العدد 5169 - الإثنين 31 أكتوبر 2016م الموافق 30 محرم 1438هـ

ناصر بن حمد يفتتح «مؤتمر الشراكة لعمل إنساني أفضل»... و«الأمم المتحدة»: التمويل الخليجي في انخفاض شديد... وشح الموارد المعضلة الأكبر

خطة التمويل في سورية واليمن تعاني عجزاً بمقدار النصف

المؤتمر السنوي السابع للشراكة الفعالة وتبادل المعلومات شهد حضوراً كبيراً من مختلف الدول
المؤتمر السنوي السابع للشراكة الفعالة وتبادل المعلومات شهد حضوراً كبيراً من مختلف الدول

افتتح ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشئون الشباب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الخيرية الملكية، سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، أمس الإثنين (31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، (المؤتمر السنوي السابع للشراكة الفعالة وتبادل المعلومات من أجل عمل إنساني أفضل).

بدوره، اختار مدير العلاقات الخارجية والاعلام والناطق الاعلامي الاقليمي بمكتب الامم المتحدة للشئون الانسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إياد نصر، إطلاق تحذيراته، حين أكد أن عمليات الإغاثة الإنسانية في عدد من الدول العربية المأزومة، تواجه شحاً في التمويل، وهو ما يهدد شعوب تلك الدول ومن بينها: سورية، اليمن، فلسطين، والعراق.

ولم يستثن نصر دول مجلس التعاون، في ظل قوله إن «التمويل الخليجي في انخفاض شديد».

ورداً على سؤال لـ»الوسط»، أكد نصر، صلة ذلك بتداعيات الأزمة الاقتصادية وموجة التقشف التي تعصف بالمنطقة، وعقب «يضاف لذلك، العمليات العسكرية في المنطقة حيث أصبحت الأولوية للقتال وليس للعمل الإنساني بالمطلق، وما نتمناه هو وقف الحرب واستبدالها بالبناء».

وأضاف «المعضلة الاكبر هي شح الموارد للعمل الانساني ككل، وذلك بالرغم من أن الممول والمانح يعطي ويقدم، الا أن الحاجة تكبر بشكل أسرع من تلبية الممولين للعمل الانساني، فالفجوة تكبر والتمويل ثابت أو ينمو بشكل بسيط».

وتابع «على سبيل المثال، فإن خطة التمويل الانساني في سورية لم يصل تمويلها الى 60 في المئة مما هو مطلوب، وفي اليمن النسبة عند 50 في المئة»، وتساءل «أمام ذلك، كيف سأصرف اذا كان مطلوب مني صرف 10 دولارات وأنت تعطيني 5 دولارات؟ علما أن العشرة دولارات التي نتحدث عنها في سورية واليمن هي فقط لانقاذ الأرواح وليست لإغاثة شاملة، وعلينا ان ننتبه إلى أن حياة الانسان متوقفة على هذه المساعدات».

وفي المثال اليمني الذي تحدث عنه نصر بتأثر شديد، قال: «في زيارتي لمنطقة (تجيتا) في اليمن، فإن ما رأيته هو شيء مدمر، واذا أخذنا اليمن كمثال، فإن 10 محافظات من المحافظات اليمنية وصلت لمستوى 3 في مستوى المجاعة، و9 محافظات وصلت للمستوى 4 علماً بأن المستوى الخامس هي أقصى المستويات»، وعاد ليتساءل «من أين أحصل على التمويل وكيف سنلبي احتياجات الناس، ونحن لانزال نتلقى مكالمات من الناس في اليمن تتساءل فيها (أنتم قلتم ستوزعون بطانيات لفصل الشتاء؟). علماً بأن ما هو موجود لا يكفي لمحافظة واحدة في اليمن، لكن من أين أحصل على تمويل؟».

رغم ذلك، حاول نصر استعاد تفاؤله وهو يقول: «هذا المؤتمر والجولة التي سيقوم بها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ ستيفن أوبراين، لدول الخليج كافة هي احد المساعي، فنحن نريد شراكات لا تقتصر على التمويل بل أيضا على الجهود، وهو ما يخفف من أعباء التكاليف الادارية»، مشيراً إلى أن المطلوب للعمل الانساني أن يبنى على خطة تمنع الازدواجية وتعزز من حجم الاستفادة.

وبإيجابية تطرق لدور دول الخليج في مجال الإغاثة، فقال: «ننظر لدول الخليج بشكل إيجابي جداً، وذلك لسبين؛ الاول هو وجود الموارد في هذه الدول، والثاني هو وجود الرغبة والشعور الانساني بالعطاء، ومن هذه اللقاءات والمؤتمرات نأمل كل خير».

وفي رده على سؤال بشأن توقعاته لمستقبل المفاوضات ومحاولات التوصل لحلول سياسية تنهي حالة النزاع في المنطقة، قال نصر: «كمؤسسة معنية بالجانب الإنساني، لا أتحدث في الجانب السياسي، لكن صورة الوضع قاتمة جداً، فالسياسة الدولية معقدة وصعبة ولا تراعي حقوق الشعوب»، وأردف «نحتاج لوقفة جدية للعمل على وقف هذا الهراء».

وفي إيضاح لمستوى الدمار في الدول العربية المنكوبة، قال نصر: «لا يكتفي القتل الجماعي بعدم مراعاة حقوق الانسان، بل امتد ليمثل مسحا كاملا لوجود الانسان، وهو التحدي الاكبر الذي نواجهه، إلى جانب عدم مراعاة حملة السلاح لحقوق الانسان والاطفال الشيوخ والمدنيين بشكل عام، وتدمير البنية التحتية والآثار».

وأضاف «الجهات المتناحرة لا تعطي فرصة للعمل الانساني لأن يصل بالمساعدات للمناطق المحتاجة، ولا وجود لاحترام حقيقي لا للقيم الانسانية ولا حتى للقيم الاسلامية، بل إن الاعتداء يطال العاملين في الاغاثة أيضا».

ناصر بن حمد: أولوية الظروف الإنسانية للمجتمع الدولي

ونيابة عن عاهل البلاد، افتتح سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، المؤتمر في نسخته السابعة والذي يقام على مدى يومين، بكلمة قال فيها: «الشكر موصول لجميع الجهات المشاركة والداعمة للمؤتمر الهام الذي يعقد في مملكة البحرين، في وقت يشهد فيه العالم ظروفاً انسانية صعبة لكثير من الشعوب، مما يتطلب منا جميعاً أن نكون يد واحدة، لتخفيف وطأة الظروف الصعبة وتحسين مستوياتهم المعيشية».

وأضاف «كذلك أوجه شكري لكافة المنظمات الدولية والاقليمية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالعمل الانساني على ما تقوم به من جهود مثمرة في هذا المجال»، داعياً الامم المتحدة وكافة اطراف المجتمع الدولي، للنهوض بمسئولياتهم القانونية والاخلاقية، وان تكون الظروف الانسانية لهذه الشعوب ضمن أولوياتهم، والعمل على وقف نزيف الدم وتأمين وصول المساعدات الانسانية الطارئة.

وبشأن دور البحرين الخيري، قال سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة: «لم تتأخر مملكة البحرين في دعم الجهود الانسانية في مختلف الدول المنكوبة والمتضررة انطلاقا من دورها في مساعدة شعوب دول العالم، والتي تأتي في إطار توجيهات سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك لسرعة مد يد العون وتقديم المساعدة التي لا تقتصر على مشاريع المستشفيات والمدارس والسكن وتوفير مياه الشرب الصالحة، لتسهم هذه المشاريع في بناء الانسان وإعادة إعمار الوطن مع مراعاة ظروف المتضررين والتعامل معهم بأعلى درجات الاحترام والكرامة الانسانية».

وأضاف «إن المستوى العالي من مقدمي أوراق العمل والحضور المميز في المؤتمر ومن أكثر من دولة، لتأكيد على المسئوليات الكبيرة للقطاع الرسمي والاهلي ومؤسسات المجتمع الدولي في الايفاء بالأدوار الرئيسية للمساهمة وتخفيف المعاناة التي تعيشها شعوب العالم نتيجة الكوارث الطبيعية والازمات، آملين أن يستفيد الجميع مما سيطرح في المؤتمر من خبرات وتبادل المعلومات وتسليط الضوء على أهمية الشراكة وتبادل المعلومات من أجل إيجاد حلول للقضايا الانسانية، والاطلاع على الحوار العالمي المستمر في هذا الشأن تماشياً مع المؤتمرات السابقة في الكويت والقمة العالمية للعمل الانساني الذي عقد في تركيا مؤخراً».

واختتم سموه كلمته بالتعبير عن أمانيه بأن يثمر المؤتمر مخرجات تخدم الانسانية وترتقي بمسئوليات العمل الخيري وتخفيف معاناة الأطفال والنساء وجميع من هم في دائرة الضحايا.

ملاك... ثمرة مشاريع العاهل الخيرية في التعليم

وضمن فقرات حفل الافتتاح، كانت الطالبة السورية ملاك، تقف لتبهر الحضور بتفوقها وحصولها على المركز الأول على مستوى المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تدرس ضمن مدارس البحرين للاجئين السوريين تحديداً في مخيم الزعتري.

وبجرأة وثقة، تحدثت ملاك، فقالت: «كأية طالبة سورية، وصلت لأرض بلا كتب ولا دفاتر ولا قلم أتكئ عليه لأصل لحلمي، ويوما بعد يوم كنت أتقدم نحو الامام لاصل لحلمي وللحقيقة، لكن شيئا كان يدفعني للضياع، ورغم ذلك كنت أتقدم وأتساءل ما الذي يدفعني للأمام، والان صار بإمكان أن أقول لكم إنها الإرادة»، ولتختتم كلمتها بتصفيق الحضور الذي غصت به القاعة وبعبارتها «شكراً مملكة البحرين».

وفي التعليق على المشهد، كان الأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكية مصطفى السيد، يقول: «كانت ضربة معلم لجلالة الملك، عندما أنشأ المدارس في بداية الأزمة في سورية، وكما رأينا إحدى ثمار ذلك ممثلةً في الطالبة اللاجئة ملاك والتي أبهرت الحضور بتفوقها وبمستوى ثقتها في نفسها».

الزياني: دمج الاقتصاد اليمني

في الاقتصاد الخليجي بعد الحل

من جهته، استلم الأمين العام لمجلس دول التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، زمام الحديث من الطالبة (ملاك)، وهو يخاطبها بالقول «كل هؤلاء أهلك، ويشعرون بما تشعرون»، موجهاً شكره لجلالة الملك على تأكيده على أهمية التعليم، ولسمو الشيخ ناصر بن حمد، على متابعته توجيهات العاهل في هذا الجانب.

وأضاف «يأتي انعقاد المؤتمر على أرض البحرين تأكيداً على أهمية دورها الحيوي ومشاركتها الفاعلة في دعم الاعمال الانسانية، واستكمالا لجهود دول مجلس التعاون والتزامها القانوني والانساني بدعم الاعمال الانسانية، ومن هذا المنطلق فقد حرصت دول المجلس على أن تكون مساهماتها ضمن مسارين متوازيين، الأول هو صناديق التنمية الاقتصادية التي سخرت لدعم خطط التنمية في الدول الشقيقة والصديقة، والثاني هو مؤسسات وهيئات العمل الإنساني الخيري، وبهذا أصبحت دول المجلس تحتل مكانة رفيعة بين الدول المانحة للمساعدات التنموية».

ونوه إلى أن دول مجلس التعاون تفخر بأن عطاءها الانساني يستند لمؤسسات منظمة فاعلة ومؤثرة ليس اقليمياً بل أيضاً دولياً، ويلقى النشاط الخليجي دعما من قادة دول المجلس، إيماناً منهم بأن الواجب الديني والاخلاقي يحتم علينا مساعدة الضعيف والوقوف الى جانب المحتاجين.

وانتقل الزياني للحديث عن الصراعات في المنطقة، تحديداً في سورية واليمن العراق وليبيا وفلسطين المحتلة، فقال: «يفرض ذلك على المجتمع الدولي القيام بواجبه ومسئولياته الانسانية والاخلاقية في مد يد العون للمتضررين».

وبشأن الجهود الخليجية، أوضح الزياني «بادرت دول المجلس لبذل كل الجهود وتسخير كافة الامكانات من أجل تخفيف معاناة الأشقاء السوريين من خلال تقديم الدعم المادي المباشر للمنظمات الدولية المعنية او من خلال مساعدات مادية أو عينية مباشرة للدول التي استضافت اللاجئين، وبحسب تقارير الامم المتحدة فإن دول المجلس تأتي ثالثة في استضافة اللاجئين السوريين بعد تركيا ولبنان».

وفي الشأن اليمني، قال الزياني: «كان لدول المجلس دور كبير في ايصال مساعدات الاغاثة الانسانية الى الشعب اليمني في مختلف المحافظات، ومد يد العون للشعب اليمني والتخفيف من معاناته في ظل الظروف الصعبة التي فرضها انقلاب جماعة الحوثي وأتباع علي صالح على الحكومة الشرعية».

وأضاف «دول المجلس ستواصل دعم جهود اليمن لاستعادة أمنه واستقراره عبر التوصل لحل سياسي بوساطة الامم المتحدة، مبني على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الامن رقم (2216)، ونحن ندعم الجهود التي تقوم بها الامم المتحدة من أجل استئناف المفاوضات السياسية وانهاء الصراع المؤلم، كما ان مجلس التعاون يعمل حالياً للتحضير لعقد مؤتمر دولي للدول المانحة من أجل إعادة إعمار اليمن بعد التوصل لحل سياسي وتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في الاقتصاد الخليجي».

«الصناديق الإنسانية»...

ومركز الملك سلمان للإغاثة

من ناحيته، ألقى رئيس مجلس امناء الصناديق الانسانية لمنظمة التعاون الاسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل ثاني، كلمة مقتضبة تطرق فيها لدور الصناديق الانسانية لمنظمة التعاون الاسلامي، فقال: «منذ اليوم الاول لتحميلها مسئولية الشراكة في تنظيم هذا المؤتمر الكبير بالتعاون مع المؤسسة الخيرية الملكية ومنظمة الأمم المتحدة، فقد قدمت عملاً جاداً انطلاقاً من أهمية المؤتمر». وأضاف «الصناديق الانسانية هي مؤسسة أممية دولية ذات صفة دبلوماسية ويقع مقرها في دولة قطر، ولها مكاتب ومقار عديدة في مختلف الدول، ولهذا فإن اتساع نطاق عملها وجغرافيتها استوجب عليها ان يكون دورها فاعلا وكبيرا من أجل تلبية الحاجات الانسانية لأصحابها».

ومن السعودية، تحدث المشرف العام على مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية والمستشار بالديوان الملكي عبدالله الربيعة، فقال: «ان مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية باعتباره الذراع الانساني للمملكة العربية يتحرك في هذا النطاق وفق تعاليم ديننا، مدركين عبر ذلك قيمة الشراكة الحقيقية ودورها في اختصار الزمن للوصول لمواقع الاحتياج».

وأضاف «لقد تمكن مركز سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية ورغم عمره القصير الذي لم يتجاوز عاما ونصف عام من استحداث منظومة مكونة من 91 شريكاً محلياً واقليماً ودوليا لتنفيذ أكثر من 123 مشروعا اغاثيا بما يزيد على ملياري ريال سعودي خصص معظمها لمعالجة تداعيات المنطقة وبالاخص اليمن الشقيق، منها 52 مشروعا للامن الغذائي والايواء و13 مشروعا للتعليم و31 مشروعا في قطاع الصحة والتغذية والمياه، بالاضافة لـ 7 مشاريع في دعم تنسيق العمليات الانسانية، وقد تم ذلك بالتعاون مع منظمات الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى ومؤسسات المجتمع الدولي».

ونوه بالتعليم بوصفه ركناً مهماً في العمل الانساني، وأردف «لذا، فقد استخدم مركز سلمان التقنية الرقمية عن بعد ولعلها ان تكون احدى المبادرات الخليجية الواعدة»، معبرا في الإطار ذاته عن تطلعاته لدعم التنسيق وبرامج التعاون بين دول الخليجية والاقليمية والدولية، والتركيز على التعاون في إجراء الدراسات والبحوث الميدانية التي تصب في مصلحة العمل الاغاثي والانساني، واستحداث برامج تقنية وإبداعية لزيادة فعالية العمل الانساني.

العدد 5169 - الإثنين 31 أكتوبر 2016م الموافق 30 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً