العدد 5180 - الجمعة 11 نوفمبر 2016م الموافق 11 صفر 1438هـ

المخرجة والمنتجة بلبلية: فاجأتني جودة أفلام «الشارقة السينمائي للطفل»

تروِّج لحقوق الطفل الإعلامية عبر الأفلام والورش...

فردوس بلبلية
فردوس بلبلية

الشارقة - منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

عضو لجنة تحكيم مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل فردوس بلبلية، مخرجة ومنتجة أفلام مستقلة حصلت أفلامها على الكثير من الجوائز من مختلف مهرجانات الأفلام في جميع أرجاء العالم. هي أيضاً مدرّبة تقدم الكثير من المشاريع التطويرية والورش التدريبية التي تسعى من خلالها للترويج لحقوق الطفل والمرأة ولدعم الشباب الإفريقي وتوعيته بحقوقه. هي أحد المساهمين في تأسيس ميثاق إفريقيا الجنوبية حول حقوق الطفل، ورئيسة مجلس إدارة محطة ABC الإذاعية الخاصة بالأطفال، التي أطلقتها العام 2010 من نيجيريا. بالإضافة إلى ذلك، تترأس بلبلية مجلس إدارة المركز الدولي لأفلام الأطفال والناشئة.

ومن أبرز الأفلام التي قدمتها بلبلية عبر مؤسستها الإنتاجية فيلم «مدينة صغيرة تدعى ديسنت» A Small Town Called Descent وهو فيلم روائي طويل، أنتجته بلبلية عبر مؤسستها الإنتاجية «Moments Entertainment» العام 2012 وحصل على جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان بان أفريكان للأفلام (Pan African Film Festival) الذي يقام في لوس أنجليس وغيرها من الجوائز المهمة.

«فضاءات» صحيفة «الوسط» التقت بلبلية على هامش مشاركتها كعضو في لجنة تحكيم مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، وحاورتها حول الأفلام المشاركة في المهرجان، جهودها في دعم حقوق الإنسان في بلادها جنوب إفريقيا.

ما هي الآلية التي تعتمدها لجنة التحكيم في تقييم الأفلام المشاركة في المهرجان؛ إذ توجد لجنة تحكيم واحدة معنية بتقييم جميع فئات الأفلام المشاركة، فهل تم اعتماد معايير واحدة لتقييم جميع الأفلام المشاركة، على اختلاف فئاتها ومستوياتها؟

- الأمر صعب وقد تطلّب منا الأمر وقتاً طويلا، فنحن نحكّم مختلف أنواع الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة وأفلام التحريك. الأمر الجيد هو أنه تم إرسال بعض الأفلام لنا مسبقاً. ما سهّل الأمر هو أن جودة الأفلام كانت عالية ومدهشة. حقيقة لم أتوقع أن يقبل صنّاع الأفلام على المشاركة في مهرجان يقيم دورته الرابعة فقط. أعتقد أن ما فعله هذا المهرجان في وقت قصير جداً هو حرصه على تقديم أفلام ذات مستوى وجودة عاليين؛ ما جعل صنّاع الأفلام ذات المستوى العالي يقبلون على المشاركة فيه، كما رفع عدد الأفلام الراغبة في المشاركة عاماً بعد عام حتى وصل إلى 500 فيلم في هذا العام، تم قبول 126 فيلماً منها فقط. القواعد والمعايير الأساسية موجودة، لكن فيما يتعلق بالمحتوى، فبالطبع سيكون معيار تقييم المحتوى المقدم من قبل الصغار مختلفاً عن سواه قليلاً، على رغم أنك تبحث دائماً عن الجودة العالية وعن القيمة الإنتاجية والقصة والسرد والمحتوى الإبداعي،ومدى تمكن صنّاع الأفلام من رواية قصصهم باستخدام هذا الوسيط، وهو أمر مهم للغاية ثم هنالك التكنولوجيا وفيما إذا تم استخدامها في حال الحاجة إليها، وبالشكل المناسب للقصة، وبعد التمكّن من توظيفها بشكل صحيح.

كيف وجدتي الأفلام المشاركة في هذه الدورة من المهرجان، عموماً؟

- هذه أول مشاركة لي في مهرجان الشارقة وأعتقد أن جودة الأفلام عالية جداً في جميع الفئات المشاركة، واستمتعت بمشاهدتها كثيراً. أنا أحضر الكثير من المهرجانات سنوياً وأشاهد الكثير من الأفلام من أوروبا وأميركا الجنوبية وآسيا ومن دول كثيرة، ويمكنني القول إن الأفلام المشاركة في مهرجان الشارقة للطفل هي بمستوى الأفلام التي شاهدتها في مختلف المهرجانات. هناك فارق بسيط بين تلك الأفلام والأفلام التي يقدمها مخرجون من المنطقة العربية، ولكنها جميعاً أفلام ذات مستوى مثير للإعجاب.

ماذا عن الموضوعات التي تناولها صنّاع السينما في أفلامهم مع العلم بأنها مقدمة لمهرجان سينمائي خاص بالطفل؟

- الأمر المثير للاهتمام هو أن معظم الأفلام القادمة من منطقة الشرق الأوسط تناقش قضية ما تأتي في نطاق الموضوعات التي تهم المنطقة، وقد انتقل التركيز الآن من القضية الفلسطينية إلى سورية. كذلك هناك الأفلام التي تناقش موضوعات وقضايا تعلّم الأطفال كيف يتعاملون مع حياتهم، وخصوصاً الأفلام التي تناقش أوضاع اللاجئين. أعتقد أن هذه الأفلام تشكّل نقلة في المنطقة، تتعلق بمن يحكي قصتك وأين تحكيها، ففي الغالب يأتي أشخاص من الخارج ليرووا قصص الصغار بدلاً عنهم. لكن الصغار الآن يروون قصصهم بأنفسهم دون حاجة إلى طرف ثالث يتولى الأمر، وهذه مساحة مهمة تستحق البحث فيها.

لكن هذه الأفلام، هل هي موجّهة للأطفال، أم أنها تتحدث عنهم، عموماً، هل يتحدث المهرجان بلسان الأطفال ولهم أم عنهم؟

- أعتقد أن المهرجان يحاول أن يبنى جمهوراً من الأطفال، ويوجّه أفلامه للأطفال لكن ليس بشكل تعليمي ولكنه يسعى إلى تقديم أفلام تناسب مستوى الأطفال، ربما تكون أعلى بقليل لكنها تأخذهم إلى مساحات جديدة وتفتح لهم نوافذ أخرى. المهرجان يسعى لخلق هذه القاعدة من جمهور الأطفال ليس عبر الأفلام فقط، لكنه يعمل أيضاً على تنظيم ورش لتفكيك هذه الأفلام، تعلّم الصغار كيف ينظرون لما وراء الصورة فيعرفون كيف جاءت هذه الأفلام. أعتقد أن النية لدى منظمي المهرجان هي أن تكون الأفلام موجّهة للأطفال ويبدو ذلك واضحاً في الطريقة التي تم عمل هذه الأفلام بها. عموماً؛ فإن قضية المحتوى المقدم للأطفال هي قضية يتم مناقشتها منذ 20 عاماً. وفي كثير من الأوقات نميل لأن نقدم فيلماً عن الأطفال وعن أوضاعهم وحياتهم ولكن الفيلم بعدها لا يوجّه للأطفال وقد لا يناسب مستواهم، قد لا يتم التركيز على الطفل وقد لا يتم تمكينه في القصة. لو أخذنا فيلم «أنا سامي» على سبيل المثال، وطرحنا السؤال التالي هل يحكي الفيلم حقاً قصة سامي أم أن هناك شخصاً بالغاً يتحكّم في سرد القصة. أعتقد أن الفيلم رائع في أدائه ومبني بشكل جيد، لكن إذا قسنا تأثيره على مشاهديه من الصغار والكبار فسنجد أنه أشد تأثيراً على الكبار. هذا هو التحدي وهو أن يكون لدينا رواة قصص، يعلمون جيداً كيف يحكون قصة الفيلم ولمن يحكوها وعلى أي مستوى يقدموها. أيضا هناك قضية أخرى تتعلق بالأفلام الموجهة للأطفال وهي أن تطور ونمو الأطفال مختلف من منطقة إلى أخرى في العالم، فما يناسب الطفل في جنوب إفريقيا قد لا يناسب الطفل من العمر نفسه في إنجلترا، لأن الأخير له قدرة أكبر على الوصول إلى الإعلام والتكنولوجيا.

عموماً، هل وجدتي فرقاً في مستوى الأفلام القادمة إلى المهرجان من المنطقة العربية وتلك القادمة من جميع أنحاء العالم، على الأقل فيما يتعلق بالقيمة الإنتاجية لهذه الأفلام؟

- نعم هناك فجوة أعتقد أنها حدثت بسبب القدرة على الحصول على التدريب أو التمويل اللازمين، ولكني لن أقول إن مخرج أفلام ما أفضل من الآخر في أدواته لكن سأقول في الموارد التي يحصل عليها، فكلما كانت الموارد أفضل كلما كان الفيلم أفضل فيما يتعلق بقيمته الإنتاجية، لكن فيما يتعلق برواية القصص فهذا لا يكلف مالاً، أن تكون قادراً على الكتابة يعني أن تكون قادراً على أن تقدم قصة جيدة. التحدي المتعلق بالموارد المادية يضمن توفير كاميرا أفضل مثلاً أو طاقم عمل أكثر تخصصاً. وهناك أيضاً تحدٍ آخر يواجه صنّاع أفلام الأطفال هنا وهو، أنه لا يتم إنتاج عدد كافٍ من أفلام الأطفال كما يحدث في الدول الإسكندنافية، وفي ألمانيا وهولندا مثلاً. هؤلاء يولون أفلام الأطفال عناية خاصة منذ عقود، وهم رواة قصص رائعون ولديهم الصيغة الصحيحة فيما يتعلق بالمحتوى المقدم للأطفال.

بعيداً عن المهرجان، لديك سبعة أفلام روائية، وتعملين على فيلمين جديدين. حدثيني عن هذين الفيلمين.

- أعمل على سلسلة أفلام أقدمها تحت عنوان «إفريقيا مانديلا» Mandella’s Africa وهي تتحدث عن نيلسون مانديلا في الوقت الذي كان لا يزال ناشطاً سياسي وشاباً ومتحمساً، يؤمن بأن الطريقة الوحيدة لمقاومة حكومة التمييز العنصري هي عبر الكفاح المسلح، ولذا سافر إلى بعض الدول الإفريقية العام 1962 للحصول على دعم لذلك. الفيلم يقتفي أثره منذ مغادرته جنوب إفريقيا حتى زيارته للسودان ولمصر والجزائر وتونس وإلى 16 دولة إفريقية، وأخيراً إلى إنجلترا.

ومن أجل تصوير هذا الفيلم اطلعنا على مذكراته، ونحن الوحيدون الذين تمكنا من الإطلاع على هذه المذكرات، وقد ورد في هذه المذكرات إعجابه بقوة مصر العسكرية، التي غيرت نظرته للأفارقة بشكل كامل؛ إذ يقول إن حالة العزلة والنبذ التي يعيشها الأفارقة في جنوب إفريقيا جعلته يعتقد أنهم لا يملكون القدرة على مقاومة ذلك الوضع لكن كل ذلك تغيّر حين زار مصر ووجد هذه القوة التي لا تقل عن قوة جيش جنوب إفريقيا الأبيض.

كذلك أعمل على فيلم آخر بعنوان Liberation «التحرير»، وهو مبنى على قصة حقيقية لدبلوماسي زار جنوب إفريقيا خلال فترة الحكم العنصري، وخلال ذلك تعرض لحادث سيارة أصابه بتلف في الدماغ واضطره للعودة إلى إيطاليا. المثير في قصته هو أنها حدثت في وقت تشكّل جنوب إفريقيا الجديدة وتحررها، وحين عاد إليها بعد 15 عاماً، اكتشف أن كل شيء كان يعرفه عن جنوب إفريقيا لم يعد موجوداً.

هل تحرصين على أن تكون أفلامك ذات طابع تعليمي، بحيث يتناسب ذلك مع الجهود التي تقومين بها في جعل الأفارقة يؤمنون بثراء قارتهم وبقدراتهم، أم إنها أفلام ذات طابع فني بحت يتناسب مع المهرجانات والعروض الخاصة؟

- أفلامي موجّهة للجميع، ولا أقدم أفلام مهرجانات، ربما قدمت فيلماً واحداً من هذا النوع وهو فيلم «صرخة الحب» (Cry of Love) الذي يناقش قضية العنف ضد الأطفال في بعض الدول الإفريقية. من أجل تصوير هذا الفيلم سافرنا إلى خمس دول إفريقية للبحث في هذه القضية. بالإضافة إلى ذلك لدي أفلام أخرى تتحدث عن قضايا قاسية في المجتمع الإفريقي لكننا نحاول عرضها بطريقة ممتعة قليلاً، وذلك عن طريق إدخال بعض الفقرات الفنية والموسيقية. وبالفعل عرضنا أفلامنا هذه في عدد من الجامعات والمعاهد ولقيت قبولاً كبيراً. ويأتي ذلك ضمن جهودي لدعم حقوق الإنسان في إفريقيا.

ماذا عن جهودك الأخرى لدعم الشباب، هل تم تقديم أي أفلام من جانبك ضمن برنامجك لدعم للشباب في إفريقيا؟

- نعم أنا أعمل في مجال دعم الشباب والأطفال منذ مطلع التسعينيات وقبل استقلال جنوب إفريقيا. كنت أقدم ورشاً تدريبية للأطفال؛ وخصوصاً في المناطق التي لا يلتحق فيها الأطفال بالمدارس. بالإضافة إلى ذلك، أقدم ورشاً للشباب ليتمكَّنوا من إيجاد حلول لبعض قضاياهم بطريقة إيجابية، أعرفهم بحقوقهم وبالكيفية التي يتمكنوا من خلالها من مساعدة الآخرين في مجتمعاتهم. عندما بدأنا مؤسسة الأطفال والإعلام لإفريقيا روَّجنا لموضوع أن الحقوق الإعلامية للأطفال تعادل في أهميتها الحقوق الأخرى، وأن أطفالنا من حقهم الوصول إلى التكنولوجيا كالأطفال في المجتمعات الأخرى، وأن الطفل الذي لا يملك اليوم قدرة على الوصول إلى التكنولوجيا، لن يكون قادراً على التعلُّم.

مشهد من «مدينة تدعى ديسنت»
مشهد من «مدينة تدعى ديسنت»




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً