العدد 5173 - الجمعة 04 نوفمبر 2016م الموافق 04 صفر 1438هـ

لم ينْتَهِ «زمن الطيِّبين المكافحين»

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

نجحت مبادرة «تحدي القراءة العربي»، حققت دورتها الأولى أهدافها كافة. وليس الحديث هنا عن الزخم الإعلامي والترويجي للمبادرة لكن عن أرقام المشاركة «الطلابية» الواسعة التي حظيت بها المبادرة من جميع الدول العربية. أكثر من ثلاثة ملايين طالب وطالبة شاركوا في التحدي، في حين كان الرقم المتوقع لا يتجاوز المليون. هؤلاء وعلى رغم أنهم جاءوا من 54 جنسية مختلفة، إلا أن الجنسيات الأخرى هذه لا تمثل أكثر من 10 في المئة من مُجمل عدد الطلبة العرب المشاركين. قرءوا 150 مليون كتاب بدلاً من 50 مليون كتاب كان من المتوقع أن تُقرأ في عام واحد.

لا أصدق من الأرقام، ولذا فلا حديث إذن عن جيل لا يقرأ، هؤلاء طلبة وطالبات لا يتجاوز عمر أكبرهم الثامنة عشر. وهناك أرقام مذهلة، وكاشفة لكثير من الحقائق التي يجهلها البعض أو قد يحلو لهم ذلك. لا يمكن إذن اتهام هذا الجيل بأنه عازف عن القراءة، ملتهٍ بألعابه الإلكترونية ومواقع «الشات» وما شابه. هنالك نماذج مشرّفة كثيرة، وهم شأنهم شأن أي جيل آخر يحملون اهتمامات متنوعة مختلفة، لا يتشابهون فيما بينهم. يقرأ بعضهم، فيما يفضّل بعضهم اللعب، تماماً كأي جيل سبقهم.

محلياً، لن يكون منصفاً أن نطلق أي اتهامات على جيل اليوم، ليس بعد أن حلت الطالبة البحرينية ولاء البقالي، في المرتبة الثالثة في تحدي القراءة العربي. ليس بعد أن شارك 18 ألف طالب وطالبة من البحرين في هذا التحدي. ليس بعد أن جاءت مدرسة «مدارس الإيمان - قسم البنات» ضمن التصفيات النهائية للمدارس الثلاثة الأولى. هذه المدرسة التي شاركت 118 طالبة من طالباتها البالغ مجمل عددهن 644 طالبة، في التحدي، اختيرت ضمن المدارس الثلاث الأوائل بسبب نمو مكتبتها بنسبة تزيد على 25 في المئة نتيجة لمشروع التحدي هذا العام.

وإن كان البعض سينظر إلى الأمر من زاوية كون مدراس الإيمان، خاصة، تتبع ربما نظاماً لا يشبه ذلك الموجود في المدارس التابعة إلى وزارة التربية والتعليم، فسأذكّركم بأن ولاء البقالي طالبة بمدرسة جدحفص الثانوية للبنات وهي مدرسة حكومية تتبع أنظمة وزارة التربية والتعليم.

الحديث إذن ليس عن أنظمة تعليمية تشجّع أو تعيق، وإنما عن جيل لا يقل شأناً عمن سبقه من أجيال، عن جيل ليس من الإنصاف أبداً إطلاق أحكام جائرة عليه، من باب «راح زمن الطيبين» ومن باب الانتقادات التي لا تنتهي والتي يوجّهها كل جيل لمن تبعه، ليبقى محافظاً على موقع قد يكون حصل عليه في أوْجه، وربما لم يحصل عليه أبداً.

ولاء وطالبات مدارس الإيمان، لسن وحيدات في هذا الشغف بالقراءة، في هذا النهم على التهام الكتب. كثير من أبناء هذا الجيل يحملون الشغف ذاته، ولا أبالغ إن قلت، إن كثيراً ممن يقرأ هذا المقال سيستحضر صورة طالب أو طالبة من أسرته أو من أقاربه أو من معارفه ممن ينطبق عليه هذا الكلام. وبشكل شخصي، تلتهم ابنتي، طالبة الثانوية العامة، الكتب، بشكل غير معقول منذ صغرها، وهي الآن تطالبني بعناوين غريبة لكتّاب لم أصل، أنا شخصياً، بعد لقراءتهم.

أجيال اليوم تقرأ بالعربية كما بالإنجليزية، على أجهزتهم الذكية كما على الورق. رفقاً بهم ولنتوقف عن أساليب كسر الشخصية المعتادة لدينا في العالم العربي. لسنا الأسوأ ولسنا الأكثر رجعية وتخلفاً. نحن شعوب واعية ينقصها شيء من المبادرات والعزيمة الصادقتين... رسمياً وأهلياً.

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 5173 - الجمعة 04 نوفمبر 2016م الموافق 04 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:38 ص

      سلم يراعك استاذتنا الفاضلة ..حقا نحتاج لتشجيع المبادرات وعلماء الفرص للشباب رسميا واهليا

    • زائر 1 | 11:15 م

      منصوره

      كلامك جميل ومفيد جدا جدا شكرا استاذه .

اقرأ ايضاً