منحت عائلة هابسبورغ الملكية ومجلس مدينة هولابيرن النمساوية رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة مساء أمس السبت (22 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) وسام الاستحقاق ذا النجمة الذهبية الكبرى من الطبقة الأولى، وذلك تقديراً لجهود سموه في حماية المجتمعات، وتفانيه في دعم وتعزيز الأنشطة الخيرية والإنسانية والسلام، وتقديراً للقيم النبيلة لسموه تجاه رفاهية الآخرين، والتزامه الشخصي وجهوده الدؤوبة في السعي من أجل السلام على المستوى العالمي.

وتسلم الوسام نيابة عن رئيس الوزراء، الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة وسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة، وذلك خلال حفل الاستقبال الكبير الذي أقيم في القاعة الكبرى بقصر الشونبرون التاريخي في العاصمة النمساوية فيينا، بحضور الدوق ساندور فون هابسبورغ وقرينته الأرشيدوقة هيرتا مارغريت وعدد من كبار أفراد عائلة هابسبورغ، وأكثر من 200 شخص من المدعوين، وذلك ضمن أجواء حرص منظمو الحفل على جعلها صورة تعكس الى حد كبير الأجواء التقليدية التي كان قصر شنبرون يشهدها أيام الامبراطورية.

ومن بين ضيوف الشرف الذين حضروا هذه المناسبة سفير الاتحاد الأوروبي في كوسوفو والأمير لوران برونو بدوان ممثلاً عن بلجيكا، وزير الدفاع النمساوي السابق فينير فاس لابند، والعديد من السفراء المعتمدين لدى النمسا، وشخصيات تمثل مختلف شرائح الطبقات الاستوقراطية والمهنية في المجتمع النمساوي، وحشد من رجال الصحافة والاعلام.

وقد أقرت اللجنة التنفيذية الخاصة بالوسام برئاسة الأرشيدوقة هيرتا مارغريت وأعضاء مجلس مدينة هولابيرن منح رئيس الوزراء الوسام تقديراً لإنجازات سموه التي تتم دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الوضع الاجتماعي أو الجنسية أو العرق أو المعتقد الفكري.

ونظرا إلى كون الوسام الممنوح لسموه من أعلى طبقة، فانه يحمل شعار عراقة الأسرة الملكية النمساوية مع موافقة صريحة من أسرة آل هابسبورغ، وتم التصديق على الشهادة الخاصة بالمنح من قبل رئيس اللجنة التنفيذية وأمينها.

ويمثل منح ميزة وضع النجمة الذهبية على وسام الشرف المرحلة الخاصة والأعلى من بين خمسة مراتب، وقد تم بناءً على مقترح من قبل اللجنة الفخرية.

وكان الحفل بدأ مساء أمس بقصر الشونبرون في العاصمة النمساوية فيينا، حيث شارك الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة وسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة في حفل الاستقبال، وكان في استقبالهما لدى وصولهما إلى موقع الحفل الدوق ساندور فون هابسبورغ والأرشيدوقة هيرتا مارغريت وعدد من أفراد عائلة هابسبورغ.

وقام الدوق ساندور فون هابسبورغ بتقليد الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة وسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة ميداليتين تذكاريتين بهذه المناسبة.

ثم ألقى الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة كلمة نيابة عن رئيس الوزراء، أعرب سموه فيها عن شكره وتحياته إلى الدوق ساندور فون هابسبورغ والأرشيدوقة هيرتا مارغريت وجميع الحضور.

وقال سموه إنه نيابة عن حكومة وشعب مملكة البحرين يعرب عن تقديره للدعوة الكريمة للمشاركة في أجواء هذه الاحتفالات التي تقام تخليداً لذكرى الامبراطور فرانز جوزيف.

ونوه سموه بإقامة هذه الاحتفالية تكريماً لذكرى رجل كانت مسيرته الإنسانية عميقة، مشيراً سموه إلى أن الإمبراطور فرانز جوزيف قام بكثير من الإصلاحات الدستورية التي كان يهدف من ورائها إلى تحقيق التقدم والتنمية بطريقة سلمية في بلاده وللأجيال القادمة.

وأكد سموه أن جمهورية النمسا تتمتع اليوم بما تحقق لها من حياة مستقرة، وبما تشهده من تقدم وتطور قائم على تلك المبادئ التي أرساها الامبراطور فرانز جوزيف.

وقال سموه: «وبالمثل في وطني البحرين، كان لدى أجدادنا من عائلة آل خليفة ذلكم الإيمان بالشراكة في جميع المجالات، فحشدوا الجهود الجماعية المكثفة الرامية إلى تحقيق حياة أفضل للجميع، وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى تمكين شعب البحرين».

وأكد سموه أن حكومة مملكة البحرين ملتزمة بطموحاتها في تحقيق الاستقرار والمساواة على درب التعاون الدولي.

ثم ألقى الدوق ساندور فون هابسبورغ كلمة رحب فيها بجميع الحضور والمشاركين في الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لرحيل الامبراطور فرانز جوزيف، مشيراً إلى أن الأمبراطور الراحل ولد في قصر الشونبرون وتوفي عن عمر ناهز 86 عاماً في القصر ذاته.

وأضاف أن الامبراطور الراحل تولى عرش النمسا والمجر مدة بلغت 68 عاما، وشهد عهده العديد من الإصلاحات الهامة وتم بناء العديد من المباني التاريخية التي تٌظهرها النمسا اليوم بفخر للعالم.

وكان الحفل بدأ بمرور عرض عسكري موسيقي راقٍ ومتميز أمام قصر الشونبرون أقيم على شرف الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة وسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة، حيث تضمن العرض ملامح من التاريخ النمساوي في الحقبة الامبراطورية.

وقد حضر العرض الذي قدمه مجموعة من المحاربين القدامى يرتدون الملابس العسكرية لحقبة الامبراطورية، عدد من أعضاء عائلة هابسبورغ وجموع من الضيوف والمسئولين والمواطنين بجمهورية النمسا.

وحظي العرض العسكري التاريخي الذي يقام للمرة الاولى منذ 100 عام بتغطية إعلامية واسعة من قبل الاعلام الرسمي الالماني إلى جانب الاعلام النمساوي والمجري.

وتواصلا مع الاحتفال، أقيم حفل استقبال على شرف الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة وسمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة بقصر الشونبرون، وكان في استقبالهما لدى وصولهما الدوق ساندور فون هابسبورغ والأرشيدوقة هيرتا مارغريت وعدد من كبار أعضاء عائلة هابسبورغ، وبعد الترحيب بهما والسلام عليهما عُزف السلام الملكي البحريني.

بعدها، ألقى سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة كلمة في الحفل نقل خلالها تحيات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وتمنياته لجمهورية وشعب النمسا المزيد من التقدم والازدهار.

وقال سمو الشيخ خليفة بن علي إن هذه الحفل الإمبراطوري يقام لإحياء ذكرى حياة وإنجازات القادة العظام الذين حكموا الأمة النمساوية العظيمة وأبرزهم الإمبراطور الراحل فرانز جوزيف.

وتوجه سموه بخالص الامتنان إلى صاحبي السمو الملكي الدوق ساندر فون هابسبورغ والأرشيدوقة هيرتا مارغريت لتوجيههما الدعوة الى رئيس الوزراء.

وقال سموه: «نحن نعتبر سلالة عائلة هابسبورغ من أكثر السلالات نبلا واحتراما وذات تاريخ ثري وتراث باهر».

ونوه سموه بالزيارة التي قام بها الدوق ساندور فون هابسبورغ والأرشيدوقة دوقة هيرتا مارغريت إلى مملكة البحرين في (مارس/ آذار الماضي) لتسليم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة جائزة شعلة السلام تقديرا لدور سموه كرجل دولة متميز وقائد مثالي.

وأضاف سموه «اننا نقدر كل التقدير ما بذلوه من جهود لمنح صاحب السمو هذه الجائزة، ونحن نرحب بسموهما والأعضاء البارزين من هذه العائلة في البحرين ليس كمجرد زوار وحسب، بل كأفراد أسرة».

وأكد سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة أن لأسرتي هابسبورغ وآل خليفة على حد سواء تاريخاً غنيّاً حيث ترك أجدادهم إرثا عظيم الأحداث، وأن هذا الاحتفال الذي يقام احتفاءً بإنجازاتهم يحظى بعظيم التقدير، معرباً سموه عن تطلعه الى مزيد من التعاون بين الأسرتين على الصعيدين الثقافي والتاريخي.

ثم ألقى الدوق ساندور فون هابسبورغ كلمة رحب فيها بالحضور، قائلا: «إننا نحتفل هذا العام بالذكرى السنوية المئوية لوفاة الإمبراطور فرانز جوزيف، الملك الأطول عمرا في تاريخ أوروبا، وقد حكم النمسا لمدة 68 عاما، وناهز عمره 86 سنة».

وأضاف: «على مدى قرن من الزمان عقدت في هذه الغرف العظيمة حفلات استقبال رسمية عظيمة وهامة، واليوم وبعد مرور 100 عام، نحتفل هنا معا مرة أخرى، ولدينا هدف عظيم ورسالة مهمة، فالتواصل والتعارف فيما بيننا والاحتفال معا وتكوين الصداقات هي رسالة من أسمى رسائل السلام في هذا العالم وهذا يشمل أيضا ثقافتنا وموسيقانا الشعبية».

وأشاد بالجهود التي يقوم بها رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على صعيد دعم وتعزيز نشر السلام العالمي، وبما يمتلكه سموه من رؤية تسعى إلى تحقيق التواصل والتقارب بين الشعوب.

وقال: «إن كل واحد منا هنا يؤمن بالسلام والحرية والصداقة بين الناس، فنحن أقوياء اذا اتحدنا، ونحن سعداء جدا بأن نستمتع هذا المساء بصحبتكم معنا، في موعد مع التاريخ النمساوي العظيم الذي تبعثه هذه الأمسية حيا من جديد».

وقد تخللت الحفل فقرات فنية موسيقية وغنائية قدمتها فرق الأوبرا النمساوية وعدد من المطربين والموسيقيين المعروفين الذين عزفوا عددا من المقطوعات والسيمفونيات الموسيقية الشهيرة. وقد حظي الحفل بتغطية اعلامية من الاعلام النمساوي.

من جانبه، ألقى وزير الدفاع النمساوي السابق فينير فاس لابند كلمة أعرب فيها عن سعادته بالمشاركة في هذه الاحتفالية، مشيدا بما تمثله من أهمية في تحقيق التواصل والتقارب بين النمسا والأصدقاء من دول العالم.

كما ألقت رئيسة برلمان كوسوفو كلمة أشادت فيها بالجهود التي تقوم بها جمعية تعزيز السلام الدولية في دعم كل ما يخدم الأمن والاستقرار العالمي، مؤكدة أن الجوائز المرموقة التي تمنحها الجمعية لها أهميتها عي الصعيد الدولي.

يذكر أن قصر الشونبرون التاريخي «Schoenbrunn palace» الذي اقيم فيه الاحتفال كان المقر الصيفي السابق لعائلة القيصر النمساوية‏ ويعد من أجمل قصور الباروك في أوروبا ويعكس أسلوب وأناقة النمسا القديمة، ويقع القصر على مساحة تربو على أكثر من 160 هكتارا في مدينة فيينا. وكانت عائلة هابسبورغ تمضي معظم أيام السنة داخل شقق القصر إلى جانب غرف التشريفات الخاصة بكبار الضيوف.

ويندرج القصر ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي نظرا إلى عراقته التاريخية، إذ أمر ليوبولد العام 1687 ببناء هذا القصر لخليفته جوزيف الأول ليحل محل المقر السابق للإمبراطورة إلينورا غوانزاغا، وخلال الفترة من 1743 وما تلاها أعيد بناء القصر وأقيمت الحديقة وتمت توسعته في عهد الامبراطورة ماريا تريزا، إمبراطورة هابسبورغ، كنسخة من قصر فرساي الفرنسي، ليصبح في شكله الحالي.

ويحتوي القصر على 1441 غرفة، وما زال الديكور الداخلي محافظاً على نمط الروكوكو (مساحات بيضاء مع زينة من أوراق الذهب من عيار 14 قيراطاً)، وكل غرفة من غرف القصر بمعدات الأباطرة، وملابسهم، وأوانيهم وموائدهم، ويحيط بالطرق المؤدية إلى البوابة الرئيسية للقصر مسلتان يتوجهما نسور تمثل الشعارات الامبراطورية ويتمتع القصر بوجود عدد من الحدائق الواسعة، وتقع في وسطه قاعة كبيرة لعروض فن الروكو.