العدد 5175 - الأحد 06 نوفمبر 2016م الموافق 06 صفر 1438هـ

أردوغان... ماذا تبقّى مما بناه؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل بقي شيءٌ واحدٌ ممّا بناه وأنجزه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ كان رئيساً للوزراء قبل خمسة عشر عاماً؟

في العام 2003، كان أردوغان يقدّم نموذجاً واعداً لما سمي بـ «الإسلام المعتدل»، واهتم الأميركيون بالترويج لتجربته السياسية التي نجحت في تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع، وإشاعة الأمن والاستقرار، والانفتاح على مكوّنات الشعب التركي، خصوصاً الأكراد، فضلاً عن تدشين سياسة «صفر مشاكل»، التي حظِيت بمباركة جميع الأطراف، محلياً ودولياً.

هذه السياسة، تصفير المشاكل مع كل دول الجوار، انقلبت رأساً على عقب، بعد تدخلاته العميقة في أحداث الربيع العربي، وأشهرها مصر، قبل وبعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، إلى جانب ليبيا. على أن أخطرها تدخّله الشامل في الشأن السوري، حيث أصبحت بلاده ممراً لتسعين في المئة من التنظيمات الإرهابية التي تم تجنيد أعضائها من اثنين وتسعين بلداً عبر العالم، وإقحام عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب في الحرب الداخلية بين السوريين. (تقرير ألماني يقول بوصول 360 ألف أجنبي منذ أبريل 2011 مقابل الجيش السوري البالغ تعداده 450 ألفاً).

نهاية العام 2012، تنبّه الأميركيون قبل غيرهم، إلى الخطأ الكبير بدعم التنظيمات الإرهابية، فأعادوا برمجة اندفاعتهم في الشأن السوري، خوفاً من ارتداداتها المرتقبة. ولم يتنبه الأوروبيون للخطأ الاستراتيجي إلا بعد أن وقعت الفأس في الرأس، خصوصاً فرنسا، أكثر الدول تشدداً وتورطاً في سورية، وأكثرها معاناةً من الارتدادات العكسية لذلك، حيث حظيت بالنصيب الأكبر من التفجيرات والعمليات الإرهابية التي تعرّضت لها القارة الأوروبية.

مع مطلع العام الجاري، كان أردوغان اللاعب الوحيد والأكثر عناداً في الشأن السوري، واصطدم بسياسات الدول الأخرى، خصوصاً جارته الكبرى روسيا، ودخل معها في لعبة مواجهة خطيرة، حين أُسقطت طائرة روسية. كما اصطدمت أجندته بأجندة حليفته الكبرى، الولايات المتحدة، بشأن فرض منطقة حظر جوي، وإقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية، وهو ما لم يقبله الاتحاد الأوروبي أيضاً. وهكذا نحا أردوغان باتجاه سياسةٍ أحاديةٍ تزداد انعزاليةً مع الأيام، ولم يبق له حليف أو صديق يثق به، حتى الأميركان. وبلغ ذلك الذروة مع الانقلاب العسكري ضده في 15 يوليو/ تموز الماضي، واتهم فيه مباشرةً الأميركيين، بإيوائهم ودعمهم غريمه فتح الله غولن، معلّمه السابق، الذي يرفضون تسليمه حتى الآن.

اليوم، يزداد أردوغان غرقاً في سياسته، التي تحوّلت إلى عدوانية في نظر الكثير من الشعوب والحكومات في المنطقة، وأسوأها ما يقوم به في العراق. فهي تقدّم حالةً نموذجية من التخبط والانفعالية، والبعد عن الأصول الدبلوماسية المفترض اتباعها بين الدول والحكومات.

العراق تعرّض إلى مؤامرةٍ كبرى لإسقاطه وتقسيم أراضيه، وتداخلت أجندات إقليمية ودولية لتحقيق هذا الهدف، حيث صحا في 11 يونيو/ حزيران 2014، على احتلال تنظيم «داعش» ثلث مساحته. ولم يوقف هذه المؤامرة إلا النفير العام، الذي نجح في صد الغزاة، وإسقاط المؤامرة، بعدما كان المسرح معداً لاستقبال دولة انفصالية جديدة، باسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ونُحت لها اسم مختصر باللغة الانجليزية (ISIS)، مازالت بعض القنوات «العالمية» تصرّ على استعماله بحبٍّ وإخلاصٍ حتى الآن!

العراق ظلّ يتحضّر منذ عامين لساعة الحقيقة، وبدأ منذ أشهرٍ يعدّ العدة لتحرير ما تبقى من أراضيه المحتلة، وتخليص شعبه من قبضة أشرس تنظيم إرهابي ابتلي به شعبٌ بالمنطقة، وسط تفهم دولي شامل، إلا من تركيا، التي تمسّكت بموقف شاذ، بإصرارها على المشاركة قسراً في معركة تحرير الموصل، رغم كل الرفض الرسمي والشعبي في العراق.

أردوغان الذي انقلب على سياسته المتزنة الأولى، وهدم بيديه كل ما أنجزه وبناه، نجح مؤخراً في توحيد العراقيين، الذين لا يتفقون على موضوع واحد، ضده بالإجماع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5175 - الأحد 06 نوفمبر 2016م الموافق 06 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 5:34 ص

      اردوغان مجنون

    • زائر 12 | 3:53 ص

      أردوگان يحفر قبره بيديه.

    • زائر 9 | 2:06 ص

      أستغفر مجلس الأمن والأمم المتحدة والحلف الناتو .. من قال أن أمريكا تغلط وهي المعصومة بالفيتو؟!!.

    • زائر 8 | 2:02 ص

      هذا اكبر انجاز: وحد العراقيين كلهم ضده. بعدما هدم بيديه كل ما أنجزه وبناه، وآخرها الحرب على الأكراد واعتقال نوابهم في البرلمان.
      جنون العظمة وما يفعله بالانسان.

    • زائر 7 | 1:37 ص

      انظر ما كتبته بريطانيا عنه كأسوأ ديكتاتور وعن طريقة تسوّق زوجته وتبذيرها المال .
      هذا شاهد من اهلها

    • زائر 5 | 12:33 ص

      حتمية السقوط اصبحت امرا متوقّع بسبب تخبّط سياسته ومحاولة حشر تركيا في كل شاردة وواردة وكأنه وصي على الدول العربية المجاورة، فالرجل مصدّق نفسه .
      \nالغرب رفضه ولفظه ولم يقبل به فعاد ادراجه الى الشرق ليعوّض فشله ولكنه سيلقي نفس الفشل بإذن الله

    • زائر 4 | 12:33 ص

      من تتحدث عنه يعيش في أوهام هي أكبر من قدرته على تحملها أو إدارتها فهو مصنوع من دول أكبر وأغنى منه وأقوى ومدعوم من اقتصاديات ما لبثت أن تخلت عنه لضعف مدخولها وهو اليوم أشبه بالملقى في البحر ويصر على أنه لن يصاب حتى بالبلل وهكذا شخص نهايته معروفه وربما تكون أيامه معدودة ع ا

    • زائر 3 | 12:08 ص

      حقد

    • زائر 2 | 11:38 م

      بداية نهاية الطغيان

    • زائر 6 زائر 2 | 12:53 ص

      ما عمله هذا الرجل ليس وحده انما بناء على موقف شعبه الذى اثبت بولائه للوطن والديمقراطيه المتمثله بالرئيس المنتخب .

    • زائر 1 | 9:55 م

      استاذ قاسم ما تراه انت انها اخطاء ارتكبها الرئيس اردوغان يراه المعظم انها من ايجابيات الرئيس خصوصا موقفه مغ الشعب السوري العظيم الذي يريد ان يزيح رئيسه البعثي وظلمه واستبداده وطغيانه وديكتاتوريته على شعبه كما فعل شعب العراق مع النظام البعثي لرئيسه السابق , فهذه خسنة وليست سيئه للرئس اردوغان ولك الشكر

اقرأ ايضاً