسه جاء مع راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في البحرين القس هاني عزيز الذي قال أمس الأول (الجمعة) في مأتم الباقر في بوري: «الحسين، عاش من أجل الرسالة والهدف، ومات من أجل وحدة الأمة»، مضيفاً «كانت حياته مؤثرة ورضي أن يموت من أجل الهدف».

مشاركة الجميع في عاشوراء البحرين، هو أمر طبيعي، على رغم محاولات بث خطابات الكراهية والفتنة مع مختلف تلاوين المجتمع، من خلال مشاركة عالم دين من أهل السنة في الحديث عن أهل البيت في خطبة يوم الجمعة، أو مشاركة قس كنيسة مسيحية في الحديث عن الحسين في حسينية.

مثل هذه الأمور تحمل الكثير من المعاني السامية، والتواصل والتعارف بين فئات وأطياف المجتمع، التعريف بما تحمله كل فئة معينة من أفكار وثقافة وتراث ليكون سبيلاً لفهم أفضل وتعايش أجمل وليس من خلال إقصائه كلياً تحت أي مسمى أو عذر.

لذا ليس مستغرباً أن تتحول قضية الحسين (ع) إلى مصدر إلهام في الوجدان الإنساني بشكل عام، ومدرسة في النضال من أجل الحرية ومواجهة الاستعباد. فقد كتب عنها الكثير من المؤرخين سواء من المسلمين أو غيرهم وتناولوا مختلف أبعادها وآثارها.

للأسف، إن إحياء مراسم عاشوراء في مرحلة تتصاعد فيها موجة الإرهاب ولغة التكفير، أصبحت مجموعة من العوامل التي أدت إلى التباعد بين أطياف الأمة الإسلامية، وانحصرت قضية الحسين بين أتباع المذهب الشيعي، ولم تتجاوزهم مع كونها قضية إسلامية وإنسانية.

والسبب في ذلك أن الاختلاف المذهبي ساهم في تصنيف رموز كل مذهب وحصرهم لدى أتباعهم، ونفي رموز أتباع المذاهب الأخرى، أو التقليل من مكانتهم ودورهم. أضف إلى ذلك الانغلاق على الذات، الناتج عن أسباب ذاتية وخارجية ساهمت أيضاً في التقليل من فرص التفاعل المتبادل فكرياً واجتماعياً.

وعلى رغم ذلك تبقى ليالي المنامة في عاشوراء مشهداً حياً ونابضاً لتعددية الثقافية؛ بل وفرصة لكل زائر ولكل مقيم للتعرف عليها. فتعج المعارض الثقافية والأفلام السينمائية القصيرة والفن الفوتوغرافي والتشكيلي، إضافةً إلى توزيع المأكولات التقليدية والعصائر الباردة، والشاي والقهوة العربية التي تعد بشكل يومي وبالمجان إلى جميع البحرينيين والمقيمين من العرب والأجانب، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وجنسياتهم. وهي عادةٌ تعكس روح التسامح والانفتاح التي تميّزت بها المنامة على مدى زمن طويل، وهي تشارك الآخرين مناسباتهم في مختلف أنواعها، كعيد ميلاد السيد المسيح (ع) وعيد الدوالي الهندي وغيرها.

هذه هي روح المنامة المتسامحة، التي تُضاء لياليها بشتى الأشكال، ولا يمكن لأي زائر أن يغفل تلك الحيوية التي تعيشها المنامة، طوال موسم عاشوراء، الأمر الذي لا تراه أو تشهده في أي بلد خليجي آخر.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 5146 - السبت 08 أكتوبر 2016م الموافق 07 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 3:08 م

      شكرا خاص إلى جريدة الوسط على هذا الموضوع وخاص إلى استادة
      ريم أنتم بهذه المقالات تغيضون الدواعش والطائفيين الذين لا يريدون لم الشمل وعودة الحياة البحرينية الى سابق عهدها أيام آباءنا وأجدادنا .

    • زائر 10 | 3:22 ص

      أخت ريم أنتم بهذه المقالات تغيضون الدواعش والطائفيين الذين لا يريدون لم الشمل وعودة الحياة البحرينية الى سابق عهدها أيام آباءنا وأجدادنا .

    • زائر 12 زائر 10 | 4:15 ص

      ليس غريبا عليها وهي ابنة اشراف المنامة.الله يحفظها من كل مكروه يا بنت الوطنيين الاشراف

    • زائر 9 | 2:57 ص

      ليس غريبا عليك يا ريم أم تكتبي ذلك فأنت سليلة عائلة وطنية شريفة ويكفيك فخرا بوالديك عبدالرحمن وغالية

    • زائر 7 | 2:13 ص

      عدنان القطان او غيره لازم يقول هذا الكلام لان من قالها قبله رسول الله وقالها الرسول في حق الامام علي من كنت مولاه فعلي مولاة الله والي من والاة وعادي من عاداة
      بس النفوس المريضه لا تقبل بهذا القول ومستعد يدخل معاك في جدل وهو يعرف مكانه الحسين ومكانة على بس الحقد الاعمى اعمى قلبه

    • زائر 6 | 2:00 ص

      بمناسبة وفاة الامام الحسين (ع), نطالب بالمصالحة والافراج عن جميع المعتقلين

    • زائر 15 زائر 6 | 5:26 ص

      نعم نريد مصالحة وطنية

    • زائر 17 زائر 15 | 8:09 ص

      الى الزاءر رقم 6 و 15
      الراي رأيكما وهو الصحيح وانا معكما على هذا
      الرأي والوحدة الوطنية هي المخرج الوحيد
      لهذا المأزق الراهن الذي نحن فيه. المصالحة ثم
      المصالحة ثم المصالحة وكلنا في الوطن إخوان
      سني و شيعي ما بيننا عدوان. والسلام

    • زائر 5 | 12:20 ص

      والله لو الغربان تصمت عن النعيق كان احنى بخير يا اخي انا اضرب صدري ليش انت تتأذى غريبه.

    • زائر 4 | 12:18 ص

      لا تتحدثوا عن التسامح والتعايش والتآلف لأن ذلك يغيض البعض ويشعر بسقوط مشروعهم ويجعلهم يسلطون مزيد من الجهد لتفتيت الناس ولحمتهم ووحدتهم .
      أقول هذا الكلام للحذر من الكلام عن مثل هذه الأمور التي كانت تعيشها البحرين ولا زالت بقايا من ذلك بين الناس رغم الجهود المبذولة في خلق الفتنة الطائفية، فهناك كتاب مستميتون في اختلاق الفتن واشعال نارها كإبليس الذي اكثر من يزعجه ان تكون المحبّة تشيع بين الناس ويفسد عليه امره حين لا يستطيع زيادة اوار الاحتراب

    • زائر 3 | 11:14 م

      ليالي المنامة وليالي الحسين

      افضل ما يمثل قضية الحسين ف فيها العبرة بكسر العين والعبرة بفتح العين فيها الثقافة والفن والضيافة وكل شي بأسم الحسين عليه السلام ومع الاسف من يصطاد في الماء العكر لا يرى الا تصرفا سلبيا او شعيرة غير محببه وينشرها ويختزل كل القضية فيها

    • زائر 1 | 10:14 م

      الحسين هو ثورة عز للأمة في وجه الطغاة على مر الزمان.

    • زائر 8 زائر 1 | 2:55 ص

      نعم وهو كذلك شكرا أستاذة ريم هذا المقال التسامحي الرائع

    • زائر 19 زائر 8 | 9:53 ص

      يجب أن تجعل - بضم التاء- المنامة عاصمة التسامح والمحبة والسلام ، وأهلا وسهلا بكل أحبابنا من كل المذاهب والديانات في عاصمة الخير ، وحبذا لو تقام لقاءات لابرز الرموزعلى هامش مناسبة عاشوراء تركيزا لمفهوم المحبة والسلام وتبث على قناة البحرين الكريمة .

اقرأ ايضاً