العدد 5174 - السبت 05 نوفمبر 2016م الموافق 05 صفر 1438هـ

هيومن رايتس ووتش: الضربات الجوية الروسية في سورية قد ترقى إلى جريمة حرب

نيويورك – هيومن رايتس ووتش 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الأحد (6 نوفمبر / تشرين الثاني 2016) إن الضربات الجوية التي نفذتها العملية العسكرية الروسية - السورية المشتركة في شمال محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قد ترقى إلى جريمة حرب. قتلت هذه الضربات عشرات المدنيين معظمهم من أطفال المدارس.

وفيما يلي نص البيان :

قال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجمات أصابت مجمع مدارس في منطقة سكنية وسط بلدة حاس، عندما كان الأطفال في صفوفهم. يضم المجمع روضة أطفال ومدرسة ابتدائية ومدرستين إعداديتين ومدرسة ثانوية. أصابت الهجمات أيضا بنى تحتية مدنية مجاورة.

قال بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "هاجمت طائرات حربية مجمع مدارس كبير أثناء دوام التلاميذ، في صباح صاف، واستمرت في القصف خلال محاولة الأطفال والمدرسين الفرار. الفظاعة الشديدة لهذا الهجوم على أطفال المدارس دليل على عدم كفاية الاستجابة الدولية لجرائم الحرب الجارية في سوريا".

أفادت وكالات أنباء أن التلفزيون السوري الحكومي نقل في 26 أكتوبر/تشرين الأول عن مصدر عسكري قوله إن الهجمات استهدفت مواقع المعارضة في حاس وقتلت مقاتلين. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن هناك أهداف عسكرية في المدارس أو قربها ذلك الوقت، وإن جميع القتلى والجرحى من المدنيين.

تحدثت هيومن رايتس ووتش هاتفيا مع 7 شهود على الهجوم، وحللت عدة مقاطع فيديو نشرتها جماعات المعارضة والمواقع الإخبارية، وقابلت أحد مصوري الفيديو، الذي قال: "كان هناك عديد من الجثث الممزقة على الأرض، واختلطت الكتب المدرسية بالدم".

قال شهود عيان إن طائرة مقاتلة بدأت الهجوم الساعة 10 صباحا وإن طائرة ثانية تابعت الهجوم، الذي استمر بين 20 و30 دقيقة. قدم شهود عيان روايات متوافقة عن رؤيتهم قنابل تهبط بالمظلات، وأحصوا ما بين 7 و9 انفجارات في حاس، معظمها في مجمع المدارس والطرق المؤدية إليه.

تُظهر لقطات ومقاطع فيديو قال شهود عيان إنها للهجوم، طائرة "سوخوي 24" على ارتفاع متوسط ترمي ذخائر بمظلات أثناء هبوطها، قبل أن تنفجر قرب سطح الأرض. ينفّذ الجيشان الروسي والسوري ضربات الجوية باستخدام طائرات من طراز سوخوي 24. لم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق من الصور بشكل مستقل، ولكنها تتفق مع وصف الشهود للهجوم.

قال مصور الفيديو الذي نُشرته وسيلة إعلام محلية في يوتيوب لـ هيومن رايتس ووتش عبر رسائل "واتس أب"، إنه كان على بعد 300 متر من المدارس التي أصيبت عندما التقط الفيديو، وإن مقاتلي المعارضة في كفرنبل التي تبعد 3 كم عن حاس أطلقوا مضادات الطيران التي يُسمع صوتها في الفيديو. قال المصور إنه ذهب إلى موقع الضربة بعد أن التقط الفيديو، وإنه لم يكن هناك أهداف عسكرية في المدارس أو قربها، وإنه لا توجد أهداف عسكرية في حاس، على حد علمه.

قتلت الهجمات 14 طفلا بينهم 9 بنات، و12 رجلا، و7 نساء، جميعهم من المدنيين، حسب "مركز توثيق الانتهاكات"، مجموعة مراقبة سورية. ذكرت "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسيف) أن الهجوم قتل 22 طفلا. قال أحد السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الإصابات شملت 22 طفلا و7 آباء جاؤوا لأخذ أطفالهم بعد الانفجار الأول لعدة قنابل، وإن عدد القتلى قد يرتفع بين أكثر من 40 جريحا أرسِلوا إلى المستشفيات في سوريا، أو نُقلوا إلى أنطاكية بتركيا.

قالت اليونيسيف إن هذه الضربات الجوية على المدارس في سوريا هي الأكثر دموية منذ أبريل/نيسان 2014، عندما قتلت غارة جوية 30 طفلا في مدرسة بإدلب. وقع 60 هجوما على المدارس عام 2015، أسفر عن مقتل ما مجموعه 591 طفلا. وقع 38 هجوما على المدارس منذ بداية عام 2016، أدى إلى مقتل 32 طفلا.

شنّ مقاتلو المعارضة شرق حلب المحاصرة هجوما صاروخيا أصاب "المدرسة الوطنية" الخاصة، حوالي الساعة 10 صباح 27 أكتوبر/تشرين الأول، في حي الشهباء غربي حلب التي تسيطر عليها الحكومة، وأسفر عن مقتل 3 أطفال على الأقل وفقا لأحد التقارير وما يصل الى 6 وفقا لآخر، بينهم 3 أشقاء من عائلة واحدة. كما أصيب في الهجوم 14، وفقا لمصادر أنباء سورية.

هناك حوالي 1.7 مليون طفل سوري خارج المدارس في البلاد بسبب الصراع، وواحدة من كل 3 مدارس مغلقة بسبب الدمار، أو تستخدم لأغراض عسكرية، أو لإيواء النازحين. هناك نحو 750 ألف طفل سوري لاجئ في المنطقة خارج المدرسة.

نشرت وزارة الدفاع الروسية في صفحتها على فيسبوك، صورة جوية من طائرة بدون طيار روسية لمجمع المدارس في حاس، تدّعي أنه لا يوجد ضرر على أسطح المباني ولا حفر لقنابل جوية في مكان قريب. كرر المتحدث باسم وزارة الدفاع هذه الادعاءات، وأضاف أن ربما "موجة الانفجار جرفت" كل الأثاث المدرسي، وأن مقاطع الفيديو للحادثة تم تحريرها. قالت هيومن رايتس ووتش إن الأضرار التي لحقت بالمدرسة والواضحة في الصورة الجوية تتفق مع تفجير فوق سطح الأرض أو انفجار ذخيرة معززة.

يسيطر "جيش الفتح" على محافظة إدلب إلى حد كبير، وهو تحالف من جماعات معارضة مسلحة، يضم "جبهة فتح الشام" التي تخلت عن تسمية "جبهة النصرة"، بعد فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" في وقت سابق من هذا العام.

قالت هيومن رايتس ووتش إن الهجوم المتكرر على مجمع مدارس كبير في منطقة سكنية يشير إلى أن الهجمات غير قانونية، لأنها استهدفت المدنيين إما عشوائيا أو عمدا، ويحتمل أن تشكل جرائم حرب. عندما تُرتكب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب)، بقصد إجرامي، فهي ترقى إلى مستوى جرائم حرب.  يشكل الفعل المتعمد أو العشوائي قصدا إجراميا.

وثّقت هيومن رايتس ووتش ضربات جوية نفذتها الحكومة السورية سابقا، قتلت أطفال في المدارس ومعلمين، ودمرت مبان مدرسية. وثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا أيضا هجمات عشوائية بمدافع الهاون والصواريخ محلية الصنع، وهجمات بالمدفعية نفذتها جماعات معارضة مسلحة في محافظتي دمشق وحمص، أصابت حافلات مدرسية ومدارس وجامعات أو أماكن قربها أثناء دوامها، وسيارات مفخخة استهدفت مدارس في مناطق تسيطر عليها الحكومة. قتلت الهجمات مدنيين، من بينهم أطفال.

لطالما دعت هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة إلى فرض حظر على الأسلحة وعقوبات فردية على المسئولين عن الفظائع من قبل جميع الأطراف في سوريا، وإحالة وضعها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

حثّ المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعليم العالي غوردون براون خلال حديثه لمراسلي الأمم المتحدة في 27 أكتوبر/تشرين الأول، مجلس الأمن، بما يتعلق بالهجوم في حاس على "الطلب من المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق فيما يجري في مدارس سوريا وفي البلاد ككل". دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أيضا إلى إجراء تحقيق في الهجوم.

دعت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في 27 أكتوبر/تشرين الأول إلى إجراء تحقيق و"الطلب من جميع المنظمات الدولية الانضمام إلى التحقيق دون مزيد من التأخير". في اليوم التالي كتبت في صفحتها على فيسبوك أن صور آثار الهجوم كانت "رسومات كمبيوتر".

اعترضت روسيا والصين عام 2014 على قرار مجلس الأمن الذي من شأنه أن يعطي مدعي المحكمة الجنائية الدولية تفويضا للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، رغم الانتهاكات الخطيرة في البلاد. استخدمت روسيا الفيتو ضد قرار خامس في مجلس الأمن بشأن الصراع بسوريا في 8 أكتوبر/تشرين الأول، 2016، وعرقلت بذلك الجهود الرامية إلى وقف الغارات الجوية السورية-الروسية على المدنيين في شرق حلب.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه، في ضوء فشل مجلس الأمن الدولي في حفظ السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين في سورية، على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة طلب عقد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة بشأن سورية. على الجمعية العامة اتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء آلية للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا خلال هذه الدورة، بهدف إعداد القضايا للمحاكمة الجنائية في المستقبل.

قال فان إسفلد: "على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل معا لإنهاء الهجمات غير القانونية على المدنيين، بعد فشل مجلس الأمن في ذلك، وإلا ستسمر معاناة تلاميذ المدارس السوريين وغيرهم. ستكون العواقب فظيعة بما يفوق التصور".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:37 ص

      بلا تقارير فاضية من فضلكم • مادام فيه حق النقض ما فيه حقوق إنسان • ما دام فيه فيتو ما في هيومان رايتس •

اقرأ ايضاً