العدد 13 - الأربعاء 18 سبتمبر 2002م الموافق 11 رجب 1423هـ

العراق يوافق على عودة المفتشين وواشنطن تؤكد أنها ليست مسألة تفتيش

خلافات فرنسية - أميركية

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

أجلت الحكومة العراقية مؤقتا هجوما عسكريا تهدد الولايات المتحدة بشنه بدعوى عدم تنفيذها لقرارات الأمم المتحدة عندما أعلنت في رسالة سلمها وزير الخارجية ناجي صبري في وقت متأخر من الاثنين الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان تؤكد قبول العراق عودة مفتشي الأسلحة إلى العراق من دون شروط. بينما أصر البيت الأبيض على موقفه بضرورة الإطاحة بنظام الحكم مؤكدا على عدم كفاية الموافقة العراقية وقال في بيان أصدره الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان إن «على مجلس الأمن أن يقرر كيفية تعزيز تنفيذ قراراته» المتعلقة بالعراق التي زعم «أن النظام العراقي تحداها لأكثر من عقد من الزمن».

وكرر نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز موقف بلاده المشكك في التزام الحكومة الأميركية التي قال انها تسعى من حملتها ضد العراق إلى السيطرة على نفط العراق وإعادة تقسيم المنطقة بهدف حماية أمن الكيان الصهيوني. وقال في خطاب له في افتتاح المؤتمر الشعبي للجنة بغداد للمتابعة والتنسيق الثلثاء الماضي إن موافقة العراق تسقط ذريعة الولايات المتحدة بشن عدوان عسكري. وقال عنان معربا عن ارتياحه للموافقة العراقية «إنني أؤكد لكم أنني تلقيت رسالة من السلطات العراقية تنقل قرارها السماح بعودة المفتشين من دون شروط». مضيفا أن بغداد وافقت أيضا على «بدء محادثات حول الترتيبات العملية لاستئناف أعمال التفتيش على الفور. «مشيرا إلى أن رئيس لجنة التفتيش والتحقق والرصد المعنية ببرامج التسلح العراقي هانز بليكس سيكون وفريقه جاهزين لمتابعة عملهم. ورحب بليكس بالخطوة العراقية مؤكدا بأن لجنته «مستعدة لمحادثات فورية في نيويورك حول ترتيبات عملية لاستئناف التفتيش».

ويذكر أن اللجنة تضم 63 خبيرا في الأسلحة البيولوجية والكيماوية ينتمون إلى 27 بلدا، بينما يوجد نحو 200 جاهزين عند الطلب.

وأكد عنان أن خطاب الرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أثار حماس المجتمع الدولي، إذ دعا كل من تحدث أمام الجمعية العامة تقريبا إلى الموافقة على عودة المفتشين.

وحرص على توجيه تحية خاصة إلى جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية التي اضطلعت بدور أساسي في هذه القضية وعلى شكر أمينها العام عمرو موسى لجهوده الحثيثة التي ساعدت في إقناع العراق على الموافقة على عودة المفتشين. وكان موسى وصبري عقدا اجتماعا مغلقا مع عنان حين تم تسليمه رسالة الحكومة العراقية. وخرج وزير الخارجية العراقي من الاجتماع ليقول للصحافيين بأنهم توصلوا إلى نتائج طيبة وأن عنان «سيزف لكم خبرا سارا».

ونقل عنان الرسالة العراقية إلى رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر مندوب بلغاريا الدائم لدى المنظمة الدولية ستيفان تافروف الذي سيقرر الخطوات التالية بعرضها على أعضاء المجلس. كما تم نقل الرسالة إلى أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر إضافة إلى بليكس. غير أن البيت الأبيض في بيانه قال إن تعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن «سوف يتطلب قرارا جديدا وفعالا سوف يتعامل في الحقيقة مع التهديد الذي يمثله صدام حسين للشعب العراقي، وللمنطقة وللعالم». وأضاف البيان «ان ذلك هو النهج الذي سيسير عليه مجلس الأمن، وان الولايات المتحدة منخرطة في مشاورات مع أعضاء المجلس وشركاء آخرين في نيويورك في هذا الوقت».

وقال بيان البيت الأبيض: «ليس مسألة تفتيش. انه عن تجريد العراق من أسلحته ذات الدمار الشامل وامتثال النظام العراقي إلى كل قرارات مجلس الأمن الأخرى. ان هذه خطوة تكتيكية من العراق على أمل ان يتفادى عملا قويا من مجلس الأمن. ومثل ذلك فهو تكتيك سوف يفشل. «واختتم البيت الأبيض بيانه بالقول: ان الوقت قد حان لمجلس الأمن لأن يتخذ قرارا».

دعا البيت الأبيض الأمم المتحدة والكونغرس الأميركي إلى مواصلة الضغط على العراق. وقال مسئول كبير في البيت الأبيض أن الأمر «أكثر أهمية الآن بالنسبة للكونغرس والأمم المتحدة للعمل». مؤكدا أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول سيواصل المطالبة بقرارات جديدة في مجلس الأمن بشأن العراق. وأضاف إن «في أعقاب رسالة العراق فإن رسالتنا إلى الأمم المتحدة والكونغرس هي ذاتها: ان صدام حسين يستجيب للضغط، وان هذا يعني ان ما يحدث في الأمم المتحدة ينبغي ان يكون مختلفا عن القرارات السابقة».

وقال باول خلال لقائه مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في نيويورك، انه على رغم من التعهد العراقي فأنه سوف يسعى إلى قرار جديد يحدد الخطوات التي يتوجب على العراق القيام بها لتلبية مطالب الأمم المتحدة». وأضاف «سوف نضغط من أجل قرار، وإذا كانوا (العراقيين) جادين فانهم يحتاجون لقرار».

قرار العراق والمواقف الدولية

و تشير مصادر مطلعة إلى أن خلافا حادا وقع بين الولايات المتحدة وفرنسا يوم الاثنين الماضي على الطريقة التي تتم بها معالجة الموضوع العراقي، إذ تطالب فرنسا بخطة من مرحلتين من شأنها ان تؤجل أي تهديد بعمل عسكري ضد العراق لعدة أسابيع على الأقل. وتدعو فرنسا في المرحلة الأولى ان يطلب مجلس الأمن من العراق ضرورة القبول بعمليات تفتيش من دون إعاقة، على ان تستتبع ذلك في المرحلة الثانية خطوة تدعم استخدام القوة، وتعتمد على مدى الاستجابة العراقية.

بينما تريد الحكومة الأميركية أن يتسع القرار ليشمل استخدام القوة في حال عدم امتثال العراق لتنفيذ كل قرارات المجلس ذات الصلة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيليبان السبت الماضي: إن الأمور يجب ان تتحرك بسرعة بعد الموافقة العراقية موضحا ان العراق «رد على طلب المجتمع الدولي الحازم جدا والواضح جدا، وعلينا الآن العمل باتجاه الزام (الرئيس) صدام حسين بمضمون الرسالة». وأعرب دو فيليبان عن أمله في ان يتمكن مفتشو الأسلحة من بدء عملهم في أقرب وقت من دون عراقيل ورفع تقريرهم إلى كوفي عنان.

وقال دوفيليبان ردا على المطلب الأميركي الذي عرضه وزير الخارجية كولن باول «أيمكننا الحصول على أرنبين بريين في آن واحد» في إشارة إلى الاقتراح الأميركي الذي يتضمن عنصرين هما موضع النزاع. وأضاف «يجب ان نتطلع إلى واحد وان نحصل على واحد. فإذا سعينا إلى اثنين، فإننا لن نحصل على أي منهما». وجادل دو فيليبان بضرورة ان يركز القرار بشدة على وقف انتهاكات العراق لإجراءات مجلس الأمن لمنع نشر الأسلحة غير التقليدية، وليس الدخول في اقتراحات الإطاحة بالرئيس صدام حسين. وفي معرض إشارته إلى الحرب التي شنتها الولايات المتحدة للإطاحة بحكومة «طالبان» في أفغانستان قال دوفيليبان محذرا بأن العراق «ليس سهلا مثل الأهداف الأخرى» لعملية عسكرية وقال: «إن الهجوم على الرئيس العراقي قد يؤجج الرأي العام العربي إذا لم يحصل على دعم مجلس الأمن بالكامل».

وأضاف «إن فرنسا قد تقنع مجلس الأمن بالموافقة على تبني القرار الأول الذي تقترحه».

ورحبت روسيا بالموافقة العراقية. وقال وزير الخارجية الروسي أيغور إيفانوف: إن احتمال عمل عسكري ضد العراق قد تم تفاديه. وقالت نيوزيلندا انها مستعدة لإرسال متخصصين للانضمام إلى فريق مفتشي الأسلحة الدوليين الذين سيذهبون إلى العراق. وقالت رئيسه وزراء نيوزيلندا هيلين كلارك إن حكومتها درست الأربعاء الماضي طلبا بإرسال عشرة متخصصين في شئون الأسلحة للانضمام إلى لجنة بليكس. واعتبرت كلارك أن «عودة المفتشين إلى العراق ستسمح بتحقيق تقدم فيما يتعلق بنقطة ساخنة أخرى في العالم».

وعبرت الصين على لسان وزير خارجيتها تانغ جياكسون عن ارتياحها لقرار العراق الذي وصفه بأنه «يتطابق مع ما أملت به دائما الأسرة الدولية بما فيها الصين التي ستواصل العمل من أجل حل سياسي للمسألة العراقية في إطار الأمم المتحدة».

ورحبت اليابان بحذر بالموافقة العراقية حين قال الناطق باسم الحكومة اليابانية ياسوو فوكودا إن الرسالة العراقية «أمر جيد» لكنه أشار إلى انه مازال يتحتم على الأسرة الدولية ان ترى «ما إذا كان العراق سينفذ بصدق ما ورد في رسالته».

ورحبت استراليا بالموافقة واعتبر وزير خارجيتها الكسندر داونر ان الموافقة من دون شروط «تطور واعد» وقال: «لا شك انه كان يساورنا أمل بأن الحشد الضخم في الأشهر القلية الماضية للضغوط الدولية على العراق بما فيها ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها سيرغم العراقيين على الإذعان للمتطلبات الدولية».

ورحبت ألمانيا التي تعارض أي هجوم أميركي على العراق، بالموافقة العراقية، وقال وزير الخارجية الألماني جوشكا فيشر: «إن الوقت قد حان ليفي العراق بالتزاماته»

العدد 13 - الأربعاء 18 سبتمبر 2002م الموافق 11 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً